قدم السفير ممثل جبهة البوليساريو بسويسرا والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف أبي بشرايا البشير مداخلة قوية أمام الندوة الدولية المنظمة بقصر الأمم المتحدة في جنيف يوم الأربعاء، تضمنت أدلة منطقية وواقعية، بخصوص حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، باعتبارها الحل السياسي الوحيد.
وهذا نص كلمة الدبلوماسي أبي بشرايا البشير :
لماذا استفتاء تقرير المصير، كان وسيبقى هو الحل “السياسي” الوحيد، “المتفق عليه بين الطرفين”، “الواقعي”، “القابل للتطبيق”، “الحل الوسط”، “الذي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”؟
- منذ أبريل 2007، تاريخ تقديم المغرب لمقترحه المتعلق بما يسمى “الحكم الذاتي”، تم الشروع، داخل مجلس الأمن الدولي من خلال “حامل القلم” ومجموعة “أصدقاء الصحراء الغربية”، بإحداث تغييرات تدريجية بإدخال كلمات وعبارات جديدة على قرارات المجلس في ما بدا دعما ضمنيا للمقترح وتمهيدا للالتفاف على استفتاء تقرير المصير، عبارات من مثل “حل سياسي”، “وسط”، “واقعي”، “متفق عليه”، “قابل للتطبيق”، “يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”.
- والحقيقة ان تلك العبارات، والتي كانت خلفية محرريها القفز على الاستفتاء، تكون، في النهاية، قد أقرت وكرست استفتاء تقرير المصير باعتباره الحل الوحيد الذي يجمع تلك المواصفات والكفيل بضمان تسوية سلمية، عادلة ونهائية للنزاع.
- فالاستفتاء “حل سياسي” بامتياز، وجاء نتيجة إقرار طرفي النزاع بوصول مقاربة “الحل العسكري”، التي كان كل منهما يتصور أن بإمكانه فرضه على الطرف الآخر بقوة النار، إلى الطريق المسدود.
ذلك الإقرار، سرعان ما فتح باب السياسة والتفاوض أحيانا بشكل مباشر وأحيانا اخرى بوساطات دولية، انتهت بنجاح الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية في الوصول إلى الاتفاق على مخطط التسوية لتنظيم استفتاء تقرير المصير وتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير بشكل ديمقراطي، مدني وشفاف، وبالتالي فالاستفتاء، بالإضافة لكونه سياسي، فهو ديمقراطي أيضا.
- الاستفتاء “حل وسط” بامتياز، فبموجبه، وبمعزل عن موقف جبهة البوليساريو التي تطالب بالاستقلال الوطني التام و المملكة المغربية التي تطالب بضم الاقليم بشكل كامل إليها، تُعطى الفرصة للشعب الصحراوي لاتخاذ القرار حول الوضع النهائي للاقليم دون تدخل أو ضغط من اي من الطرفين. فالشعب، في المنزلة الوسطى بين الطرفين هو من سيرجح كفة طرف على الآخر.
- الاستفتاء حل “واقعي”، لأنه يقدم جوابا شاملا للواقع دون اختزاله في جانب واحد، فالواقع في الصحراء الغربية لا يمكن اختزاله في الوجود المغربي من خلال مشروع الاحتلال العسكري الاستيطاني في الجزء الواقع تحت سيطرته.
هناك أيضا الواقع الوطني الصحراوي في الجزء المحرر وهناك دولة، عضو مؤسس في الاتحاد الأفريقي ولها علاقات دبلوماسية واسعة، وتشكل إطارا لكل الصحراويين بمن فيهم الموجودون تحت الاحتلال ذاته. الواقع الوطني الصحراوي لا يمكن تجاهله، والاستقلال يجب أن يبقى خيارا أمام الصحراويين للاختيار وهو ما يكفله الاستفتاء.
الالتفاف على الاستفتاء من خلفية تجاوز الاستقلال بسبب “لاواقعيته” هي نظرة مختزلة مجتزأة، وبالتالي غير واقعية.
- الاستفتاء هو الحل الوحيد “المتفق عليه” إلى حد الآن بين طرفي النزاع وبرعاية أممية إفريقية، في إطار مخطط التسوية الأصلي الذي كان يقضي بتنظيمه مطلع سنة 1992 أولا ثم نهاية سنة 1998 بموجب اتفاقيات هيوستن ووساطة جيمس بيكر. ليس ثمة تصور آخر متفق عليه بين الطرفين، وقد لا يحدث أبدا.
- الاستفتاء حل “قابل للتطبيق”، لسببين، الأول، لأن الأمم المتحدة لديها خبرة وتجارب ناجحة في تطبيقه أبرزها، استفتاء تيمور الشرقية سنة 1999، وآخرها الاستفتاء في جنوب السودان سنة 2011.
الثاني، وهو أن الامم المتحدة عن طريق بعثتها في الصحراء الغربية – مينورسو، كانت خلال مرحلتين قد أكملت تقريبا كل عملية التحضير التقنية لتنظيم الاستفتاء، بما فيها تحديد هوية المصوتين بنسبة 85 بالمائة، مخطط عودة اللاجئين، تمركز قوات الطرفين …الخ. الفرق الوحيد، بالمقارنة مع التجارب الناجحة في تطبيق الاستفتاء، هو غياب الإرادة لدى المغرب أولا ولاحقاً لدى مجلس الأمن الدولي لتطبيقه.
- الاستفتاء هو الحل الوحيد الذي “يضمن حق تقرير مصير شعب الصحراء الغربية” وفقا لمبادئ وميثاق الامم المتحدة. الحلول الأخرى هي مصادرة لذلك الحق والتفاف عليه.
- ما يسمى بمقترح “الحكم الذاتي”، بالإضافة لكونه، ليس “حلا وسطا”، و”غير متفق عليه”، و”غير واقعي” و “غير قابل للتطبيق” و “ولا يضمن حق تقرير المصير”، فهو تصور “رابح مطلق وخاسر مطلق”. فجوهر النزاع منذ البداية إلى اليوم هو “تحديد الوضع النهائي للإقليم”، بعبارة أخرى، من سيمتلك السيادة على الإقليم.
المقترح المغربي يحسم كل الموضوع لصالحه بشكل مسبق وبمعزل عن استشارة الشعب الصحراوي، المعني الوحيد بالحق في تقرير المصير. ولكي يكون من حق المغرب، منح الإقليم “حكما ذاتيا” عليه، أولا، أن يمتلك السيادة، وهو شرط مفقود خارج إرادة الشعب الصحراوي المالك الحصري لذلك الحق.