أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، أن “مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ليست مجرد تحدٍّ عابر أو ظرف مؤقت، بل هي تحدٍّ جماعي يتطلب عملاً مستمراً، وتعاوناً وثيقاً، ورؤية استباقية تضمن حماية المجتمعات وبناء مستقبل آمن للجميع”، مشيدًا بالتجربة الجزائرية كنموذج ناجح في هذا المجال.
وأوضح إبراهيم بوغالي، خلال كلمته في اليوم الدراسي حول “المقاربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة: تجربة، نجاحات، تحديات”، بمناسبة الذكرى 63 لعيد النصر أن “التجربة الجزائرية تقوم على مبادئ أساسية، أبرزها ضرورة تجفيف المنابع المادية والفكرية للإرهاب، وربط السلم والأمن بالتنمية، وتعزيز التنسيق والتعاون الدولي لمواجهة هذه الظاهرة بفعالية”.
وأشار إبراهيم بوغالي إلى أن “الجزائر استطاعت، بفضل تضحيات أبنائها وقرارات قيادتها الحكيمة، تحقيق انتصار حاسم على الإرهاب، دون أي دعم مادي أو معنوي من المجتمع الدولي آنذاك، لتصبح تجربتها نموذجًا يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي”، مضيفًا أن “محاربة الإرهاب والتطرف لا تقتصر على المواجهة الأمنية فحسب، بل تبدأ من اجتثاث الأفكار المنحرفة التي تغذيه”.
وفي هذا السياق، أكد إبراهيم بوغالي أن “الجزائر أولت عناية خاصة للخطاب الديني، حيث عملت على ترسيخ خطاب وسطي معتدل داخل المساجد، يسهم في نشر قيم التسامح والاعتدال، ويحارب كل أشكال الغلو والتطرف”، لافتًا إلى أن “هذا النهج شكّل ركيزة أساسية في المقاربة الشاملة التي انتهجتها الجزائر”.
وبخصوص التعاون الإقليمي والدولي، أوضح رئيس المجلس الشعبي الوطني أن “الجزائر تواصل تعزيز جهودها في مكافحة الإرهاب من خلال دعم الآليات والوكالات الإفريقية المتخصصة، خاصة المركز الإفريقي للدراسات والبحوث المتعلقة بالإرهاب (CAERT) وآلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي (AFRIPOL)”، مشددًا على أن “الجزائر تشرفت باحتضان مقري هاتين الآليتين”.
أما فيما يتعلق بالجريمة المنظمة، فقد حذر إبراهيم بوغالي من خطورتها، مشيرًا إلى أنها “أصبحت تشكل شبكة معقدة من الأنشطة الإجرامية، تمتد خيوطها من الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين إلى غسيل الأموال وتجارة الأسلحة والمخدرات، ما يستدعي استجابة شاملة ترتكز على الردع القانوني والتنسيق الأمني العابر للحدود والتعاون القضائي”.
وأضاف أن “الجزائر سارعت إلى تعزيز منظومتها القانونية والأمنية لمواجهة مختلف أشكال الجريمة المنظمة، حيث تم تصنيف جرائم مثل الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ضمن الجرائم المشددة، وإدراج تعريف دقيق للجماعة الإجرامية المنظمة في التعديل الأخير لقانون العقوبات لعام 2024”.
ونوّه إبراهيم بوغالي أن “الجزائر تولي أهمية خاصة لتعزيز أمنها الرقمي، حيث أقرّ رئيس الجمهورية إنشاء منظومة وطنية لحماية أنظمة المعلومات، إلى جانب تطوير إطار قانوني حديث يتيح استخدام أساليب تحقيق متطورة، مثل التسرب الإلكتروني وتحديد الموقع الجغرافي، بهدف تعزيز قدرة الدولة على التصدي للهجمات الإلكترونية ومكافحة الجريمة المنظمة في الفضاء الرقمي”.
وختم رئيس المجلس الشعبي الوطني كلمته بالتأكيد أن “معركة البناء والتنمية اليوم لا تقل أهمية عن معركة التحرير بالأمس، وواجبنا جميعًا هو المساهمة في نهضة الوطن، والحفاظ على وحدته، والتصدي لأي تهديد قد يمس سيادته”، مضيفًا أن “الجزائر، التي انتصرت بالأمس في معركة الاستقلال، وانتصرت لاحقًا على الإرهاب، قادرة اليوم، بفضل وعي شعبها وعزيمته، على رفع تحديات المستقبل وتحقيق التقدم والازدهار”.
عبد القادر. ب