منذ قدوم الرئيس عبد المجيد تبون إلى قصر المرادية والدبلوماسية الجزائرية تخطو خطوات عملاقة ، تمكنت من خلالها الجزائر استرجاع مكانتها بين الأمم، وهو ما ترجمته الأجندة المكثفة للعمل الدبلوماسي من خلال ما يقوم به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من زيارات آخرها الزيارة الرباعية إلى كل من (روسيا، قطر، الصين وتركيا)، إذ دامت زيارة العمل الرسمية 5 أيام في روسيا، في أطول زيارة خارجية للرئيس عبد المجيد تبون منتصف الشهر المنصرم ، زيارة لفتت الأنظار بالنظر إلى مدتها وبرنامجها المكثف، خصوصاً أن عبد المجيد تبون لم يسبق له أن أدى زيارة خارجية بهذه المدة منذ وصوله الحكم نهاية عام 2019.
وخطفت الزيارة الأضواء في البلدين وخارجهما، بالنظر إلى الظرف الدولي وحفاوة الاستقبال الرسمي الذي حظي به من طرف نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، والتي عكست عمق العلاقات بين الدولتين، بحسب ما عبر عنه مراقبون لوسائل إعلام عالمية.
وحظي رئيس الجمهورية في هذه الزيارة بحفاوة بالغة، تجلت رسمياً في تدشين ساحة بالعاصمة موسكو باسم “الأمير عبد القادر” أحد كبار مقاومي الاستعمار الفرنسي (1830 – 1962) مؤسس الدولة الجزائرية، وهو أول قائد عربي ومسلم يحظى بهذا التكريم من الروس.
كما أن الشق البروتوكولي في الزيارة، كان لافتاً في ظل حرص سلطات روسيا على إظهار الرئيس الجزائري في مقام “صديق الدولة” المضيفة. ووصفت وكالة “سبوتنيك” الروسية مراسم استقبال عبد المجيد تبون في الكرملين بأنها كانت في “مشهد مهيب” وسط البهو المخصص لاستقبال كبار الضيوف في القصر الرئاسي.
و أسفرت الزيارة عن توقيع “إعلان الشراكة الإستراتيجية المعمقة بين البلدين” دون الكشف عن فحواها، وجاءت لتحل محل “اتفاق الشراكة الإستراتيجية” الموقع بين البلدين عام 2001.
بعد روسيا اختار الرئيس عبد المجيد تبون قطر لتكون محطته الثانية والتي تندرج ضمن إطار تعزيز وتقوية العلاقات والدفع بها إلى المزيد من التطور في مسارات متنوعة.
ويعتبر خبراء أن هذه الزيارة دفعت بالمسار الاقتصادي نحو تطوير العلاقات والاستثمارات البينية، وتسريع جلب الاستثمارات القطرية المباشرة إلى الجزائر، إذ يعد مشروع “بلارة الجزائري القطري للصلب” من أبرز الاستثمارات القطرية في الجزائر، في ولاية جيجل، الواقعة شمال شرقي الجزائر العاصمة، على مساحة تبلغ نحو 216 هكتارا، وبتكلفة ملياري دولار.
و صرح سفير قطر في الجزائر، عبد العزيز على النعمة مطلع السنة أن الجزائر وقطر قطعتا خلال عام 2022 شوطا كبيرا في مسيرة العمل المشترك في سبيل الانتقال إلى مرحلة “الشراكة الإستراتيجية الواعدة”.
وقال السفير القطري في حوار مع وكالة الأنباء الجزائرية إن “عام 2022 كان حافلا بالإنجازات والقرارات الهامة والزيارات رفيعة المستوى، التي قطعت فيها العلاقات بين البلدين أشواطا كبيرة وفارقة في مسيرة العمل المشترك بينهما”.
وأورد أمثلة للاستثمارات القطرية بالجزائر على غرار “إنشاء المستشفى الجزائري القطري الألماني وكذلك الدخول إلى أسواق إنتاج الحليب وكذا توسيع نشاط الشركة الجزائرية القطرية للحديد والصلب بالمنطقة الصناعية بلارة ونشاطات أخرى ستتضح معالمها في الفترة القادمة كالنقل الجوي والبحري والسكك الحديدية وغيرها”.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن بيئة الاستثمار في الجزائر تقدم أفضل الضمانات والتسهيلات للاستثمارات الأجنبية، وهو ما تستهدفه زيارات الرئيس للعديد من الدول.
وتبحث الزيارة ملفات سياسية وقضايا إقليمية تشترك فيها قطر والجزائر، الأعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز، ومنظمة “أوبك”، من بينها أهمية مسارات استقرار سوق الطاقة العالمي في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة.
الصين كانت محطة عبد المجيد الثالثة، حيث دامت زيارته خمسة أيام تباحث فيها مع نظيره الصيني أهم القضايا المشتركة من جهة كما شملت مجالات الداخلية والتهيئة العمرانية والبحث العلمي والقضاء والتنمية الاجتماعية والطاقات المتجددة والهيدروجين من جهة أخرى.
ووفقا لوكالة رويترز، فإن للجزائر أهمية إستراتيجية للصين نظرا لموقعها على البحر المتوسط، وتعود العلاقات بين بكين والجزائر إلى أواخر الخمسينيات عندما كانت الجزائر تحارب من أجل استقلالها.
وشملت الاتفاقيات والمذكرات الموقعة بين البلدين عدة قطاعات كالنقل بالسكك الحديدية وتحويل التكنولوجيا، والتعاون الفلاحي والاتصالات، فضلا عن الرياضة والاستثمار والتعاون التجاري. كما شملت مجالات الداخلية والتهيئة العمرانية والبحث العلمي والقضاء والتنمية الاجتماعية والطاقات المتجددة والهيدروجين، وقطاعات أخرى حيث يبلغ حجم التجارة التبادل التجاري بين الصين والجزائر حوالي 7 مليارات دولار..
ولم يتوقف رئيس الجمهورية عند هذا الحد، بل قاد حركة دبلوماسية للبحث عن حلول للأزمة الروسية الأوكرانية، تداولتها وسائل الإعلام العالمية، كما تحدث مؤخرا وبشكل صريح عن رفض الجزائر لأي تدخل عسكري بالنيجر، ودعمها للشرعية الدستورية في هذا البلد الجار.
هي إذن زيارات مكوكية جال فيها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وصال بين أكبر الدول المؤثرة في العالم اليوم سياسيا اقتصاديا ودبلوماسيا، ووفق مبدإ ” الندّية ” في العلاقات، وهي سياسة أرادها الرئيس عبد المجيد تبون لان تكون ديدن إستراتيجية للجزائر الجديدة اليوم ، جزائر كانت ولازالت سيدة قراراتها ، جزائر حرة ومساندة لقضايا التحرر في العالم، جزائر قوية قوة دبلوماسيتها السياسية وحتى الاقتصادية من خلال السياسة الرشيدة لرئيسها من جهة وقوة جيشها الوطني الشعبي من جهة أخرى . لأن الجزائريين ببساطة ” ولدوا أحرار وسيبقون أحرارا في قراراتهم “.
أخبار دزاير : ربيع فخر الدين