أخذت الحروب الناعمة شكلا جديدا وخطيرا للغاية عقب إدماج الذكاء الاصطناعي في هذا النوع من الحروب، إذ انتقل العالم من حروب الجيل الخامس إلى حروب الجيل السادس، التي تتميز بلامركزية الميدان وتعدد الجبهات في وقت واحد. ويتم الاستهداف عبر الفضاء الإلكتروني، والإعلام، والاقتصاد، وحتى المجال البيولوجي بشكل متزامن، مع سرعة في التنفيذ بفضل استخدام الأنظمة الذكية.
وتركز حروب الجيلين الخامس والسادس على ما يُعرف بهندسة الوعي، عبر توظيف تقنيات واستراتيجيات متطورة عبر منصات التواصل الاجتماعي للتلاعب بالعقول، وتوجيه المعتقدات والأفكار وإحداث الانقسامات بواسطة الإعلام، والذكاء الاصطناعي. والهدف نشر الفوضى، تشويه المكاسب الوطنية، وزعزعة الثقة بين الشعوب وقياداتها، مما يجعل أمن الدول واستقرارها عرضة للاستهداف المنظم والمدروس.

وفي هذا السياق، جاءت كلمة الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، خلال زيارة عمل وتفقد قادته اليوم إلى الناحية العسكرية الرابعة. حيث شدد، في كلمة توجيهية ألقاها أمام إطارات ومستخدمي الناحية، على ضرورة التصدي للاستخدام الخطير للدعاية الهدامة والمضللة وتعزيز الحس الأمني لدى الأفراد والجماعات، قائلاً: “وبهذه المناسبة، يجب التأكيد على ضرورة التصدي للاستخدام الخطير للدعاية الهدامة والمضللة، في ظل التطور الهائل لتكنولوجيات الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية. فالأخبار الكاذبة والتلاعب بالمعلومات أصبحت أسلحة فتاكة تستخدم لتحقيق أهداف سياسية مشبوهة.”
وأضاف الفريق أول السعيد شنقريحة:”من هذا المنطلق، من الأهمية بمكان تعزيز الحس الأمني لدى الأفراد والجماعات، وترسيخ ثقافة إعلامية وطنية صلبة، من خلال تحفيزهم على التحقق من صحة المعلومات بالرجوع إلى مصادر موثوقة والتثبت منها قبل تصديقها أو مشاركتها، وعدم الانسياق وراء العناوين المثيرة والمحتويات المضللة.”
وأشار أيضاً إلى أن التصدي للحملات المغرضة التي تستهدف الإضرار بصورة الجزائر هو واجب على كل وطني غيور، قائلاً: “إن تطوير التفكير النقدي يساعد في حماية مجتمعنا من الوقوع في شراك الدعاية التي تهدف إلى التأثير على الرأي العام الوطني وخلق حالة من الشك وعدم الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطن، لتوجيهه وفق أجندات خفية.”
وختم الفريق أول السعيد شنقريحة بالتأكيد: “وعليه، فإن التصدي للحملات المغرضة التي تستهدف الإضرار بصورة الجزائر هو واجب على كل وطني غيور على وطنه. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال التحلي بأعلى درجات الوعي واليقظة والالتزام الوطني، والسهر على إحباط كافة هذه المخططات الدنيئة التي تستهدف أمن واستقرار بلادنا ووحدتها الترابية والشعبية.”
وتستخدم حروب الجيل السادس الذكاء الاصطناعي بشكل واسع، إضافة إلى الهجمات السيبرانية الشاملة، والروبوتات، والطائرات بدون طيار، وتقنيات التزييف العميق، وفق استراتيجيات دقيقة تستهدف السيطرة على عقول الشعوب بدلاً من السيطرة على الميدان.
وتتنوع أدوات وأساليب حروب الجيل السادس بين الهجمات السيبرانية لشَلّ البنية التحتية الرقمية، وتعطيل شبكات الطاقة، وتدمير قواعد البيانات الحساسة، بالإضافة إلى استخدام الروبوتات المقاتلة والطائرات بدون طيار لتنفيذ ضربات دقيقة.
كما تشكل الأسلحة البيولوجية الرقمية أحد ملامح هذه الحروب، عبر التلاعب بالأنظمة البيولوجية باستخدام الهندسة الوراثية. وتستغل كذلك استراتيجيات الهندسة الاجتماعية لخداع الأفراد والحصول على معلومات حساسة، مع الاعتماد على التزييف العميق لصناعة محتويات مضللة تستهدف خداع الرأي العام وتشويه الشخصيات السياسية والقيادية.
وختاما، فإن مواجهة هذا النوع من الحروب الناعمة يتطلب انخراط كل الجزائريين كل من موقعه وبالأخص الإعلام في الاستراتيجية الدفاعية، ” من خلال التحلي بأعلى درجات الوعي واليقظة والالتزام الوطني، والسهر على إحباط كافة هذه المخططات الدنيئة التي تستهدف أمن واستقرار بلادنا ووحدتها الترابية والشعبية”، وفق ما أوضحه الفريق أول السعيد شنقريحة في كلمته، التي قدم فيها الأسس التي تستند عليها آليات التصدي لهذا النوع من الحروب.
محمد. ي