أبطل القضاء الفرنسي قرار وزير الداخلية برونو روتايو بترحيل المؤثر الجزائري بوعلام نعمان المعروف باسم “دواليمن”، حيث أكد القاضي المكلف بالملف اليوم الأربعاء أن قرار ترحيله إلى الجزائر على أساس إجراءات الطوارئ التي اعتمد عليها وزير الداخلية الفرنسي لم يكن لها ما يبررها في رأيه.
واعتبر القاضي أن وجود المؤثر الجزائري بوعلام نعمان في فرنسا “لا يشكل خطرا وشيكا على النظام العام لدرجة تبرير طرده على وجه الاستعجال المطلق،” مشيرا إلى ” أن السلطة القضائية لم تعتبر أنه من المفيد وضعه في الحبس الاحتياطي أو حتى تحت إشراف قضائي” ، وفق ما نقلته صحيفة لوفيغاور.
وقد أطلق سراح المؤثر الجزائري من الحجز، وتلقى استدعاء من طرف القضاء ليوم 24 فيفري القادم.
وأكد القضاء الفرنسي بإصداره هذا القرار وجاهة الموقف الجزائري، ورفض السلطات الجزائرية استقبال المؤثر بوعلام نعمان المدعو “دواليمن”، حيث أصدرت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية بيانا حينها فضحت فيه اليمين المتطرف الفرنسي، وتورطه وراء حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر.
وجاء في نص البيان “لقد انخرط اليمين المتطرف المعروف بخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية، عبر أنصاره المُعلنين داخل الحكومة الفرنسية، في حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر، مُعتقداً بأنه قد وجد ذريعةً يشفي بها غليل استياءه وإحباطه ونقمه. ”
وأوضح البيان أنه “على عكس ما يدعيه اليمين المتطرف الفرنسي ووكلاؤه والناطقون باسمه، فإن الجزائر لم تنخرط بأي حال من الأحوال في منطق التصعيد أو المزايدة أو الإذلال. بل على خلاف ذلك تماماً، فإنّ اليمين المتطرف ومُمثليه هم الذين يريدون أن يفرضوا على العلاقات الجزائرية-الفرنسية ضغائنهم المليئة بالوعيد والتهديد، وهي الضغائن التي يفصحون عنها علناً ودون أدنى تحفظ أو قيد. ”
وفصلت وزارة الشؤون الخارجية حول حقيقة خادثة الطرد التعسفي لمواطن جزائري من فرنسا نحو الحزائر، حيث شددت أن عذا الطرد التعسفي أتاح “لهذه الفئة التي تحن إلى ماض ولى بدون رجعة، الفرصة لإطلاق العنان لغلِّها الدفين ولحساباتها التاريخية مع الجزائر السيّدة والمستقلة.”
وتابع البيان “ولسوء حظ هذه الفئة، فإنّ اختيار هذه الفرصة لم يكن صائبا البتة، على اعتبار أنّ المواطن الذي صدر في حقه قرار الطرد يعيش في فرنسا منذ 36 عامًا، ويحوز فيها بطاقة إقامة منذ 15 عامًا. كما أنه أب لطفلين ولدا من زواجه من مواطنة فرنسية، فضلا على أنه مُندمج اجتماعيًا كونه يمارس عملا مستقرا لمدة 15 عامًا.”
وأكدت وزارة الشؤون الخارجية في بيانها “إنّ كل هذه المعطيات تمنحه بلا شك حقوقاً كان سيُحرم من المطالبة بها أمام المحاكم الفرنسية والأوروبية بسبب قرار طرده المُتسرع والمثير للجدل. ونتيجة لذلك، لم تُتح لهذا المواطن فرصة الاستفادة من محاكمة قضائية سليمة تحميه من التعسف في استخدام السلطة، خاصة وأنّ تنفيذ قرار طرده كان سيحرمه من الدفاع عن حقوقه خلال المحاكمة المقررة في 24 فيفري من هذا العام.”
وأشار البيان “وعلاوة على ذلك، وفي انتهاك صريح للأحكام ذات الصلة من الاتفاقية القنصلية الجزائرية الفرنسية الموقعة في 24 ماي 1974، لم يعتقد الطرف الفرنسي أنه من الضروري إبلاغ الطرف الجزائري لا بتوقيف هذا المواطن، ولا اعتقاله، ولا احتجازه، ولا حتى قرار طرده. كما أنّ الطرف الفرنسي لم يتجاوب مع الطلب الذي تقدَّم به الطرف الجزائري بغية ضمان الحماية القنصلية لفائدة المواطن المعني من خلال حق الزيارة. ”
وشددت الجزائر أنه “بالنظر إلى كل هذه التجاوزات وكل هذه الخروقات للحقوق المكتسبة من قبل المواطن الجزائري على الأراضي الفرنسية، فإنّ القرار الجزائري بخصوص هذه القضية قد أملاه الحرص على السماح لهذا المواطن بالردّ على الاتهامات الموجهة إليه والمطالبة بحقوقه والدفاع عن نفسه في إطار مسار قضائي عادل ومنصف يأخذ مجراه على التراب الفرنسي”.
ويؤكد هذا القرار القضائي الفرنسي أيضا أن الجزائر الجديدة كانت على حق في موقفها الرافض لاستقبال المؤثر الجزائري بوعلام نعمان، ويفضح في الوقت ذاته محاولة بعض الأطراف المحسوبين على اليمين المتطرف داخل الحكومة الفرنسية واستغلال القضية لأغراض سياسية.
كما يعكس بالمقابل تمسك الجزائر بسيادتها ورفضها لأي إجراءات أحادية قد تمس بمواطنيها، في ظل محاولات اليمين المتطرف الفرنسي لتوجيه العلاقات الجزائرية-الفرنسية نحو التوتر عبر حملات التضليل والتشويه المتواصلة منذ فترة.
عبد القادر. ب