تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في كل من مالي وبوركينافاسو والنيجر على خلفية قرار الشعوب في هذه البلدات التحرر من الهيمنة الفرنسية، حيث أكد متتبعون للشأن الإفريقي أن الهجمات التي لم تكن تتجاوز هجوما واحدا شهريا صارت أكثر حدة وبأسلحة نوعية لأول مرة، وهو مؤشر قوي حسبهم عن علاقة هذه التنظيمات الإرهابية بالمخابرات الفرنسية.
وبرأي المتتبعين، فإن المخابرات الفرنسية لم تتوقف عند حدود دعم تنظيمي داعش وما يسمى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ” القاعدة ” إلى اختراق قيادات القوات الأزوادية من خلال استغلال المعارض النيجري ومستشار الرئيس المخلوع محمد بازوم الذي قام بتجنيد فرق انضمت للحركات المسلحة في شمال مالي.
ودعا غيسى أغ بولا عناصره إلى الانضمام إلى القوات الأزوادية ومهاجمة جيوش مالي، النيجر وبوركينافاسو بعد انتفاضتها ضد التواجد الفرنسي بالمنطقة، بل والمطالبة بالانفصال.
ودارت مؤخرا اشتباكات مسلحة بمنطقة كيدال الاستراتيجية الواقعة شمال مالي، موازاة مع استئناف حركات الأزواد لهجماتها بدعم فرنسي مع نهاية شهر أوت.
واعترف رئيس المجلس العسكري في النيجر قبل فترة أن تواجد القوات الفرنسية أدى إلى ازدياد عدد الإرهابيين، حيث أوضح رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني في حوار مع القناة الرسمية أن القوات الفرنسية جاءت “لاجتثاث الإرهاب”، ولم تفشل “في طرد الإرهابيين فحسب، وإنما ازداد عدد الإرهابيين”.
وقد شرعت القوات الفرنسية أمس الإثنين في مغادرة النيجر نحو فرنسا تحت حراسة أمنية مشددة، حيث تم تحديد دفعة أولى، في انتظار باقي القوات المتمركزة في النيجر والمرفوضة شعبيا، إذ انتفضت المنظمات والجمعيات الناشطة مطالبة بطرد كل القوات الفرنسية الراعية للإرهاب في إفريقيا.
وذكرت هيئة الأركان العامة للجيش الفرنسي إن هذه العملية ستسمح بعودة جميع الجنود إلى فرنسا قبل نهاية العام، نتيجة الرفض الشعبي للتواجد الفرنسي على الأراضي النيجرية.
من جهة أخرى، أعلن إبراهيم تراوري قائد المجلس العسكري ببوركينافاسو في مقابلة مع التلفزيون الرسمي أن البلاد “في حالة حرب”، وأن “الأمن هو الأهم”، وأشاد في نفس الوقت “بحسن تعاون” المدنيين الذين يعول على تجنيدهم في إطار مجموعة “المتطوعين للدفاع عن الوطن” لمساعدة الجيش في التصدي للجماعات المسلحة.
المخابرات الفرنسية في مهمة للتشويش على اتفاق السلم والمصالحة في مالي
تتعرض كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو منذ توقيف علاقاتها مع فرنسا لهجومات إرهابية متزامنة، مع تزايد نشاط الجماعات الإرهابية، في وقت دخل ما يسمى الجيش الوطني الأزوادي على الخط بشنه هو الآخر هجومات على الجيش المالي، في إطار خطة فرنسية قذرة لضرب اتفاق المصالحة الذي رعته الجزائر.
ونشر ما يعرف بالجيش الوطني الأزوادي بيانات بشكل متزامن مع تنظيم القاعدة من خلال ما يعرف بجماعة نصرة الإسلام والمسلمين وداعش وهو ما يؤكد أن هذا التحرك يعود لأداة توجيه واحدة والمتمثلة في المخابرات الفرنسية التي تلعب آخر أوراقها في منطقة الساحل.
وفي هذا الإطار، نشر ما يسمى بالجيش الوطني الأزوادي بيانا بتاريخ 30 سبتمبر 2023 كشف فيه عن السيطرة على قاعدة عسكرية للجيش المالي في جورا، فيما كشف بيان منسوب لـ”جماعة نصرة الاسلام والمسلمين” التابع لتنظيم ” القاعدة ” بتاريخ 1 أكتوبر الجاري بيانا أعلن فيه عن بدء حصار جزئي على مدينة غاوا شمال مالي.
وفي سياق متصل، ذكرت وزارة الدفاع النيجرية مقتل 7 جنود قبل نحو أسبوعين في هجوم غربي البلاد نفذه مسلحون مجهولون، كما قتل 5 جنود آخرون في حادث سير وقع أثناء عملية التدخل ردا على هذا الهجوم، وسط تزايد للجماعات المسلحة في عدة مناطق خصوصا تلك القريبة من الحدود مع مالي وبوركينا فاسو.
و أعلن تنظيم داعش في بيان له يوم 28 سبتمبر الفارط عن شن هجوم على موقع للجيش النيجري في “كاندادجي” بإقليم “تيلابيري”.
وعلى صعيد آخر، كشفت قبل يومين القوات المسلحة المالية في بيان لها عن السيطرة على أنفيس الاستراتيجية أحد اهم معاقل المتمردين الانفصاليين، ووصفت ذلك بـ ” ضربة قاسية للمتمردين وشركاؤهم الغربيين، الذين استخدموا هذه المنطقة لفترة طويلة كمعقل لهم. وتجري التقييمات لتحديد مدى الأضرار وعدد الإرهابيين الذين تم القبض عليهم. ”
وأكد رئيس أركان الجيش الجنرال عمر ديارا أن “الجيش المالي حقق تقدما هائلا، حيث أصبح قوة عسكرية مجهزة بأحدث تقنيات الجيل منذ وصول العقيد عاصمي غويتا رئيسا للمرحلة الانتقالية في مالي”.
وبرأي المتتبعين، فإن المخابرات الفرنسية ورغم توفيرها للسلاح والخطط لأدواتها سواء ما يعرف بالجيش الوطني الأزوادي أو التنظيمات الإرهابية المسلحة الناشطة بمنطقة الساحل، اصطدمت بإصرار المجالس العسكرية بهذه البلدان المدعومة شعبيا على مواجهة الإرهاب بكل قوة وعدم التنازل لصالح فرنسا التي تسعى للعب آخر ورقة لها على أمل العودة للسيطرة على هذه الدول الإفريقية مرة أخرى.
أخبار دزاير : عبد القادر. ب