مع انطلاق العام الدراسي الجديد، بدأ معه الحديث عن واقع التعليم ببلدية برج عمر إدريس، شمال ولاية اليزي، أين عرفت نسبة النجاح في امتحانات شهادة البكالوريا تراجعا مقلقا في السنوات الثلاث الأخيرة.
فبعد أن بلغت نسبة النجاح في البكالوريا 52 %عام 2019، تراجعت إلى 28 % سنة 2020 ثم تهاوت إلى 21 % في دورة جوان 2021.
هذه النسبة أسالت الكثير من الحبر وأفرزت نقاشات بين مختلف شرائح المجتمع و داخل مختلف المجموعات بالفضاء الأزرق فايسبوك، حيث دق السكان جرس الإنذار مطالبين بضرورة تكافل وتظافر الجهود من أجل ايجاد الحلول الناجعة.
“أخبار دزاير” أخذت أراء مختلف الفاعلين في المجتمع المدني و كذا العاملين بالحقل التربوي في هذه البلدية.
أولياء التلاميذ .. الحلقة المفقودة
أكد مستشار التوجيه بثانوية محمد بوضياف على ضرورة تفعيل دور جمعية أولياء التلاميذ من أجل مد جسور التواصل بين الأسرة و المدرسة، حيث استغرب محدثنا عن غياب بعض الأولياء حتى بعد إرسال إنذارات الغياب الخاصة بأبنائهم أو اتخاذ الاجراءات القانونية تجاه المخالفين.
وأضاف “أغلب التلاميذ يخرجون من تلقاء أنفسهم أسبوع قبل بدء العطلة و يلتحقون أسبوع آخر بعد العطلة. وهو مايجعل الأستاذ يعمل في ضغط من أجل تدارك الحجم الساعي المخصص للمادة وهو ما يؤثر بصفة مباشرة على النتائج في الامتحانات الرسمية”.
وبلغة الأرقام، أوضح مدير ثانوية محمد بوضياف بأن نسبة الطلبة المعيدين الحائزين على البكالوريا العام الماضي فاقت نسبة الطلبة الجدد و أن المعدلات تتراوح مابين 9.50 إلى غاية 12.00 و هي معدلات لا تمكن الناجحين من دراسة تخصصات تحتاجها المنطقة بل ربما على المدى المتوسط لن نجد معلمين و أساتذة من أبناء المنطقة فضلا عن أطباء.
ميلود الحداد، أحد الأولياء الذين حاورناهم، تأسف لعزوف معظم الأولياء عن متابعة أبنائهم بصفة نظامية على مدار العام الدراسي. و بحسبه فإن هذا راجع إلى غياب الوعي لدىهم و كذا غياب دور الطبقة المثقفة و الحركة الجمعوية في توعية المجتمع. مؤكدا في الوقت نفسه على أن اتساع هذه الفجوة لا تشجع الاستاذ و تؤثر سلبا على أدائه مع مرور الوقت.
و في هذا الصدد، دعا أحد الأساتذة الطلبة الجامعيين إلى ضرورة التحرك وتنشيط الساحة الفكرية بالمنطقة التي تعرف ركود بحسبه، وذلك قصد رفع مستوى الوعي المجتمعي، مشيدا في الوقت نفسه ببعض المبادرات التي يقوم بها من حين لآخر فوج قدماء الكشافة.
وبالمقابل، أجمع مختلف الأساتذة على ضرورة ايلاء أهمية لظروف السكن الخاصة بالأستاذ، حيث أن إهمال الوصاية لهذا الجانب لا يشجع على استقرارهم بالمنطقة وهو ما يبرر تزايد طلبات الخروج، خاصة لدى الأساتذة المتزوجين المقيمين بمراقد العزاب لعدم تمكنهم من إحضار عائلاتهم.
نعمة التفوق.. ونقمة الغش !
مسألة الغش نالت بدورها حيزا كبيرا في نقاشات مختلف المتحدثين لأخبار دزاير، إذ لا يكاد يختلف اثنان على أنها أصبحت ظاهرة مغروسة في ذهنية التلميذ نتيجة الدور الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي الرقمية التي ساهمت في الترويج لها.
يقول أحد الأساتذة “أن هناك تلاميذ يبررون لاعتماد الغش و من المعولين عليه أثناء الامتحانات الرسمية. فلا يجتهدون خلال العام الدراسي فحسب بل أصبحو يؤثرون على التلاميذ المجتهدين، الشئ الذي ساهم في تردي المستوى التعليمي.”
ويقول آخر “بأنه دخل في سجالات مع بعض الأشخاص في المجتمع جراء عدم سماحه لعملية الغش في الامتحانات الرسمية و أنه يفكر جديا بطلب إعفائه من مهام الحراسة هذا العام”.
و يتابع “الضحية في كل هذا هو التلميذ الذي يحدث له انفصام بين التوجيهات التي يتلقاها في المدرسة و الخطاب المهيمن في الشارع و الذي له تأثير كبير على ذهنيته، لذا ينبغي تظافر جهود الأسرة و المدرسة للقضاء على هذه الظاهرة لأن تلميذ اليوم هو رجل الغد”.
الضعف البيداغوجي وتأثيره السلبي !
يرى المعلم بوجمعة صالح حمادي، 32 سنة خبرة في ميدان التعليم، أن ” الضعف البيداغوجي للأساتذة له تأثير سلبي في التحصيل العلمي للتلاميذ و بالتالي في ضعف النتائج الرسمية خلال الامتحانات وهذا راجع لعدم وجود منهجية حقيقية للتدريس”.
ويتابع قائلا”بأن الامتحانات المهنية التي تنظمها الوزارة تسمح بتوظيف و توجيه المتحصلين على شهادة الليسانس و الماستر مباشرة من الجامعة نحو حجرات الدراسة دون تكوينهم كما كان معتمدا في السابق”.
وأردف “بعض الأساتذة لا يعرفون حقيقة الدور المنوط بالمدرسة ولايملكون المهارات اللازمة في تحبيب الدراسة للتلميذ”، قبل أن يضيف “ضعف الإدارة في عملية التواصل مع الأساتذة وعدم توفير الجو المناسب لأداء مهامهم التربوية يؤثر سلبا على النتائج المتحصل عليها”.
وفي السياق نفسه، تعزو إحدى الأمهات اللواتي تحدثن إلى “أخبار دزاير “ضعف النتائج التربوية إلى ضعف التكوين النفسي و البيداغوجي لدى المراقبات و المراقبين العاملين في مختلف المؤسسات التربوية. إذ أن أغلبهن لم يتحصلن على دورات تكوينية متخصصة في كيفية التعامل مع البنات و البنين و تقويم سلوكهم خاصة في سن المراهقة”.
خلاصة القول..
في تعليقه حول نتائج شهادة البكالوريا لدورة جوان 2021، كتب منير سناتي، أحد إطارات البلدية ورئيس إحدى دوائر ولاية وادي سوف، في مجموعة “هنا برج عمر إدريس” بالفيسبوك : بأنه ” لابد من تشكيل خلية أزمة تضم كل الفواعل في الحقل التربوي والجمعوي وأئمة المساجد والطلبة الأوائل في مختلف الجامعات ومسؤولين محليين وغيرهم للنهوض بالنتائج المدرسية عموما والبكالوريا على وجه الخصوص وذلك لتفادي هذه الوضعية غير المشرفة صراحة”.
إليزي: إبراهيم بودة