Lecture analytique et critique du rôle du MINURSO au Sahara Occidental depuis trente ans
بقلم : أ.د نبيلة بن يوسف/ جامعة مولود معمري تيزي وزو(الجزائر) كلية الحقوق والعلوم السياسية.
ملخص باللغة العربية:
تهتم الأمم المتحدة بمسائل استقلال الشعوب وتحررها تماشيا ومبدأ تقرير المصير الذي تبنته منذ نشأتها، ولقد نجحت في تحقيق حلم الاستقلال لعديد الشعوب المحتلة، وكذا تسوية عديد النزاعات والصراعات الدولية في قارات العالم أجمع.
ومن قضايا الاحتلال التي لا تزال عالقة وتعد رهانا حقيقيا بالنسبة للأمم المتحدة “قضية الصحراء الغربية” آخر المستعمرات في القارة الافريقية، لشأنها أقرت عديد المقررات وشكلّت هيئة أممية “المينورسو” تحضيرا لاستفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، وارتأينا طرح إشكالية حول مدى قدرة المينورسو على تحقيق هدفها التي أنشأت لأجله على مدار الثلاثين عاما؟
تطرقنا في قرأتنا النقدية لدور هيئة المينورسو في قضية الصحراء الغربية إلى نشأة الهيئة الأممية وأهدافها والعراقيل التي واجهتها، حتى نتمكن من تحليل الدور الذي قامت به خلال تواجدها بالمنطقة، وتوصلنا في نهاية القراءة إلى مقترح سيناريوهات اهتمت بـحالات إنهاء مهمة المينورسو في الصحراء الغربية.
الكلمات المفتاحية: المينورسو، البوليساريو ، المغرب، الأمم المتحدة، الصحراء الغربية.
Abstract :
L’ONU se préoccupe des questions d’indépendance et de libération des peuples conformément au principe d’autodétermination qu’elle a adopté depuis sa création. Elle a réussi à réaliser le rêve d’indépendance de nombreux peuples occupés, ainsi qu’à régler de nombreux conflits sur tous les continents du monde.
Parmi les questions de l’occupation des peuples opprimés, qui ne sont toujours pas résolues, et qui constituent véritablement un pari pour les Nations Unies, figure la « question du Sahara occidental », la dernière des colonies du continent africain, pour cela, L’ONU a approuvé plusieurs décisions et elle a constitué un organisme spécifique (MINURSO) en vue d’un référendum d’autodétermination du peuple sahraoui, notre sujet propose une problématique sur l’étendue de la capacité du MINURSO a atteindre ses objectifs pour lesquels a été créée depuis trente ans ?
Dans notre lecture critique du rôle de MINURSO dans la question du Sahara occidental, nous avons évoqué ses objectifs ainsi les obstacles auxquels elle a été confronté, afin d’analyser le rôle qu’elle a joué lors de sa présence dans la région. On a fini par donner des scénarios .
Mots clés : MINURSO , Polisario, Maroc, Nations Unies, Sahara Occidental.
مقـــدمة:
عقدت الأمم المتحدة العزم على احترام الشعوب من خلال مبدأ تساوي جميع الشعوب في الحقوق وعلى رأسها حق تقرير المصير، وكفالة حقوق الانسان والحريات الأساسية دون تمييز بين العرق أو الجنس أو اللّغة أو الدين، و إدراكها أن الحرية مسعى كل مظلوم وهي بذلك تحترم كل الشعوب الساعية والتواقة إلى الاستقلال مع رغبة محو الاستعمار بجميع مظاهره، منعا للظلم وتوقا للسلم والتنمية.
ولما كانت مساعيها خيّرة، آخذة الدور المحوري للوقوف إلى جانب حركات التحرر في الأقاليم المختلفة من أسقاع العالم، اعتمدت لذلك الغرض الجمعية العامة قرار رقم 1514 بتاريخ 14 ديسمبر1960 إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، وإن استطاعت أن تقف لجانب عدد كبير من الأقاليم في دفاعها المستميت نحو التحرر إلا أنها توقفت أمام قضية طال أمدها زمنيا واعتبرت قضية التحرر الأخيرة في القارة الافريقية؛ وهي قضية “الصحراء الغربية”.
كانت البعثات الأممية حلا لكثير من النزاعات والأزمات في العالم ولعدد من الأقاليم المقهورة تحت نير الاستعباد الأجنبي واستغلاله، وكان لقضية الصحراء الغربية نصيبا في تشكيل بعثة أممية للاستفتاء حول الصحراء الغربية، فإلى أي مدى استطاعت بعثة الأمم المتحدة (المينورسو) أن تحقق الهدف الذي أنشأت لأجله؟
وسيتم تحليل الموضوع من خلال محاور ثلاث هي كالآتي؛
1ـــ ظروف نشأة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو)
2ــ الاختلافات المحورية بين أطراف النزاع
3ــ عثرات المينورسو وإدارة الفشل
4ــ سيناريوهات انهاء عمل البعثة الأممية “المينورسو”.
1ـــ ظروف نشأة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو)
تتجه الأمم المتحدة نحو التسوية السلمية وصولا للغرض الأسمى “السلم والأمن الدوليين” منذ نشأتها بعد الحرب العالمية الثانية(1945)، وقد صادفت في مسارها أزمات وصراعات دولية شديدة منها أزمة البوسنة ورواندا واستطاعت أن تجد لها حلولا.
وعلى ذاك النحو سارت في قضية الصحراء الغربية لما تدخلت منذ عام 1963 مصنفة إياها ضمن الأراضي التي لا تخضع للحكم الذاتي، وطالبت اسبانيا بإنهاء الاستعمار فيها عام 1965، وفي العام الموالي اتخذت الجمعية العامة قرار قاضي بتنظيم استفتاء في الصحراء لتقرير المصير، لكنه تعطل لسنوات وقام خلالها الصحراويون لاسيما اللذين انضووا تحت لواء “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب” (بوليساريو)* بمواصلة الكفاح المسّلح ضد المحتل الأجنبي، وبعد إحصاء اسبانيا للساكنة الصحراوية عام 1974 الذي أصبح مرجعا للأمم المتحدة، أعلنت المملكة الاسبانية العزم على تنظيم استفتاء لتقرير مصير الصحراويين، ما أثار حفيظة المغرب ليقدم على إثرها دعوى لمحكمة العدل الدولية بمغربية الصحراء، ولم تـكمل المغرب السنة حتى راحت تنظم ما أٌطلقت عليه المسيرة الخضراء نحو الصحراء بمشاركة الآلاف من المغاربة في نوفمبر 1975 ومن يومها احتلت الصحراء تحت مبرر المرجعية التاريخية وخطابات البيعة بعيدا عن الاستناد القانوني، ما يعكس نيتها التوسعية في المنطقة.
محاولات حثيثة للتوسط بغية فض النزاع باءت بالفشل لعدة أسباب وعوامل وصولا إلى الاتفاق على إنشاء المينورسو.
تأسست هيئة المينورسو بقرار أممي لمجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 690 في أفريل 1991 واتخذت مدينة العيون مقرا لها، وبذلك أصبح لها 11 مركزا (مكتبا) في الصحراء موزعة بمدن صحراوية منها السمارة وأوسراد الواقعتين تحت الحكم المغربي، وفي مدينتي تفاريتي وميجك وبيير لحلو في المنطقة العازلة المعروفة وراء الحزام الأمني، وفي مخيمات اللاجئين الصحراويين بـمدينة تندوف في الجزائر.
تمثلت مهمتها الأساسية تنظيم الاستفتاء لتقرير المصير على شكل خيارين في بادئ الأمر؛ الاندماج مع المملكة المغربية أم الاستقلال عنها، وذلك بعد أن تخطت القضية مراحل طويلة نوجزها في ما هو آت؛
بعد تفكير حصل بين الأمين العام للأمم المتحدة “خافيير بيريز دي كويلار” ومنظمة الوحدة الإفريقي
* عام 1985 في إطار وضع الحلول السلمية، عرضت الفكرة على طرفي النزاع وكانت الموافقة عام 1988م، وأنشئت الهيئة الأممية بغرض الإشراف على الاستفتاء المصيري تحت تسمية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية ويشار إليها اختصارا “المينورسو” (MINURSO) لتصل إلى حل عادل وجذري.
تم نشر بعثة المينورسو في الصحراء الغربية منذ سبتمبر1991 تحضيرا لتنظيم استفتاء ومراقبة اتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب و جبهة البوليساريو، على أن ينظم الاستفتاء عام 1992 بعد فترة انتقالية استعدادا لمتعلقات الاستفتاء بين الاندماج أم الاستقلال عن المغرب.
طرحت الأمم المتحدة مشروع حل سياسي في عهد أمينها العام “كوفي عنان” مقدما أربع خيارات في 20 فيفري أمام مجلس الأمن الدولي جاء فيه؛
1ـ تنظيم استفتاء دون شرط الاتفاق بين طرفي النزاع
2ــ الحكم الذاتي للصحراويين في إطار السيادة المغربية
3ــ تقسيم الصحراء بين جبهة البوليساريو والمغرب وسحب بعثة المينورسو.
4- سحب الأمم المتحدة للمراقبين الدوليين العاملين في الصحراء وترك الأطراف المعنية وشأنها.
وفي إطار مواضيع اللجنة الرابعة؛ لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، قدمت عديد المشاريع والتوصيات والقرارات بخصوص قضية الصحراء، ونذكر من بينها عمليات نزع الألغام، حيث تعتبر الصحراء الغربية أكثر مناطق العالم الموبوءة بالألغام من خلال زرع المغرب حوالي عشرة ملايين لغم وأجسام متفجرة في الصحراء الغربية .
بقيت أعمال البعثة الأممية تدور تحت إطار حماية حقوق الانسان كالامتثال إلى قرار مجلس الأمن رقم 1429 عام 2002 الداعي لإطلاق سراح بقية سجناء الحرب امتثالا للقانون الانساني الدولي والذي بادرت إليه جبهة البوليساريو لما أفرجت عن مائة سجين حرب مغربي[1]، وبقيت مسألة المفقودين عالقة، وعديد المفاوضات من قبل الممثلين الخاصين تحت الاشراف الأممي لاسيما في العقد الأول من الألفية الجديدة تباينت بين التوقف تارة والتعثر تارة أخرى.
2ــ الاختلافات المحورية بين أطراف النزاع:
تواجه البعثة الأممية أعقد النزاعات الافريقية من خلال عدم ايجاد سبل التوافق بين الأطراف المتنازعة، ونورد الخلافات فيما هو آت؛
أولا: أحقية التصويت في الاستفتاء المنتظر، قدمت المغرب مئات الطعون تصر فيها على ضرورة اشراك قبائل صحراوية في قوائم المستفتين بعد أن كسبتها لصفها، وفي المقابل ترفض البوليساريو الفكرة وتوافق الاقتراح المقدم من طرف بعثة المينورسو القاضي بـحق تصويت الصحراويين كما حددتها اسبانيا عام 1974. وأنشئت في ماي 1993 “لجنة التحقق من الهوية” (هوية الناخبين الصحراويين الذين يحق لهم الاستفتاء) التابعة للبعثة الأممية تحت رئاسة “إيريك جينسن”، وأعلن عن تجميد عمل اللجنة بعد الخلافات الحادة بين الطرفين المتنازعين.
وبعد التوقيع على اتفاقية هوستن الشهيرة عام 1997 الناصة على تحديد هوية الناخبين في الاستفتاء، وتبادل أسرى المعارك وإعادة توطين اللاجئين راحت لتجمد عام 1995 لاعتبارات تذكر لاحقا في المقال.
بقيت ذات الخلافات حول من له أحقية التصويت على الاستفتاء حتى بعد تغيير القادة الحاكمين واعتلاء الملك “محمد السادس” (الشاب) عرش المغرب عام 1999، ومحاولات حثيثة باءت بالفشل.
وبذلك ما زالت الخلافات موجودة حول الشروط الواجب توفرها في الناخبين، وما زالت الصعوبات الإجرائية والميدانية تحول دون تنظيم الاستفتاء.
ثانيا: الاستفتاء على تقرير المصير أم خيار الحكم الذاتي الذي تـنحو له المغرب، وبعد سنوات تم اقتراح خيار ثالث اعتبر سياسيا للنزاع القائم في منح حكم ذاتي موّسع دون دمج كلّي في المغرب، و ما زال تصلب مواقف الطرفين مستمرا.
ثالثا: رفض المغرب بالدرجة الأولى طلب مراقبة الوضع الانساني للصحراوين بحجة خروج البعثة عن هدفها الأصلي الذي هو “الاستفتاء”.
3ــ عثرات المينورسو وإدارة الفشل:
منذ تشكيل البعثة عام 1991 لم تعرف رئاستها استقرارا، وهذا وحده دلالة على عدم قدرتها في المضي قدما نحو حلحلة النزاع، فلم يكن سبب انسحاب رؤساءها نقصا في كفاءتهم أم استهتارا بمهمتهم، فلكل سيرة ذاتية ثرية وخبرة مشرِّفة في العمل الدبلوماسي وفي عمليات حفظ السلم وغيرهما من المهام النبيلة، ومن اللذين بقوا مدة أطول مقارنة بزملائهم نذكر؛ “إيريك جينسن” المعين من طرف الأمين العام للأمم المتحدة “بطرس غالي” ممثلا خاصا بالنيابة من 1994 إلى 1997، تلاه “جيمس بيكر” عينه الأمين العام “كوفي أنان” عام 1997 إلى تاريخ استقالته سنة 2004، مصرحا على إثرها باستحالة حل النزاع بعدما عمل على تقديم خطتين (بيكر الأولى والثانية) موسعا دائرة الأطراف على طاولة الحوار بإشراك دول الجوار الجغرافي ــ حتى وإن كانت ليست طرفا في النزاع ــ بإلحاح من المغرب ومع ذلك تعثرت الجهود بعد رفض المغرب للخطتين.
حاول المدير الأسبق لصندوق النقد الدولي “هورست كولر” المعين من طرف الأمين العام “أنطونيو غوتيريس” بتاريخ 16 أوت 2017 على رأس المينورسو، أن يجمع هو الآخر الجزائر وموريتانيا والمغرب والبوليساريو على طاولة واحدة لفض النزاع … لكنه استقال في ماي 2019 وإن ردت الاستقالة لأسباب صحيّة إلا أن الواقع قد لا يكون كذلك.
وأطول مدة لمبعوث أممي في الصحراء الغربية حصل على لقبها الدبلوماسي الأميركي “كريستوفر روس” الذي عينه الأمين العام “بان كي مون” من جويلية 2009 إلى الثامن مارس2017 بعد أن طالته الكثير من الانتقادات والتهم على رأسها الانحياز إلى طرف واحد في النزاع، وكانت المغرب كلما رأت في رئيس البعثة بواعث على الايمان بقضية الصحراويين إلا واتهمته بالانحياز إلى جبهة البوليساريو وكل من يدعمها.
فشل الدبلوماسيون في مهمتهم ومعظمهم ـــ كما أوردناــ استقال من رئاسة البعثة، نظرا للاتهامات التي طالتهم من أطراف النزاع كالانحياز لطرف دون الآخر أو في تكتمهم عن سوء الأوضاع و إرسال رسائل الطمأنينة للأمم المتحدة تحت أي حجة، والعمل على تهدئة الطرفين.
وكثيرا ما بقي كرسي رئاسة البعثة شاغرا لتجنب كبار الدبلوماسيين للقضية، والإشكال الأكبر يكمن في عدم مواصلة الجهود التي قام بها السابقين والانطلاق معظم المرات من نقطة الصفر، مع تداخل ظروف دولية وإقليمية تغير مجرى الحلول المقترحة.
وما زاد من تعثر المينورسو هو تعنت النظام المغربي وتناقض قراراته وعدم ثباتها مما أضعف دور البعثة الأممية في الصحراء، فكلما سار الملف نحو الانفراج بقبول التفاوض يعود المغرب للتراجع، وحتما هو استنادا لمقترب صنع القرار السياسي الذي يتماشى مع مجموعة من الفواعل الداخلية والخارجية (الاقليمية والدولية)، فلا يمكن إخفاء تأثير التوازنات الإقليمية والدولية لاسيما دور الدول الكبرى في إضعاف الهيئة الأممية في تدخلاتهما المتعددة بشكل مباشر أو غير مباشر وفي قبول مقترحاتها أيضا.
يرجع العديد من المحللين في الشأن السياسي عثرات البعثة إلى قرارات المغرب التي زادت من تعميق النزاع منذ عهد الملك “الحسن الثاني” نذكر منها بالبرهان ما يلي؛
بعد أن كاد النزاع يعرف الانفراج لما أعلنت المغرب قبول إجراء الاستفتاء لأجل تقرير المصير في جوان 1981، وتأكيد ذات القرار في سبتمبر 1983، أتت ظروف إقليمية وعلى رأسها اعتراف موريتانيا بصحراوية الصحراء في فيفري 1984 وزد عليه منح الجمهورية الفتية العضوية في المنظمة الافريقية في ذات السنة، جعل الملك يغير من قراراته كلّيا، ليعلن عن رغبته في تولي الأمم المتحدة الإشراف على حل النزاع؛ أي دون تدخل المنظمة الافريقية.
عودة العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب عام 1988 سمح بإنشاء فكرة البعثة الأممية “المينورسو” لكن سرعان ما تراجعت المغرب عن قرارها مٌخلِفة وعودها أمام المجتمع الدولي، بل راحت لإيقاف مسار الاتحاد المغاربي عام 1995، ومن الأسباب المباشرة هو نقص هاجس الخوف المغربي من قوة الجزائر المحورية في الإقليم المغاربي لما دخلت هذه الأخيرة في دوامة العشرية السوداء واهتمامها بشأنها الداخلي في مكافحة الإرهاب. وساعد المغرب الظرف الدولي الجديد في اتخاذ ذلك القرار من خلال التحوّل العالمي للقطبية الواحدة والمشاورات والاتفاقات السرية الأمريكية ــ المغربية بشأن المساندة والمساعدة حتى تبقى الصحراء مغربية، وتأكدت علنا بعد اعتلاء “محمد السادس” العرش الملكي لما أعلنت الولايات المتحدة وفرنسا التقدم بمبادرة لمجلس الأمن حول الحكم الذاتي للصحراويين تحت السيادة المغربية، وهو الحل السياسي المرفوض من طرف جبهة البوليساريو وداعمي القضية التحررية.
رفضت المغرب إجراء استفتاء عام 2004 وبذلك أفشلت كل الجهود الرامية إلى كسر الجمود بين الطرفين في ظل توقف المفاوضات السياسية، وما ساعدها في ذلك المساندة والتدعيم الأمريكي للرأي المغربي القاضي بترجيح فكرة الحكم الذاتي، ناهيك عن المساعدات المالية منها المنضوية تحت هيئة تحديات الألفية بغرض مكافحة الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي وقد حصلت المغرب على أكبر منحة في جانفي 2004. وتوالت المساعدات الامريكية العسكرية من خلال اشراك المغرب في الحرب العالمية ضد الارهاب ثم في مكافحة الارهاب في منطقة الساحل الإفريقي، وفي ذات السنة كان الرئيس “بوش الابن” قد صرح أن المغرب الحليف الهام بعد حلفاء الناتو. وللإشارة أن ذات التدعيم تتلقاه المغرب من فرنسا، فزاد تأكيد اشراكها في مكافحة الارهاب في منطقة الساحل الافريقي* عام 2013.
تحبط كل المظاهرات التي يقوم بها الصحراويين في المغرب سواء في المغرب أو في مدن الصحراء الغربية الواقعة تحت الحكم الملكي المغربي، ومنه الثورة التي اشتعل فتيلها في مخيم اكديم ازيريك لما نصبت الخيام بطرق سلمية وتم الاعتصام، لكن قوبل بالقمع والتعتيم الاعلامي ما غيب القضية عن الساحة السياسية الدولية، وللعلم أنها كانت بدايات ثورات الربيع العربي لو كتب لها الاستمرار أو على الأقل النشر الاعلامي.
تكتم المينورسو عن الأحداث الواقعة في الصحراء الغربية هو الآخر مثبط لإدارة النزاع ومنها زيارات المفوضية السامية لحقوق الإنسان لمناطق من الصحراء الغربية إلا وكانت مظاهرات الصحراويين رافعين فيها رايات الصحراء الغربية ومطالبين بتقرير المصير، ويقابلون بالعنف كالضرب والإهانة والسجن وما يحدث في غياهبه من تعذيب بكافة أشكاله. وبعض ما ينقل إلى الأمم المتحدة من المينورسو عبر التقارير يجعل مجلس الأمن الدولي يتبنى قرارات داعية إلى تحسين وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، لكن دون وضع آلية مراقبة ! . كان من الأجدر توسيع صلاحيات المينورسو في مراقبة حقوق الانسان في الصحراء الغربية ذلك ما يزيد من التعجيل في تفعيل إدارة النزاع بإرادة سياسية أقوى، وهو المطلب الذي أكد عليه الاتحاد الافريقي عام 2015 وقابله المغرب بالرفض متهما إياه بالانحياز، وبعد سنة من الرفض بدأت مساعيه في طلب العضوية من الاتحاد الافريقي[2]. وذات السنة جاء قراره بتقليص حجم الموظفين المدنيين في البعثة الأممية وسحب مساهماته المالية التطوعية مما يؤكد على عدم استقراره على موقف سياسي واحد، وهو أيضا دلالة على توتره.
اقتصر دور الهيئة الأممية على “الحراسة”؛ فلم يخرج عملها عن هيئة حارسة في إطار مراقبة تحركات القوات المتواجدة في الصحراء الغربية من الجيش المغربي التابع للقوات المسلحة الملكية المغربية والجيش الصحراوي التابع لجبهة البوليساريو في إطار تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار من طرفي النزاع، وزادها ضعفا توقف مفاوضات الأمم المتحدة بشأن الصحراء الغربية منذ ماي 2019 بعد استقالة المبعوث الألماني الأصل “هورست كوهلر”.
إن عملية التفكيك البنيوي والوظيفي للقرارات الصادرة سواء عن الجمعية العامة أو عن مجلس الأمن، ونتائج البعثة الأممية أفضى لعدم الوصول إلى صيغة توافقية نهائية لحل النزاع.
ومن مظاهر الفشل أيضا تلك التكاليف المادية والمعنوية التي تتكبدها الأمم المتحدة سنويا لأجل فض النزاع. يتجاوز أفراد البعثة الأممية السبعة مائة فردا من مدنيين (للدعم الإداري واللوجستي) وعسكريين من مختلف الجنسيات والأعراق والأديان، جميعهم يكلفون هيئة الأمم المتحدة أموالا بين الرواتب والحوافز والمزايا، كثيرا ما وصلت ميزانيتها السنوية إلى أزيد من 50 مليار دولار أمريكي، ناهيك عن عدد القتلى من وسط أفرادها والتي تردها المينورسو لحوادث دون تفسيرها ! والتي قد تكون في إطار حفظ السلم بين الأطراف المتنازعة دون توضح في التقارير المرسلة إلى هيئة الأمم، و ترصد لذلك مستحقات مالية لـعوائل الضحايا.
ولما عادت القضية الصحراوية إلى الساحة السياسية الدولية بعد العملية العسكرية على معبر الكركرات نوفمبر2020[3]، ظهر غياب شديد للمينورسو حيث اشتدت المعارك بين الطرفين المتنازعين مخالفة اتفاق وقف إطلاق النار الذي تحرس الهيئة على الالتزام به، فلم يشهد العالم حتى تحديث لموقعها الالكتروني.
تعقد الوضع زاد من عدم التوافق على اختيار ممثل خاص للمينورسو منذ 2019، بعد رفض عشرة ممثلين من طرف المغرب تارة ومن طرف البوليساريو تارة أخرى إلى مشارف عام 2022، ليبقى النزاع يدور في حلقة مفرغة. ولا يمكن اغفال عدم جدية الأمين العام في التوسط بين طرفي النزاع للاتفاق على اختيار ممثل خاص. وتم التمديد الزمني للبعثة الأممية المينورسو كما كان يطالب به المغرب كل مرة ربحا للوقت.
تجدر الإشارة في هذا المقال على أن مدة التمديد مهمة بعثة المينورسو تنته بتاريخ 31 أكتوبر 2021 حسب قرار مجلس الأمن الدولي2548 وما هو إلا تمديد لمعاناة الشعب الصحراوي، وصوتت لذلك 13 دولة بامتناع روسيا وجنوب افريقيا.
قرر المجلس مجلس الأمن الدولي مجددا تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية لمدة سنة أخرى ــ31 اكتوبر 2022 ــ، داعيا إلى ضرورة استئناف المفاوضات بإشراك الأطراف الفاعلة في القضية. نٌصب مبعوث أممي جديد على رأس هذه البعثة بعد سنتين من المد والجزر وهو ” ستيفان دي ميستورا ” الايطالي الأصل. ويبدو أن المغرب جد مرتاحة من تمديد المدة فهي بمثابة سنة استنزاف جديدة لخيرات الصحراء الغربية (فوسفات وأسماك،…)من جهة، وسنة جديدة لتفعيل آلية دبلوماسيتها على المستوى الاوروبي والأمريكي والإفريقي. وللإشارة أن الامتناع عن التصويت لقرار التمديد كان من طرف روسيا وتونس فقط ولا يجب اغفال مصالحهما في حقل عالم العلاقات الدولية.
4ــ سيناريوهات انهاء عمل البعثة الأممية “المينورسو”
انطلاقا من الحاضر وتمحيصا لما هو حاصل وتقييما للمسارات الممهدة للوضع المستقبلي، نقترح سيناريوهات ممكنة لمآلات إنهاء مهمة الهيئة الأممية “المينورسو”، ونحصرها في مسارين ــ حسب ترقبنا للأوضاع والأحداث ــ هما؛ إحداث شرخ في جبهة البوليساريو أم الاحتكام إلى السّلاح، وإن كان المعقول انهاء مهامها لإجراء استفتاء تقرير المصير وهو المفروض الذي لم افترضه في السيناريوهات المقترحة أدناه.
1ـ تآكل جبهة البوليساريو من الداخل وتعويضها بجبهة موالية للمغرب
تراهن المغرب على إمكانية إحداث شرخ سياسي بين قيادات البوليساريو وتطور ذلك الشرخ وعدم القدرة على إدارته يجعل الجبهة تتآكل من الداخل وتنهار.
تعمل المغرب على انجاح هذا السيناريو (المشهد) منذ سنوات وإن لم تقدر على تنفيذه بصفة كاملة إلا أنها دائبة المحاولة فيه، من خلال تقنيات الادارة بالأزمات، والدعاية السياسية المغرضة، وفي اطار فوضى غير الخلاقة، من خلال توجيه تلك الفوضى وإدارتها للوصول للمبتغى. ومن خلال وسائلها المخابراتية تعمل المغرب على تغيير ولاء شخصيات صحراوية كبيرة المقام في جبهة البوليساريو وشراء ذممها (ارتشاءها) من خلال اغراءات وامتيازات مالية ومعنوية لـقتل روح القضية الصحراوية.
بدأً من إحداث “شرخ مجتمعي” في مخيمات اللاجئين عن طريق الدفع نحو “التنازع القبلي” الذي لا يمكن اخفاءه بين أكبر الأسر فيها (البيهات) و(السواعد) ويدخل ذلك في استراتيجية ربح الوقت بالنسبة للمغرب، إضافة إلى استقطاب عدد من اللاجئين الصحراويين للرجوع لعوائلهم في العيون والسمارة وبوجذور وغيرها من الأقاليم ومدن الصحراء الغربية، وكانت المبادرة الأولى من طرف الملك “الحسن الثاني” تحت تسمية “الوطن غفور رحيم” عام 1988م وقد استجاب له عدد من الصحراويين[4]، وعاد رئيس الحكومة المغربي “سعد الدين العثماني” لتكرار ذات المبادرة بعد أزمة الكركرات (2020). ولقد قامت المغرب منذ المسيرة الخضراء بتوطين مغربيين من خلال عملية استقطاب الموظفين والعاملين المغاربة إلى العمل في الصحراء الغربية بمرتبات عالية حتى يعمرون المنطقة ويصبح “صحرواي” الأصل يمثل الأقلية فيها، وحالة ما نظم الاستفتاء يكون الفوز حليف مشروع الحكم الذاتي من خلال المغاربة المستوطنين في المغرب منذ أزيد من أربعين سنة.
ومن الشرخ المجتمعي إلى الشرخ السياسي وقد ظهرت لذلك حركات انفصالية عن جبهة البوليساريو منها؛ خط الشهيد الداعية للتفاوض مع المغرب لأجل التسريع في فض النزاع، “المبادرة الصحراوية من أجل التغيير” (2017) التي انشقت عنها مبادرة أخرى سميت بــ “الصحراويين من أجل السلام”، ثم الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي وفي الغالب انشقوا عن جبهة البوليساريو. وإنجاح الشرخ السياسي يتوقف بالدرجة الأولى على العمل المخابراتي المغربي في اذكاء الفتن بين الصحراويين وجبهة البوليساريو من جهة وبين قادة البوليساريو من جهة أخرى بتقينات تقليدية وأخرى حديثة على رأسها تقنيات الحرب الالكترونية[5].
اتهام قادتها بسرقة المساعدات الانسانية وإعادة بيعها لدول مجاورة في السوق السوداء لاسيما المواد الصيدلانية، بل راحوا الاتهام إلى التورط في قضايا الارهاب. وتتواصل الاتهامات حتى يفقد الصحراويون الثقة في قادة البوليساريو ويشككون في نواياهم الحقيقية وقد تكون الانشقاقات التي ذكرت أعلاه ارهاصات لتآكل البوليساريو من الداخل، وبالتالي القدرة على شراء الولاءات لاسيما الفئة الشابة من الصحراويين المقيمين في الخارج أو في المغرب أو في الصحراء الغربية الواقعة تحت الحكم المغربي.
2ــ سيناريو الحرب:
يمكن أن تنتهي مهمة المينورسو في حالة اللجوء إلى الوسيلة الحربية بين طرفي النزاع وعدم تراجع كلاهما؛ ومؤشرات التصعيد بارزة للعيان في أعمال وتصريحات طرفي النزاع من خلال رفض صريح لجبهة البوليساريو لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن تمديد مهمة المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر 2021 (بعد أزمة الكركرات)، بل والتشكيك في مصداقية البعثة الأممية والتهديد بتصعيد الكفاح المسلّح لتقاعس الأمم المتحدة عن لعب دورها في فض النزاع.
ترى جبهة البوليساريو نفسها الخاسر الأكبر بعد طول انتظار الحل من خلال الاحتكام إلى القانون الدولي، وأضحت عملية اللجوء إلى السّلاح ضرورة لاسيما عند الكثير من جنودها المدربين الذين طالهم الملل وهم على أهبة استعداد للحرب، ناهيك عن طول بقاء زملاءهم المحتجزين في السجون المغربية، ومعاناة عوائلهم، اضافة الى نفاذ صبر بعض الشباب الصحراوي والذي شكّل ما أسميّ بشباب التغيير الصحراوي العازمين على القتال.
ولا تسمح المغرب بأي منافذ تنفس سياسي أو جمعوي للصحراويين لرفع مطالبهم، إضافة إلى منع زيارات البعثات الدولية لكشف الوضع الانساني فيها، وحالات القمع المختلفة الأشكال التي يقابل بها النشطاء الصحراويين في إطار عدم عدالة المحاكمات.
وإن كان المغرب بعيدا عن فكرة اعتماد الحرب كوسيلة للوصول للغاية، إلا أنه من خلال تصريحات بعض وزراءه منها تصريح وزير الخارجية “ناصر بوريطة” حين قال: “المغرب لن يتفاوض مع العصابات وقطاع الطرق”؛ إشارة إلى عدم اعترافه بالبوليساريو تأكيدا على السيناريو الأول، ومع انبعاث أزمة الكركرات إلا وكانت تصريحات السلطات المغربية على ضرورة الرد دفاعا عن النفس والوحدة الترابية، رغم أن خيار الحرب سينهك كاهل المغرب ماليا ويضاعف الأزمات فيه إلا أن اتكاله على الحلفاء يجعله لا يرهب الحرب.
تعتبر الحرب في بعض الحالات المستعصية بنية تفسيرية لإقناع المجتمع الدولي في ضرورة التسريع بحل توافقي، فقد يكون استخدام القوة العسكرية مسرعا لحل سياسي.
خلال أزمة الكركرات راحت الأمم المتحدة لتؤكد على الدعوة إلى “استئناف المشاورات” بين المبعوث الأممي وأطراف النزاع اضافة إلى اشراك دول الجوار، لأجل التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم، وكانت الدعوة المتجددة لمجلس الأمن عام 2020 هي العمل على تهدئة التوترات والحفاظ على الهدوء العام، وإجراء عمليات إزالة الألغام الخطيرة، ودعم العمليات الإنسانية ومنع انتشار كوفيد-19 فقط.
قد تعجل المواجهة العسكرية المباشرة التفكير في الحل بجدية من طرف المجتمع الدولي في سبيل تحقيق أهم مبدأ تقوم عليه الأمم المتحدة (تحقيق الأمن والسلم الدوليين)، لاسيما وأن الحرب ستكون على تخوم الساحل الافريقي المكهرب.
كما قد تقرع طبول الحرب بين الجارتين جغرافيا الجزائر والمغرب، فعوض الاكتفاء بتنبؤ سيناريو الحرب بين الخصمين المباشرين، فإن بعض الأحداث قد تؤكد أن التنبؤ بسيناريو الحرب بين المتخاصمين لأجل قضية الصحراء في أول خطوة تعلن الجزائر صراحة قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، بل راحت لتعلن رفضها الرسمي العودة لمحادثات المائدة المستديرة التي توقفت منذ ماي 2019م، وما يفيض الكأس هو مقتل ثلاثة جزائريين سائقي شاحنات لنقل البضائع بين موريتانيا والجزائر يوم الاثنين؛ أي ثلاثة أيام بعد تنصيب المبعوث الأممي على رأس المينورسو وفي غمرة احتفال الجزائر بالعيد 67 لاندلاع الثورة التحريرية الكبرى. أكدت الجزائر رسميا أن الحادث مقصود من طرف المغرب بواسطة سلاح متطور أثناء مرور الشاحنتان الجزائريتان على أراضي الصحراء الغربية تحديدا في منطقة بير لحلو فيما يسمح له قانون تنقل البضائع بين الدول.
وأخذ الاعلام العربي والعالمي على رأسه الإعلام الفرنسي في تحليل سيناريو الحرب بين الجارتين المتخاصمتين من طرف المحللين السياسيين والعسكريين، وأشعلت وسائل التواصل الاجتماعي بدورها احتمال نيران الحرب بل راح البعض يهلل لذلك خاصة بعد توعد رئيس الجمهورية الجزائرية برد مناسب (لم يحدد نوعه).
وتحليلا للحادثة لا شك أن عملية قصف الشاحنتين لا يخدم المغرب كليا بعد أن نالت مرغوبها في تمديد مهمة المينورسو مرة أخرى، لكن في ارتباطها مع دول ترى فيها حامية فد ترتكب تلك الحادثة الخطيرة النتائج، وقد ردت المغرب رسميا بنفيها التهمة على قواتها وفسرتها بمرور تلك الشاحنتان على خط ملغم في المنطقة العازلة بل راحت لتصرح ان الشاحنتان كانتا تحملان سلاحا لجبهة البوليساريو.
إضافة الى قطع الجزائر للعلاقات معها فإن قرار الجزائر بعدم تجديد عقد اتفاق خط أنبوب الغاز المغربي ـ الأوروبي* منذ تاريخ 31 اكتوبر 2021 ـــ هو ذات تاريخ اجتماع مجلس الأمن بشأن المينورسوــ قرار مفاجئ لم تستعد له المغرب ليحدث في ظل فصل الشتاء البارد أين يزداد الطلب عليه.
كما قد تكون فكرة جر دولة لأخرى لسيناريو الحرب خطة للتسريع في فض النزاع وتسريع الحل لقضية الصحراء الغربية.
يمكن لهذا السيناريو التحقق وقد سبق للجارتين الحرب عام 1963 (حرب الرمال)، لكنه سيناريو تشاؤمي للغاية وغير عقلاني ومدمر لطرفي النزاع والدول المجاورة لها ولدول الساحل الافريقي عامة، وليس في صالح القضية التحررية، لاسيما في حالة عدم القدرة على توقيف رحى الحرب وتكون مقدمة للتدخل الانساني بموجب حماية حقوق الانسان والحريات والأقليات، أو بحجة مكافحة الارهاب في الساحل وهي ذرائع شائعة وقد تسبقها إحدى حليفات المغرب بإقامة قاعدة عسكرية على أراضيها وتمهد للعالم بإنشاء قواعد جديدة في المغرب بدأ بالمناورات العسكرية في إطار تعزيز التعاون العسكري الامريكي ـ المغربي ومواجهة الارهاب في الساحل الافريقي مناورات الأسد الافريقي في مدينة الطنطان الصحراوية، ناهيك عن الشريك القديم ـ المتجدد الذي تم الافصاح عنه وهو اسرائيل بكل ما له من أحقاد على المنطقة وتحديدا الجزائر، وبكل ما يملك من قوة الآلية العسكرية والتكتيك الحربي يمد بها المغرب والقوة الاعلامية ليشعل فتيل حرب سيبريانية خطيرة.
الخاتمة:
رغم سعي الأمم المتحدة في دعم قضايا تحرر الشعوب وإنهاء الاستعمار إلا أن مهامها تتعثر على مر المحاولات في فض نزاع الصحراء الغربية، ومسار الاستفتاء المنتظر من زمن لم يتطور وبقى حبيس الخلافات، ما جعل البعثة الأممية المشكّلة لهذا الغرض يقتصر عملها على حراسة تطبيق اتفاقية وقف اطلاق النار بين طرفي النزاع، والقيام ببعض المهام الانسانية في المنطقة، وبهذا هي تتحوّل عن الدور المحوري (تنظيم استفتاء حول تقرير المصير) إلى أدوار ثانوية.
زادت خيبات البعثة الأممية “المينورسو” من تعقد الوضع السياسي في المنطقة، وحل النزاع الصحراوي/المغربي وجب النظر في اختلاف مداخله الزمنية و مراعاة الظروف الاقليمية والدولية من خلال التحالفات القائمة. ولحد كتابة هذا المقال اكتوبر 2021، لا يزال منصب المبعوث الأممي الخاص شاغرا منذ استقالة “هورست كولر”، وقد عين الروسي ” الكسندر ايفانكو” (Ivanko Alexander) نهاية أوت 2021 من طرف الأمين العام للأمم المتحدة ممثلا خاصا لها في الصحراء الغربية.
دارت في مخيلتنا سيناريوهات من خلال القراءات السياسية ومتابعة الأحداث المتعلقة بالقضية عن كثب لإنهاء مهام المينورسو في إطار عدم الاتفاق حول هوية المصوتين أو حتى على اتفاق طرفي النزاع على اختيار الحل الأنسب؛ (استفتاء، حكم ذاتي، تقسيم الصحراء الغربية بين الطرفين)، فإن السيناريوهات الممكنة والمحتملة لإنهاء مهمة البعثة الأممية تدور بين؛ تآكل جبهة البوليساريو من الداخل بعد عمل المغرب على كسرها بتوفر عوامل مختلفة، ومنه شراء ولاءات جديدة موّالة لفكرة الحكم الذاتي (الطرح المغربي). وسيناريو المواجهة العسكرية (الحرب) بين طرفي النزاع وفيه قد تتدخل قوى أخرى حليفة لإحدى طرفي النزاع أو كلايهما يٌحظيان بحلفاء فتصبح المنطقة منطقة صراع متسع وقد تدخل في إطار الحرب بالوكالة، وفي ذات الأثناء يسعى مجلس الأمن الدولي لإيجاد الحل السريع والعادل والدائم وقد تكون العودة إلى خيار التقسيم حلا يستدعي متابعة التنفيذ لعدم التراجع عنه من الطرفين أو أحدهما وعودة النزاع مجددا.
* ــ البوليساريو POLISARIO المعلن تأسيسها في العاشر ماي 1973م؛ أي قبل استقلال الصحراء من اسبانيا المحتلة، وأعلنت الجبهة في فيفري 1976 تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الشعبية الديمقراطية، وعلى اثرها شكلت أول حكومة لها. ودافع جيش الجبهة دفاعا مستميتا على أرضه منذ تأسيسه منه الرد على موريتانيا والمغرب لما وقعا اتفاقية لاقتسام الصحراء. وتعتبر هذه الجبهة الممثل الأوحد للشعب الصحراوي.
* منظمة الوحدة الافريقية أنشأت عام 1963 ، وتغيرت تسميتها للاتحاد الافريقي عام 2002 ضم 55 دولة افريقية، مقرها أديسا بابا عاصمة اثيوبيا.
ـ [1] https://undocs.org/ar/S/RES/1429(2002)
* تضم منطقة الساحل الإفريقي خمس دول هي: بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر.
2 ــ للمزيد من الاضطلاع حول الموضوع انظر مقالنا حول؛ موقف الاتحاد الافريقي من قضية الصحراء الغربية،الإتحاد الافريقي على المحك: أزمة الكركرات، الجريدة الالكترونية أخبار دزاير، تاريخ النشر السابع ديسمبر 2020، على الموقع الالكتروني: https://www.akhbardzair.dz/ar /
[3] ـ أزمة الكركرات: تٌسرع أم تٌبطأ حل النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو؟،أزمة بين الألم والأمل، المنصة الالكترونية روافد بوست، نشر بتاريخ 02 ديسمبر 2020على الموقع: https://www.rawafidpost.com/about-rawafidpost
[4]ــ انظر خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، مارس1996 إلى مارس 1997، المغرب: وزارة الاتصال، 1997،ص231.
[5] ــ نبيلة بن يوسف؛” الحرب الإلكترونية المغربية القذرة: المخابرات تُلفق التهم الواهية للجزائر بعد فشل مساعي دبلوماسية المخزن على صفحات الجريدة الالكترونية اخبار دزاير بتاريخ 14/03/2021، الموقع الالكتروني؛ https://www.akhbardzair.dz/ar/
* خط ناقل للغاز الطبيعي المسمى ب” بيدروفارال” عبر البحر الابيض المتوسط منذ سنة 1996 نحو أوروبا تحديدا إلى شبه الجزيرة الايبيرية (اسبانيا والبرتغال) ليصلها حوالي 10 مليارات متر مكعب سنويا، ليحصل المغرب مقابل عبوره من أراضيها على ما يقارب من نصف مليار متر مكعب سنويا ونصف اخر منه مقابل سعر رمزي والإجمالي ما يمثل قرابة 97 بالمائة من حاجة المغرب له.