كثير من علماء نفس و أخصائيي التربية ،تحدثوا عن التعليم و أنواعه و أساليبه ، ووضعوا مناهج بعد أن تعمقوا في الأبحاث و الدراسات التي بفضلها، استطاعوا أن يخرجوا لنا نماذج تعليمية مميزة .
” بياجيه، فروبل، سيغان” و غيرهم علماء أهم ما جمعهم هو ضرورة التعليم الحسي للطفل بدل التعليم المجرد ، فما هو مفهوم التعليم المجرد و ما هو التعليم الحسي؟
التعليم المجرد هو أسلوب تعليمي منتهج لتعليم الاطفال بعيدا عن أي ادوات ملموسة ، أو وسائل بيداغوجية ، و يكون التعليم عن طريق الإلقاء من طرف المعلم أو المربي ، و الإنصات من طرف الطفل أي المتلقي .
أما التعليم الحسي فهو تعليم يعتمد على إيصال المعلومة للطفل باستعمال أدوات و وسائل بيداغوجية مصممة خصيصا لتسهيل عملية الفهم و الإدراك لدى الطفل خاصة في سنواته الست الأولى ، و يستحسن أن يستعملها، يلمسها و يتعامل معها .
و لكن لماذا أوصى العلماء بأسلوب التعليم الحسي ؟ لانه ببساطة الطفل خاصة في مرحلة التعليم المبكر أو ما يعرف بمرحلة الطفولة المبكرة، اي من الميلاد الى ست سنوات ، الطفل يحتاج ليلمس الأداة أو الوسيلة التعليمية حتى يدرك المعلومة و تحفظ في ذاكرته ، فقد أثبت العلماء أن الحواس الخمسة لها دور كبير في زيادة قدرة الطفل على الاستيعاب، الإدراك و التذكر و الفهم .
دعونا نعطي مثالا بسيطا لطفل يدرس الرياضيات بطريقة مجردة، و لنأخذ العمليات الحسابية كمثال ، لو بدأنا بعملية الجمع ،يمكن للطفل أن يحفظ جدول الجمع عن ظهر قلب ،و لكن دون إدراك حقيقي لمفهوم الجمع ،و في عليها العمليات الحسابية الأخرى كالطرح و الضرب و القسمة، بينما الطفل الذي تعلم الجمع بطريقة حسية باستعمال وسائل و أدوات معينة يمكنه إدراك مفهوم الجمع ، ولنربط المثال بالواقع فإنه يمكن أن يقوم بالحسابات عند شراءه من عند البقال أو التاجر ، لانه ربط العملية بوسيلة معينة .
أن أكثر منهج استعمل الوسائل الحسية في تعليمه للطفل هو منهج منتسوري Montessori، وهي عالمة إيطالية قدمت للعالم أجمع أجمل بيداغوجيا تعليمية يمكن للمربي أو المعلم أن يستفيد منها ، هذا المنهج نسبة إلى ماريا منتسوري ، و هي طبيبة إيطالية استطاعت أن تجمع بين الطب العقلي و النفسي ،و بفضل تعاونها مع علماء آخرين ،و ايضا دراستها لنظريات سابقة أن تكون لنا منهجا عالميا ،مكونا من عدة أركان تعليمية و له نظام خاص و فلسفة خاصة في التعامل مع الطفل و في أسلوب تعليمه ،أهمها احترام حرية الطفل في التعلم ،و التعامل مع الأدوات الحسية المتنوعة التي لها شروط و خصائص معينة ،و لكل ركن دور و هدف معين ،فمثلا ركن الحياة العملية ركن مهم ينمي فيه الطفل مهاراته الحياتية،و هذا ما يتناسب مع خصائص النمو ،إذ أن الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة خاصة يتميز بأنه يبحث عن الاستقلالية، و عن بناء حريته بعيدا عن الاعتماد الكلي على المربي.
في النهاية نقول إن التعليم الحسي لا يجب أن تتوفر فيه شروط صعبة أو تعجيزية و يبقى أنه ضروري بعيدا عن التعليم التقليدي النظري المرهق للطفل.
نبيلة بن سالم
مكونة دولية في منهج منتسوري
استشارية تربوية