دأبت الوكالة الوطنية للتنمية المستدامة للصيد البحري وتربية المائيات على تقديم العديد من الأفكار الإبتكارية للشباب وحاملي المشاريع وكذا أصحاب رؤوس الأموال، وذلك بهدف تشجيع الإستثمار وإنجاز مشاريع ابتكارية ومؤسسات مصغّرة في مجالات الصيد البحري وتربية المائيات والخدمات المرتبطة بها.وفي هذا الإطار، تقترح الوكالة على الشباب والطلبة الإستثمار في إنشاء مؤسسات مصغّرة لإنتاج مادة الكولاجين الموجود بكثرة في جلود وحراشف أسماك البلطي النيلي(وفي أسماك أخرى أيضا، كما في جلود وعظام الحيوانات مثل الخنازير، الأغنام، الأبقار والدواجن)، خاصة وأن سمك البلطي يعرف انتشارا في كل ولايات الوطن وينمو بسرعة هائلة، حيث يتم حاليا إنتاج عشرات الأطنان من أسماك المياه العذبة من طرف مربي الأسماك والفلاحين، والإنتاج مرشح للارتفاع بقوة في السنوات القليلة القادمة في مختلف مناطق البلاد لاسيما في الولايات الصحراوية، وبالتالي إمكانية الحصول على جلود البلطي مجانا من عند المزارعين أو من عند مصانع تحويل السمك، وهذا أيضا عامل مشجع لتطوير صناعة تحويلية للأسماك.
كما أن إنتاج الكولاجين سهل ولا يتطلب إمكانيات كبيرة، وقد تم إجراء الكثير من الأبحاث عنه في دول العالم وفي الجزائر من طرف طلبة وباحثين خلال إنجاز مذكرات التخرج، وهنا تدعو الوكالة مخابر البحث العلمي لتركيز الأبحاث حول هذه المجالات الجديدة وذات الفائدة المباشرة على إقتصاد للبلاد، والتي من شأنها خلق الثروة ومناصب الشغل، وتعلن الوكالة استعدادها للتعاون في هذا المجال مع مختلف الهيئات، لاسيما إمكانية توفير جلود الأسماك مجانا واقتراح الأبحاث على الصناعيين والمستثمرين لتشجيعهم على الإستثمار في هذا المجال.
من جهة أخرى، فإن للكولاجين استعمالات عديدة ومتنوعة في مجالات الطب والتجميل وحماية البشرة وصحة الإنسان، كما أثبتت تجارب في البرازيل أن لجلود البلطي استعمالات هامة وفعالية كبيرة في مجال علاج الحروق، وفي هذا السياق قامت مؤخرا البرازيل بإرسال مساعدات لجرحى انفجار بيروت في لبنان تتمثل في حوالي 30 ألف سنتيمتر مربع من جلود سمك البلطي لعلاج حروق الجرحى، وبالتالي فإن سوق تثمين أسماك البلطي واعدة جدا ومشجعة على الإستثمار.
والكولاجين هو البروتين الأكثر وفرة في جسم الإنسان والحيوان، إذ يشكل حوالي 25 بالمائة إلى 35 بالمائة من البروتين الكلي، ويلعب دورا مهما في بنية الجلد إذ تصل نسبته إلى 70 بالمائة من وزن الجلد الجاف، ويساهم بشكل كبير في صلابة الأنسجة الضامة مثل الجلد والعظام والغضاريف والأوتار والأوعية الدموية، نظرًا لتوافقه البيولوجي، وقابليته للتحلل البيولوجي، وانخفاض سمية الخلايا، ويتم استخدام الكولاجين على نطاق واسع في الصناعات الغذائية والصيدلانية والتجميلية والطبية الحيوية، كما يُستعمل لإثراء أغذية الرياضيين ومستحضرات التجميل للعناية بالبشرة وفي ميادين متعددة.
مصادره التقليدية هي جلود وعظام الأبقار والخنازير، وبسبب الأمراض تراجع استخدام الكولاجين المستخرج من هذه الحيوانات، وبالتالي فإن الأسماك هي البديل، ومنها أسماك البلطي التي يتم إنتاج كميات كبيرة منها، وعند تحويلها وإنتاج شرائح السمك، تنتج عنها كميات كبيرة من الجلود والحراشف الغنية بالكولاجين، وبالتالي فالجلد يُعتبر مصدر بديل للكولاجين قليل التكلفة لأنه منتج ثانوي ويندرج في إطار حماية البيئة من النفايات أيضا.
للعلم أيضا، فإن سمك البلطي من أسماك المياه العذبة، يحتوي على أكثر من 80 نوع، ويتم تربيته حاليا في الجزائر من طرف المربين والفلاحين، وينمو بسرعة جيدة، مذاقه رائع، ويعتبر ثالث الأنواع إنتاجا في العالم بعد أسماك الشبوطيات وأسماك السلمون.
جدير بالذكر، أن الوكالة الوطنية للتنمية المستدامة للصيد البحري وتربية المائيات كانت قد قدّمت عدة اقتراحات وأفكار ابتكارية وجديدة للشباب والطلبة لإنجاز مؤسسات مصغرة مثل تربية طحالب السبيرولين، ومزارع الأنظمة المدمجة مع الفلاحة، ومزارع الديدان الموجهة لإطعام الأسماك والصيد بالصنارة، وتحويل الأسماك وتثمين منتجاتها الثانوية وغيرها من الأفكار التي يتم طرحها ومناقشتها مع الراغبين في الإستثمار.
نعيم بلعكري/مدير عام