كانت حالة الطريق الطينية المهترئة لا توحي بأنها تؤدي إلى أحد أهم المحيطات الفلاحية ببرج عمر إدريس بولاية إليزي، حيث تتنقلت ” أخبار دزاير” نحو مستثمرة “لينة تيماسنين” لنعاين كيف استطاع صاحبها بإصراره أن يجعل منها مصدرا يدر النفع على المدينة رغم العقبات التي مازالت تواجهه.
مواشي و محاصيل زراعية متنوعة تم تسويقها لعين أمناس وإليزي وتمنراست
بعد و صولنا لمحيط طبطابة 2، تنقلت “أخبار دزاير” رفقة صاحب المستثمرة، نبيل حلاسة، لنعاين مختلف زواياها.
كان أول منظر لفت انتباهنا هو المكان المخصص لتربية الحيوانات، الإبل و الماعز الحلوب ذات السلالة الإسبانية، وكذا المواشي. فالمستثمرة تعد مصدرا للجزارين، بل حتى المواطنين العاديين، كما هو حال تلك السيدة التي التقيناها رفقة ابنها، حيث عبرت لنا عن إعجابها وافتخارها بهذا المشروع الفلاحي و تأثيره الايجابي على معيشة المواطنين البسطاء، حيث تقول : ”هكذا ينبغي على الشباب أن يشمروا على سواعدهم، فالأرض هنا تنتج كل الخيرات، وأنا هنا لأشتري نعجات لتربيتهم في كوخي الخاص”.
واصلنا بعدها التوغل داخل المستثمرة والتي تعد بحق ورشة مفتوحة لشتى أنواع المحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة.
يرى “نبيل” أن غياب سوق الخضر و الفواكه بالمدينة يؤثر سلبا على تسويق المحاصيل، و يقول : “قمت بتزويد المحلات التجارية بمختلف الخضروات الطازجة والفواكه، خاصة خلال شهر رمضان، على غرار السلق، الجلبانة، ، القصبر، المعدنوس، الكرافس، الجزر، الثوم و البصل بالإضافة إلى الشمندر السكري و البطيخ الأصفر و الأحمر حتى يتسنى لسكان البلدية من اقتنائها بأسعار معقولة”. ويضيف “هناك كميات قمنا بتسويقها عبر بلديات عين امناس و إليزي فضلا عن بلدية أمجيد بولاية تمنراست”.
غياب الكهرباء الفلاحية يتسبب في تلف هكتارين من البطاطا
عند وصولنا إلى موضع زرع البطاطا، وجدنا محمد، أحد العاملين بالمستثمرة منهمك في تهيئة مسار عجلات جهاز الرش المحوري، ووقفنا مذهولين أمام حجم الخسارة التي تكبدها ” نبيل ” جراء تعطل مولد الكهرباء الخاص به. يقول والحسرة بادية على وجهه : “بالرغم من اتصالي بالسلطات المحلية من أجل مد يد العون و توفير مولد كهربائي قصد إنقاذ المحاصيل غير أن كل محاولاتي باءت بالفشل، لأقف عاجزا أنظر إلى خسارة ما لايقل عن 300 مليون سنتيم، حتى المسؤولين لم يكلفوا أنفسهم عناء التنقل و دعمنا و لو معنويا”.
بعدها تنقلنا بين مختلف الأشجار المثمرة، التي قام “نبيل” بغرسها بعد أن جلبها من مختلف ولايات الوطن : عين الدفلى، خنشلة، بسكرة و بومرداس، حيث تتوفر المستثمرة على 2.000 شجرة ناكتارين، 1.000 رمانة، 2.000 شجيرة عنب وكذا 600 نخلة بالإضافة إلى 400 شجرة زيتون فضلا عن أشجار الحزام الواقي ضد الرياح.
“نبيل” قام أيضا بغرس مختلف الاشجار المثمرة كالتفاح، المشماش و الليمون وأنواع المكسرات مثل اللوز و الجوز كما خصصت مساحات لنوعين من الفول السوداني.
لم أستفد من دعم الدولة بسبب بيروقراطية الإدارة !!
حسب ما جاء في مخطط تهيئة إقليم ولاية إليزي، المصادق عليه سنة 2016 : “إن تدعيم قطاع الزراعة و تشجيع المستثمرين الخواص، تحديدا في برج عمر إدريس، هو أحد أبرز الاستنتاجات الرئيسية المنبثقة عن التشخيص الإقليمي لولاية اليزي، إذ يعتبر السيناريو الذي تعول عليه السلطات العمومية من أجل إعادة التوازن الإقليمي للولاية”.
صرح ” نبيل” لأخبار دزاير أنه لم يستفد لحد الآن من دعم الدولة المتعلق بالتجهيزات و المعدات و كذا الأشغال المنجزة (التنقيب، شبكة السقي بالتقطير، العتاد الفلاحي، الأشجار المثمرة وغيرها) التي تهدف إلى دعم المستثمرين في أقصى الجنوب : “سئمنا من العراقيل البيروقراطية و الذهاب و الرجوع نحو مختلف المصالح الفلاحية سواء بمقر الولاية، 700 كلم، أو القسم الفرعي للفلاحة بعين أمناس،450 كلم جنوب البلدية”.
وأوضح محدثنا أن غياب اتفاقية بين المصالح الفلاحية لولاية إليزي وتعاونية الحبوب و البقول الجافة يزيد من معاناة المستثمرين بالمنطقة، حيث ستساهم في توفير العتاد الفلاحي، الحبوب، المبيدات و المرافقة التقنية.
وفي رده على سؤال “أخبار دزاير” عن سبب طفو الأملاح فوق التربة، قال نبيل أن المشكل يعود لعدم وجود نظام صرف زراعي على مستوى كامل المحيط الفلاحي طبطابة 2 ، حيث يجدر بالمصالح الفلاحية إعداد دراسة قصد تزويد المحيط بنظام صرف زراعي للتخلص من ملوحة التربة. وأضاف : “أدعو السلطات المعنية بضرورة فتح فروع لبنك الفلاحة والتنمية الريفية وكذا الغرفة الفلاحية على مستوى تراب البلدية قصد تقريب الإدارة والمساهمة في تطوير القطاع”.
و في ختام الزيارة، كانت لأخبار دزاير دردشة مع بعض العاملين، حيث توفر مستثمرة لينة تيماسنين 12 منصبا. أمضوا يومهم تحت أشعة الشمس، بعضهم يزرع و يسقي و بعضهم يحصد و يقدم الأعلاف للمواشي، وكلهم عزيمة و نشاط من أجل خدمة الأرض التي أصبحت جزءا منهم على حد وصفهم.
يقول ” نبيل” بلغة الواثق أنه على استعداد لتوفير الشمندر السكري لمختلف قواعد الحياة التابعة لسوناطراك المتواجدة على تراب البلدية في حال تدخل السلطات الولائية لدى الممونين من أجل تشجيعنا وتثمين منتوجاتنا وخلق ديناميكية تنافسية في القطاع.
إليزي: إبراهيم بودة