كشف البروفيسور يوسف مسعداوي المتخصص في المالية الدولية واستاذ كلية العلوم الاقتصادية بجامعة البليدة في حديث خاص مع جريدة ” أخبار دزاير” الإلكترونية أن جائحة كورونا تسببت في أزمة مالية واقتصادية مست جميع دول العالم على غرار الجزائر، إذ كان لهذه الأخيرة ( جائحة كورونا ) تأثير بالغ على اقتصادها الذي تعتمد فيه على أكثر من 95℅ من عوائد صادراتها للمحروقات مما ضاعف من حجم الضرر الذي لحق بركيزة صادرات البلاد .
وقال البروفيسور مسعداوي أن التراجع الرهيب في أسعار البترول الذي قد يصل وحسب توقعات البنك الدولي إلى 35 دولار وبالتالي فإن الجزائر وخلال سنة 2020 سوف تحقق عجزا في إيراداتها قد يصل إلى 20 مليار دولار وهذا مايؤثر على احتياطي الصرف الذي يصل إلى حوالي 30 مليار أورو، مما يغطي سنة واحدة من الاستيراد، وهذا مايضع الجزائر امام تحديات كبيرة .
” ترقية الصادرات خارج المحروقات ووضع حد للتبعية أول خطوات الخروج من الأزمة ”
وللخروج من هذه الأزمة التي تعيشها الجزائر و في ظل عدم تعافي العالم من هذه الجائحة تطرق الدكتور مسعداوي إلى عدة حلول واتجاهات، مشيرا إلى أهمية ترقية الصادرات خارج المحروقات، لاسيما وأن هذه الاخيرة تعتمد على المواد الخام والمواد نصف المصنعة والمواد الأولية وهذا مايضع الاقتصاد الجزائري في وضع حرج نوعا ما، وبالتالي يجب التطلع إلى الأفق من أجل بناء اقتصاد متنوع والمساهمة في الخروج من التبعية للمحروقات والتحرر من معوقاتها، وذلك من خلال تنويع مداخيل الجزائر وخلق اقتصاد بديل من خلال التركيز على القطاع الفلاحي والسياحي والطاقات المتجددة التي مازالت مستغلة بأقل مستوى بالنسبة للجزائر، مضيفا ولو ركزنا على الفلاحة مثلا نجد أن صادرات الجزائر الإجمالية في الثلاثي الأول من سنة 2019 قد بلغت 10,14 مليار دولار، كما بلغت في الثلاتي الأول من سنة 2020 قيمة 7,617 مليار دولار، مما سجل تراجعا بقيمة 2,5 مليار دولار، بالموازاة مع الواردات التي شهدت أيضا تراجعا ملحوظا، حيث قدرت في الثلاثي الأول بقيمة 11مليار دولار لتصل إلى 9 مليار دولار وهذا ماحقق عجزا في الميزان التجاري بقيمة ناقص -1,50 مليار دولار، حيث تصل نسبة تغطية الصادرات للواردات إلى83,50℅ وبالتالي يجب النظر إلى الافق والتطلع إلى التحديات التي تفرضها المبادلات العالمية .
” المبادلات التجارية حل من الحلول المطروحة “
و أكد الدكتور مسعداوي في حديثه على طريقة المبادلات قائلا أنها قد تكون حلا من الحلول البديلة للخروج من الأزمة وبأقل ضرر ممكن وذلك من خلال التركيز على طريقة المبادلات وعمليات التصدير الجزائرية التي تقوم على قواعد العرف التجاري (مصطلح التجارة الدولية) بمعنى أنها تبيع الصادرات عند ميناء الجزائر، أي أنها لاتستغل حتى مصاريف النقل والشحن، وبلغة الارقام فقد تمت 81291 عملية تصدير منها 71 ألف عملية أي مايعادل نسبة 99℅ عملية تم تصديرها من ميناء الجزائر، بمعنى أن المستورد يأخذ السلعة من ميناء الجزائر دون استغلال مصاريف النقل والشحن والتي كان من الممكن أن تكون على شكل عوائد خدمات ترجع الى الاقتصاد الجزائري .
وأضاف البروفيسور يوسف مسعداوي المتخصص في المالية الدولية وأستاذ كلية العلوم الاقتصادية بجامعة البليدة أنه في إطار الدراسات التي تطرقت إلى هذا الجانب المرتبط بالنقل فإن الجزائر عكس ذلك فإنها تستورد بمعنى ( c i f) والمقصود منه سلعة واصلة إلى الجزائر، وبالتالي المصدر الأجنبي يأخذ نفقات السلعة وكذلك مصاريف النقل والشحن وهذا مايزيد في أعباء واردات الجزائر، حيث بلغت مصاريف النقل حوالي 6 مليار دولار وهذا نوعا ما مبلغ كبير جدا كان من الممكن أن نتفاداه فيما لو اعتمادنا على وسائل النقل الخاصة، وفق تحليلاته.
وأشار البروفيسور مسعداوي أيضا إلى تعزيز وتثمين الجهود الرامية إلى تنويع الاقتصاد الوطني ورفع مردوديته متحدثا عن قيمة الصادرات لسنة 2019 لحوالي 766مصدرا والتي بلغت 2,58 مليار دولار وهي من عائدات المواد الـ 5 (top fève ) الزيوت، الطاقة، الامونياك والفوسفات معتبرا أن هذا المبلغ المحقق من المواد الـ 5 المسيطرة هو مبلغ ضئيل جدا وهذا دليل على أن اقتصاد الجزائر في الصادرات خارج المحروقات غير متنوع .
” يجب تصدير التمور بعلامة جزائرية ووضع حد لتسويق هذه المنتجات من قبل دول جوار “
وقال الأستاذ يوسف مسعداوي مضيفا، لو نأخذ على سبيل المثال لا على سبيل الحصر التمور مثلا: فنجد الجزائر تصدر ماقيمة 51 مليون دولار في حين ومقارنة بتونس نجد أنها تصدر مايفوق 300 مليون دولار رغم أن منتوج التمورالجزائرية ذو نوعية وجودة، حيث قمنا بدراسة ماجستير لسنة 1997بالمدرسة العليا للتجارة تحدثنا فيها عن منتوج التمور الجزائرية التي يتم تسويقها عن طريق التونسيين، وذلك من أجل تسويقها في الأسواق الأجنبية لكن الامور بقيت على حالها، بعد 23سنة مرت مازال المشكل مطروحا وهذا مايطرح تساؤلات كثيرة، لمذا لايؤخذ بهذه الدراسات والبحوث الموجودة بالجامعات الجزائرية؟
ومن الحلول أيضا التي ذكرها البروفيسور يوسف مسعداوي هي زيت الزيتون، حيث قال أن زيت الزيتون تغني به الجزائريون في التصدير وقد بلغت قيمة صادراته 90 ألف دولار ولو نوعنا في هذه المنتوجات من التمور وزيت الزيتون، بطاطة الترفاس، ” ليسكاغقو” و”التونة ” حيث لدينا شواطىء غنية بها من الممكن أن نصل إلى 5 مليار دولار، محددة خلال مشروع الحكومة الذي يسطر في السنوات المقبلة إلى أنه سوف يصل إلى 5 مليار دولار من الصادرات خارج المحروقات.
كذلك من الحلول التي نراها هامة جدا يقول الدكتور الإمكانيات الطبيعية التي اجتبانا بها الله من خلال رأس المال الفكري البشري في إبداعات الباحثين الجزائريين بوسائل بسيطة من خلال أجهزة التنفس التي صنعوها لمجابهة كورونا والتي تبرهن أن رأس المال الفكري البشري الجزائري يمكن المراهنة عليه وسوف يكون من البدائل الاستراتيجية للخروج من هذه الأزمة والموارد غير المتجددة، فيجب الاتجاه نحوالموارد المتجددة من خلال التركيز على التكوين والإبداع وكذلك المؤسسات الناشئة وكذلك حافظات الاعمال التي أنشاتها الوزارة المتخصصة في هذا المجال لإنجاح المشاريع الصغيرة حتى تصبح مؤسسات كبيرة تساهم في التنمية الاقتصادية .
ومن الحلول أيضا التي تطرق لها البروفيسور يوسف مسعداوي التنويع ، حيث أكد أن التصدير يرتكز على التنويع لأن الدخول إلى السوق الأجنبي صعب وفي منافسة شرسة والجزائر سجلت تأخرا كبيرا في الدخول إلى هذه الأسواق الخارجية وبالتالي يجب الدخول باستراتيجية تعتمد على أسس صحيحة من خلال التحفيزات وكذلك نوعية المنتوج مع خلق علامات مطابقة لمواصفات عالمية تحترم الجودة العالية، وذلك من خلال التركيز على المخابر للاستثمار في هذا الجانب حتى يخرج المنتوج إلى الأسواق العالمية وتصبح الجزائر رائدة، خاصة في المجال الفلاحي، ونحن نعلم أن الجزائر لديها اراض شاسعة وخصبة وبالتالي يمكن المراهنة على الجانب الزراعي وكذلك الصناعة الزراعية التحويلية التي يمكن أن نحقق فيها فائضا ونأخذ على سبيل المثال مادة “الثوم” التي تم تحقيق إنتاج وفير لكن أغلبه استهلك وتركه الكثيرمن الفلاحين لأن تكلفته أصبحت باهضة.
” ينبغي الوصول إلى استقرار الإنتاج ووضع حد لحالة الفائض لأن التصدير يتطلب التواجد الدائم في الأسواق “
وفي سياق الحديث عن التصدير، أشار الاستاذ مسعداوي إلى أن التصدير بالفرص يعد تذبذبا في الاستمرارية و من المستحيل أن ينجح في السوق لأن التصدير يتطلب التواجد الدائم في السوق، ليتساءل فهل نحن قادرين على التواجد الدائم والمستمر في السوق، علما أن لدينا تذبذب في الإنتاج فمرة لدينا فائض وأخرى لدينا عجز، فيجب البحث عن حلول حنى يصبح الإنتاج مستقرا فمثلا في الجزائر المنتوجات الفلاحية تعتمد على الأمطار إذن يجب التركيز على السقي.
وأكد البروفيسور يوسف مسعداوي في حديثه لأخبار دزاير على التصدير وقال أنه عملية معقدة جدا يدخل فيها عدة أطراف من بينها الجمركي، المالي، التسويقي (البنك) وبالتالي تداخل هذه الهيئات يشكل عراقيل للمصدر، وقد اقترحنا إنشاء بما يسمى بيوت التصدير وهذه البيوت هي التي تقوم بكل مايتعلق بالتصدير، لأن المصدر لايستطيع أن يفهم كل هذه المراحل وذلك بسبب غياب ذهنية المصدر.
وقال البروفيسور يوسف مسعداوي أيضا أن اقتصاد الجزائر اقتصاد هش، فلما لانُفعّل اتحاد المغرب العربي، فكرة حقيقة كانت قديمة فلم لانجسدها على أرض الواقع وستستفيد الجزائر وجميع العالم العربي، فكل العالم متكتل، إلا نحن مازلنا لم نصل إلى هذا المستوى مثل ماوصلت إليه أوروبا وحدة نقدية، ونحن نراوح البدايات الأولى من التكامل، مضيفا ربما الجزائر خططت للدخول إلى منطقة التجارة الحرة الإفريقية وهي بعيدة نوعاما وننسى التكتل القريب الذي لديه بعد تاريخي وجغرافي، ولم لا نتجاوز الجوانب السياسية ونركز على الجانب الاقتصادي مثل مافعلت أوروبا بالرغم أن بينهم ملايين الضحايا وأصبحت قوة بعد التكامل وتجاوز الصراعات السياسية.
وتابع البروفيسور يوسف مسعداوي الشراكة تعتمد على تعادل وتوازي الطرفين، فنحن مبدأ الشراكة كان خاطئا لأنه يركز على الجانب السياسي، أما الاقتصادي فقد حققت خسائر كبيرة من خلال تفاوض الجزائر والمغرب كلهم منفردا، والآن فتحنا مجالا مع الدول الإفريقية، فتحنا مجال الشمال والجنوب فإلى أين نحن ذاهبون؟ وأنا أتمنى أن يكون هذا التمني نداء له آذان صاغية مجسدا على أرض الواقع في القريب العاجل إن شاء الله، من خلال دفع وتفعيل اتحاد المغرب العربي وإقامة استراتيجية مدروسة وقابلة للتنفيذ على أرض الواقع وذلك من أجل دفع وتفعيل اتحاد المغرب العربي الذي سوف يكون قوة.
حاورته: عريبي. م
البروفيسور يوسف مسعداوي في سطور:
- أستاذ بجامعة البليدة، كلية العلوم الاقتصادية .
- له العديد من الاصدارات العلمية من بينها 5كتب .
– دراسات في التجارة الدولية .
– التمويل الدولي.
– الأسواق المالية وإدارة المحافظ .
– الدراسات المالية الدولية .
– أساسيات إدارة المؤسسة .
من بينها كتابان صادران في الأردن و3 في الجزائر .
- درس في العديد من الجامعات على المستوى الوطني، وشارك كخبير في تكوين وتدريب لدى العديد من الهيئات من بينها وزارة الداخلية، تكوين رؤساء البلديات 2008 .
وزارة المالية : تكوين متربصي المفتشين العامة للمالية .
شارك في العديد من المؤتمرات الدولية بكل من:
– مصر
– الاردن
– العراق
– المغرب