اتسعت ساحة الحرب السبرانية الإعلامية المغربية ضد ممثل الجمهورية العربية الصحراوية منظمة ” البوليساريو ” والداعمين للقضية الصحراوية متجاوزة قواعد اللباقة والاحترام والاحتراف الإعلامي وذلك من شأنه أن يفقد وسائل الإعلام المغربية المصداقية والإحترام الدولي.
وراح المسؤول الأمني لدى المخابرات المغربية “شرقاوي حبوب” (Cherkaoui Habboub) ليعلن بتاريخ 09 مارس 2021 لجريدة فرنسية jeune africain عن حالات تفكيك الخلايا الإرهابية من طرف المخابرات المغربية الزاعمة أن بعض الارهابيين الموقوفين هم من عناصر جبهة البوليساريو المنتمين لعدد من التنظيمات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل الإفريقي لاسيما القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وبذلك ستحلل المغرب لنفسها تجريم وتعذيب وقتل الصحراويين خاصة في هذه الفترة العصيبة، أين عاد النزاع بين الصحراويين والمغرب بشأن القضية الصحراوية آخر مستعمرات افريقيا.
ولم يتوقف اتهام المسؤول الأمني المغربي في معبر حديثه عن المخاطر الأمنية المحدقة بالمغرب بخطر التنظيمات الارهابية، بل راح يٌقحم الجزائر في ذلك حتى يلفق لها تهمتين، الأولى عدم تعاونها مع المغرب شخصيا في مكافحة الإرهاب، والثانية تدريب عناصر ” البوليساريو” عسكريا في مخيمات تندوف، وبالتالي التسبب في زيادة اضطراب منطقة الساحل الإفريقي.
حجم التزييف والأكاذيب بلغ درجة كبيرة من خلال الافتراء على الجيش الوطني الشعبي زاد عن حده عوض التصدي للمخاطر الحقيقية والمشاكل الإجتماعية الداخلية المتراكمة، إذ عوض التوقف النهائي عن دعم زراعة القنب الهندي وتهريبه والمهدد للحياة من خلال ما ينجم عنه من ضياع العقل وتضاعف قضايا الجرائم في المنطقة ككل، وبمجرد أن الجزائر تشكو من تزايد خطورة تهريب المخدرات التي كل الأدلة توقع الظلم على المغرب، تذهب هذه الأخيرة إلى الحديث عن تهم كاذبة على الجزائر، معتمدة أسلوب الدناءة والمتمثل في “الإشاعة”.
وإن كان على التهمة الأولى، فالجزائر أثبتت دوليا أنها تكافح التنظميات الإرهابية منذ زمن وببسالة بكافة الطرق المشروعة، ماديا من خلال المعدات الحربية ورصد الأموال اللازمة لحراسة حدودها الممتدة، و أموالا أخرى في إطار استكمال مشاريع تنموية في دول الساحل، وبشريا من خلال الترسانة البشرية الممثلة في جيشها المحترف والعمليات النوعية التي استهدفت أوكار بقايا الإرهاب وحجز أسلحة متنوعة، وسياسيا من خلال المساعي الحثيثة في جمع شمل الفرقاء السياسيين في بعض دول الساحل حتى يستتب فيها الأمن وبالتالي في المنطقة برمتها، وخير مثال على ذلك مساعيها الجادة والمستمرة في إدارة الأزمتين الليبية والمالية.
ويبدو أن إصرار المغرب على تلفيق الأكاذيب والإشاعات يعود إلى تزايد حالات تهريب المخدرات المهلوسة للعقول في وضح النهار وظلمة الليل لاسيما على عقول المجرمين وفي مقدمتهم عناصر التنظيمات الإرهابية المتناثرة في منطقة الساحل على كل النقاط الحدودية المغربية حتى يزدادون جرما وظلما، بل ووصل الأمر إلى مصادقة الحكومة المغربية على تقنين زراعة وإنتاج وتصدير ” القنب الهندي “.
لقد أضحى صعبا على سلطات المغرب تبرير فشلها من خلال التصريحات الواهية الهادفة إلى إيهام الرأي العام العالمي بالظلم الواقع عليها من العناصر الإرهابية ونقص دعم الجوار الجغرافي.
إن دول الاتحاد الأوروبي لاسيما المطلة على البحر الأبيض المتوسط تعرف بكل يقين عن تهريب المخدرات من المغرب إلى دول الحدود المغربية وما وراءها، وإلى دول شمال غرب البحر الأبيض المتوسط رغم شدة الحراسة واعتماد أذكى التقانة لمواجهة هذا النوع من التهريب العابر للقارات، وهي على علم أيضا بصرامة الجيش الجزائري في مواجهة المهربين والتهريب بشتى أنواعه، فلا يمكن أن نحجب الشمس بالغربال.
واتهام جبهة ” البوليساريو ” بانتساب بعض عناصرها لتنظيمات إرهابية دون أدلة حقيقة ما هو إلا جور وبهتان، أو أنها تنتظر من ذلك توقيف جيش ” البوليساريو ” من طرف المنظمات الكبرى ليستمر الجيش المغربي في امتداد ظلمه وتعنته على مبادئ حقوق الإنسان وما أقرته الأمم المتحدة بخصوص القضية، تتمنى من خلال نشر هذه الإشاعة توقيف جيش البوليساريو لعدم قدرتها العسكرية في مواجهة جيش جبهة البوليساريو منذ نوفمبر 2020 وحتى يتخذ المجتمع العالمي ضدها عقابا شديدا وترتاح المغرب من المواجهة العسكرية وأعبائها الثقيلة، حتى تستمر بل تزداد إمتدادا في التسرب إلى مناطق صحراوية محررة، وتستمر في عمليات التهريب بكل أنواعه لتجني من ورائها الأموال في عمليات تسمى تجارة تذكي بها ميزانيات المخزن و رؤوس أموال الملك وبيادقه حتى تصرف مجددا على شراء سلم الإفريقيين وتصويتهم لمغربية الصحراء من جهة، ولتشتري بها صمت معارضي النظام من أصحاب المصالح ولوبيهات مافيا المخدرات التي تغرس على أراضيها من جهة أخرى.
آلة الدعاية المغربية وحرب ” الإشاعات ” الفاشلة مسبقا !
انتشر اعتماد نشر الإشاعات المغرضة والأفكار المغلوطة والأخبار المفبركة (صوت وصورة) بغية تسميم وتغليط الرأي العام العالمي، ولأن الإشاعات هي أحد أشكال الدعاية السياسية المرتكزة على التخطيط المحكم بغية التشويش وتضليل الرأي العام المستهدف وكسب تعاطفه حتى يساند من أطلقها أو على الأقل لا يقف ضد أفكاره وهواجسه.
وفي عصر التكنولوجيات الحديثة في عالمي الإعلام والاتصالات أضحى نشر الإشاعة بطرق سريعة كسرعة البرق (صوت وصورة) بضمان وسهولة التنفيذ.
ولا يخف على القارئ أن الجزائر صنفت عام 2018 م الأولى عربيا، وفي المرتبة الرابع عشر عالميا من حيث البلدان أكثر تعرضا للهجمات الإلكترونية، فما هو إلا هجوم إعلامي تخريبي وسياسة قذرة تبغي هدم سمعة وشرعية الأنظمة ومؤسساتها، والهدف منه تحديدا نحو الجزائر هو ضرب النشاط الدبلوماسي الجزائري، والمشاريع التنموية الجزائرية خاصة على المستوى الإفريقي ليخلو للمغرب الفضاء الافريقي حتى تكسبه في صفها بعد أن “ترتشيه” وبمجرد الوصول للمبتغى ـــ ولن يحدث ـــ ستتحول إلى الشركاء التي تراهم منبع المال والرفاه ( دول أوروبا، أمريكا وإسرائيل الحليف الجديد علنا).
ومن يتابع الإعلام المغربي (جرائد ورقية وإلكترونية، وعلى مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ومختلف الوسائل المسموعة والمرئية) سيندهش من شدة الحقد الدفين نحو الجزائر بمجرد أنها تقف مع جبهة البوليساريو الصحراوية في حقها المنهوب.
الإصرار المغربي على محاولاته اليائسة لإنهاك الجزائر من خلال الحرب الإلكترونية الشعواء ” الخاسرة ” مسبقا والنبرة الهجومية الشرسة، وتضليل الرأي العام العالمي ليس الحل الأمثل للقضية الصحراوية.
والمنتظر هو حل جذري لتنتهي مأساة شعب حٌرم من أرضه وخيراته وعاش في مخيمات بعيدا عن أرض أجداده أو عاش فوق أرضه مسلوب الهوية ومُنكس الرأس.
بقلم أ.د نبيلة بن يوسف