فشلت الخطط الإعلامية التي باشرها القصر الملكي بالرباط بالتنسيق مع جهاز الإستخبارات المغربية منذ أشهر في تشويه صورة الجزائر ومسؤوليها، بعد أن تم ضخ الملايير من عائدات ” الحشيش ” وتجنيد آلاف الحسابات المزيفة والصفحات مع فسح المجال أمام ” الذباب ” الإلكتروني لشن هجومات يومية على المواقع والصفحات الجزائرية، من خلال التعليقات تارة ونشر أخبار كاذبة ومفبركة ومحاولات اختراق من جهة أخرى.
وفضحت مواقع إلكترونية وطنية وصفحات إلكترونية جزائرية التنسيق بين المخابرات المغربية مع نظيرتها الفرنسية في تجنيد معارضي الخارج، عبر مدهم بالأموال من أجل مواصلة تهييج الشارع الجزائري، حيث تسارعت وتيرة التحريض مؤخرا ووصلت ذروتها، موازاة مع مراهنة هؤلاء على إخراج الجزائريين إلى الشارع باستغلال ذكرى الحراك الشعبي يوم 22 فيفري الجاري.
وبرأي المتتبعين، فإن الحروب الناعمة في الوقت الراهن ترتكز أساسا على مواقع التواصل الإجتماعي من أجل تحويل مرتادي العالم الإفتراضي إلى أدوات تدمير ذاتي، من خلال بث مواد تزيد من هوة الثقة بين المواطنين والدولة في عدد من البلدان المستهدفة، وأضاف هؤلاء أن الإعلام المرئي مثل قناة الجزيرة، العربية والوكالات العالمية قد لعب دورا كبيرا في تحقيق أهداف الدول الكبرى ميدانيا، في العراق، سوريا، اليمن، السودان وليبيا، إلا أن هذا الدور قد تناقص اليوم لصالح شبكات التواصل الإجتماعي والحروب الإلكترونية، وهو الوضع الذي صار يستدعي اعتماد آليات واستراتيجيات جديدة بالجزائر لمواجهة هذا التطور الحاصل.
رئيس الجمهورية: إعداد المورد البشري المؤهل وتطوير البنى التحتية سيمسح بالاستفادة من فوائد الرقمنة و التصدي لمخاطر السيبريانية على أمن البلاد
أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في رسالة وجهها إلى الصحفيين في عيدهم الوطني خلال شهر أكتوبر من العام الفارط على أنه ” يتعين علينا وضع الأمن المعلوماتي ضمن أولويات بناء الجزائر الجديدة من خلال إعداد الأطر القانونية والآليات اللازمة لمواكبة الطفرة التكنولوجية وما أوجدته من تطبيقات إلكترونية ونماذج رقمية فائقة الدقة”.
وشدد رئيس الجمهورية في هذه الرسالة أنه ” تعزيزا لهذا الجانب فإن إعداد المورد البشري المؤهل وتطوير البنى التحتية الخاصة بمجال الرقمنة سيمسح في آن واحد بالاستفادة من فوائد الرقمنة إلى جانب التصدي لمخاطر السيبريانية على أمن البلاد وعلى منظومة الحقوق والحريات الفردية والجماعية.
من هنا فإن كافة المؤسسات مطالبة عاجلا غير آجل بإعادة هيكلة نفسها والاندماج في عالم الخدمات الإلكترونية الذي أضحى واقعا لا مفر منه وقاسما مشتركا يميز بمستويات متفاوتة حياة الشعوب ونشاط الحكومات عبر العالم”.
وتطرق الرئيس عبد المجيد تبون إلى التحولات الرقمية الراهنة وانعكاساتها على الاقتصاد بالتأكيد على ” إن هذا الواقع المبني على التحول الرقمي السريع يوفر للحكومات وللقطاع الخاص فرصا هائلة للانتشار والتوسع بين مختلف شرائح المجتمع وفئات المواطنين بل يتعدى مداه كل الحدود.
لقد سبق لي إسداء التوجيهات اللازمة والتي أحرص كل الحرص على تجسيدها بخصوص الإسراع في رقمنة القطاعات الوزارية وتحقيق الترابط بينها إسهاما في محاربة البيروقراطية والفساد مع ضرورة إيجاد حل جذري لمشكل بطء تدفق الإنترنت نظرا لأهمية التدفق السريع في إنجاح عملية الرقمنة”.
وأعرب رئيس الجمهورية عن ارتياحه بعد ” شروع بعض القطاعات في تبني العملية من خلال وضع أرضيات رقمية خاصة فإننا نعول أيضا على المجتمع المدني لمرافقة هذه الجهود بالتوعية والتحفيز للإقبال على الرقمنة والحلول التكنولوجية كخيار لا بديل عنه لبناء الجزائر الجديدة التي وقع شهادة ميلادها الحراك الشعبي المبارك”، مضيفا أنه “يتعين على المواطن الذي يقع في قلب التحول الرقمي الاندماج بقوة في هذه العملية عن طريق اكتساب نمط تفكير جديد وانتهاج أسلوب حياة يتماشى مع الحلول الإلكترونية المبتكرة التي توفرها المؤسسات الوطنية كالدفع الإلكتروني ومختلف المعاملات الإدارية والاقتصادية.”
الخبير يونس قرار: أقترح استحداث هيئة عليا مختصة في الأمن المعلوماتي تابعة لرئاسة الجمهورية
دعا الخبير في تكنولوجيات الإعلام والإتصال الدكتور يونس قرار في تصريح لـ ” أخبار دزاير ” إلى استحداث هيئة عليا مختصة في الأمن المعلوماتي تكون تابعة لرئاسة الجمهورية، تماشيا مع الوضع الراهن، مهمتها وضع وطنية شاملة للأمن المعلوماتي، تتمتع بسلطة قانونية وأخرى علمية من خلال مراهنتها على خبراء ذوي مستوى عال.
وأكد الخبير ” يونس قرار ” أن الحروب الإلكترونية صارت واقعا، يتطلب التكيف معه بالجزائر، وهناك صراعات عالمية ما بين الدول وأطماع اقتصادية وأهداف سياسية كذلك، الأمر الذي يجعلها تشن حملات تشويه بما يتوافق مع هذه الأهداف”، مشيرا إلى أن المغرب يشن منذ فترة هجمات إلكترونية ضد الجزائر وفق مصالحه.
واقترح الخبير في تكنولوجيات الإعلام والإتصال نشر ثقافة التربية الأمنية منذ الطور الإبتدائي، لتعليم التلميذ كيف يتعامل مع شبكات التواصل الإجتماعي والألعاب الإلكترونية وغيرها، مع نشر ثقافة إلكترونية بالعائلة، تتعلق بشروط اختيار كلمات السر مثلا بمواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، وتعليم المواطنين كيفية التفريق بين المعلومة الصحيحة والكاذبة والموثقة وغيرها..
كما تطرق الدكتور يونس قرار إلى الحلول التقنية الواجب توفرها، داعيا إلى تكوين مؤسسات متخصصة لتطوير الحلو اللازمة لمختلف الإشكاليات المطروحة، كما تحدث على ضرورة تكوين الكفاءات، مع إدراج تخصصات تتعلق بالأمن المعلوماتي في جوانبه المختلفة بالجامعة الجزائرية.
واعتبر الخبير يونس قرار في هذا التصريح أن هذه الاقتراحات تعد احدى المرتكزات التي يمكن أن تستند عليها الهيئة العليا المختصة في الأمن المعلوماتي، والتي سيكون له دور استشرافي في التطورات العالمية، مع تقديم الحلول التقنية لمواجهة أي حروب إلكترونية أو اختراقات تستهدف الجزائر.
أخبار دزاير: كريم يحيى