أكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد سواهلية في رد عن سؤال لأخبار دزاير حول تأثيرات تفشي جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني ومختلف الاختلالات التي يعانيها في هذه المرحلة، والحلول التي يراها مناسبة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود “أن الاقتصاد الوطني الجزائري في ظل جائحة كورونا ليس بالكارثي بوجود احتياطات العملة الصعبة وابتعاد الجزائر عن دائرة الديون الخارجية رغم العقبات والصعوبات الذي تواجهه اليوم من خلال التشريعات القانونية والتنظيمية المسيرة لقطاع الصناعات، خاصة بتقديم دفتر الشروط الذي يشكل عقبة ثقيلة جدا أمام المستثمرين”، مشيرا إلى أن الإمكانيات البشرية والطبيعية التي تستحوذ عليها الجزائر كفيلة بإنعاش الاقتصاد وفق استراتيجية ورؤية مدروسة”.
وأوضح الدكتور المختص في العلوم الاقتصادية أحمد سواهلية ” أن الاقتصاد الوطني يعتمد أساسا على قطاع واحد وهو قطاع المحروقات الذي بلغت نسبة الصادرات فيه 96 % من الصادرات الإجمالية حسب التقرير الوطني للاحصائيات، كما أن اعتماد الدولة على إيرادات الخزينة في موازنتها على الثلث من قطاع المحروقات يجعل الأمر معقدا في ظل تدحرج أسعار النفط التي تتراوح في حدود 40 دولار للبرميل ما يهدد بذلك احتياطات الصرف بالتآكل المستمر، خاصة وأن الاقتصاد في ظل تفشي جائحة كورونا يحاول تغطية الواردات من جهة والتكاليف المتواصلة للجائحة المتعلقة بتكاليف العلاج وتعويضات العمال الصحية وفي كل القطاعات و أيضا المؤسسات الاقتصادية المتضررة من الوباء خاصة الخدماتية من جهة أخرى، وهي ـ في رأيي ـ عقبة تضاف إلى إشكاليات الاقتصاد الجزائري الموجودة بالأساس منها التحصيل الجبائي الذي يشهد تهربا ضريبيا كبيرا بالإضافة إلى إشكالية الاستيراد المفرط الذي قتل الاستثمار في الجزائر والتنظيمات المعقدة للمنظومة المصرفية التي كانت كارثية في تمويل المؤسسات الاقتصادية مع العجز الذي يشهده الميزان التجاري والفساد في الصفقات العمومية” .
وأكد الدكتور أحمد سواهلية في رده أن كل هذه التهديدات الموجودة تجعل الاقتصاد الجزائري في مشكلة كبيرة رغم وجود مزايا كالموقع الاستراتيجي الذي تحظى به الجزائر و مناخها المتنوع ، واستقرارها السياسي والمقدرات الفلاحية والطاقات البشرية الكبيرة جدا التي تمثلها نسبة الشباب في الجزائر، وهذا كله ـ حسبه ـ يساعد في الانتقال إلى اقتصاد معرفي تُستغل فيه التكنولوجيات الحديثة، وبهذا يمكن تصور خطة ورؤية اقتصادية واضحة المعالم تعتمد أساسا على الاستغلال الأمثل للقدرات البشرية والطبيعية بخلق اقتصاد متنوع لا يعتمد على قطاع المحروقات فقط بل الاشتغال على قطاعات أخرى مهمة مثل إنتاج الغاز بكل أنواعه والصناعات البيترو كيميائية والفلاحة التي تعتبر محركا أساسيا لكل الاقتصاديات .
وعن واقع قطاع الفلاحة في الجزائر، أشار الدكتور أحمد سواهلية في تحليله إلى أن الوضعية الفلاحية في الجزائر بما يمتلكه هذا القطاع من قدرات ليست في المستوى المطلوب مقابل ما تمتلكه من مقومات زراعية وحيوانية وغابية وهي ثروة كبيرة جدا من حيث المساحات الزراعية والتي لم يتم استغلالها أفضل استغلال، مضيفا ” ومهما كانت أسباب التأخر في الإقلاع الحقيقي لقطاع الفلاحة ، سواء كان في مرحلة التنمية القديمة المتمثلة في التخطيط الزراعي أوالتغيرات الهيكلية التي عرفها قطاع الفلاحة، فيجب على السلطات العليا الاهتمام البالغ بهذا القطاع وتحديد معوقاته ووضع استراتيجية تنموية بإزالة الحد من هاته العقبات لتحقيق الأمن الغذائي والابتعاد عن التبعية الغذائية كمرحلة أولى، وفي مرحلة ثانية الإسهام في تنويع الصادرات للخارج ، كما أن قطاع الفلاحة يسهم في تشغيل اليد العاملة وامتصاص البطالة خاصة في مناطق الظل وتنمية مناطق الريفية” .
وتابع الخبير الاقتصادي في حديثه عن واقع قطاع الصناعة، أنه يجب على الحكومة العمل على تطوير آدائه رغم أن مخطط الحكومة ليس له جدوى اقتصادية في الميدان و الدراسات فيه ظرفية وليست استشرافية خاصة وأن هذا القطاع نموه بطيء جدا لتقيده بدفتر الشروط كإضافة إلى التشريعات والنصوص التنظيمية وهو إشارة الى أن هناك خللا تشريعيا كبيرا في هذا المجال لابد من إعادة النظر فيه، حيث يزيد من عرقلة الأمر وهو ما سيجعل المؤسسات الاقتصادية تنفر من الاستثمار في عدة مجالات .
وأضاف الدكتور أحمد سواهلية ” كذلك على قطاع الصناعة أن يأخذ الحيز في نسبة النمو الاقتصادي الوطني وخاصة النتاج الداخلي الخام بتوفير احتياجات داخلية من السلع والخدمات كمرحلة أولى، ولا بد للجزائر من صناعة ذو ميزة تنافسية عالمية يتم فيها الإسهام الفعال في التصدير والتنافس مع قطاع المحروقات بتعديل القانون الاستثماري الذي يجب أن يكون ملائما جدا وأيضا إنشاء صناديق تمويل الصناعة مع الاهتمام بالعامل البشري وعدم الاكتفاء به كعامل إنتاج فقط بل تطوير وتأدية مهامه وكفاءته بعقد اتفاقيات وإقحام الجامعة في هذا المجال” .
أما بخصوص تطوير قطاع المالية، فرد الدكتور أحمد سواهلية أنه ” يتوجب تحسين منظومته الضريبية القاتلة بتوسيع المساحة الضريبية بإنشاء مؤسسات جديدة واستثمارات كبيرة وتبسيط الضريبة التي تقتل نفسها لأن نسبتها كبيرة جدا ومحاربة التهرب الضريبي برقمنة الإدارة الضريبية”، وشدد أن ” كل هذه الإجراءات تساهم في محاربة الظاهرة غير السوية ، خاصة و أن الجلسات الخاصة بالسلطات والمتعلقة بجلسات الإنعاش الاقتصادي حددت الأهداف المراد تحقيقها من خلال الاعتماد على العامل البشري والمادي والهيكلي الذي بات ضروريا والاشتغال على التشريعات والقوانين من أجل خلق مناخ استثماري أجنبي ومحلي وهذه كلها عوامل مهمة في المنظومة المالية والمصرفية، وأيضا بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاهتمام بقطاع الخدمات وتوزيع الصفقات العمومية بالتساوي حسب النشاط والجدية والمبالغ في مقابل ضرورة التزام هذه المؤسسات بواجباتها تجاه الضريبة وتنشيط الدورة الاقتصادية” .
وقال الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية أن الاستشراف في ظل جائحة كورونا قد يكون سهلا وليس صعبا من أجل عودة النشاط الاقتصادي بقوة خاصة وأن هناك تعاف في أسعار النفط وهو لا يعني في ذات السياق أن الاقتصاد الجزائري في وضعية جيدة بل صعبة خاصة المالية منها.
أخبار دزاير: كريم يحيى