ترددت كثيرا قبل أن أكتب أحرفي , فالبعض سيقرأها مدح وقد يقرأها البعض قراءة أخرى , لكن اليقين كان يسكنني بأن الكثيرين من أبناء هذا الوطن سيقرأها حق يمنحه لها تفانيها ومشوار طويل من الحب والعطاء ..
رشيدة قاسم.. هذه الروح التي رسمها التواضع جميلة حَد الدهشة ورسمها إصرارها وحنكتها وتميزها في العمل إمرأة من حديد لا تهاب الصعاب مهما كبرت , ورسَمَها كرمُها وطيبتها وجها لا يعرف العبوس في وجوه الآخرين مهما كان غضبها . في أول جلسة لي معها تحدثنا عن الجلفة وعن مشوارها المهنى أين اعتلت منصب مدير الإذاعة المحلية للولاية , ذكرت أمكنة و أحداثا وأسماء هي أبدا لا تنساها تقول انّ الجلفة تسكنها وتقطن عمق القلب والذاكرة . وربما بعض الأسماء ممن ذَكرَت (حين لقائي بهم في إذاعة الجلفة ) لم يأت على ذكرها , لكن الكثيرين غيرهم قالوا عنها المرأة الفحلة بلهجة المنطقة والتي تفتح الباب للمواهب والمرأة التي تخلق من العدم أشياء يذكرها الزمن , وفي زيارة أخرى لها عرفت أنّ شهادتهم وإن كانت طيبة فهي ابدا لم تكن إلا نقطة من بحر عطاءاتها … ففي وقفتي الأولى اكتشفتها بيتا للكرم والقلب الكبير أين تعرفت على ماما عيشة هذه السيدة التي تناديها أمي والتي تتكبد عناء السفر من مدينة تيهارت إلى مدينة المدية لتتفقدها بعد عشرة دامت أكثر من سنة , قالت عنها ماما عيشة أنها القلب الكبير الذي يحمل أوجاع غيره دون ملل ولا تذمر . وفي اكتشاف أدهشني للمرة الثانية أين دخل علينا وفد من إذاعة تيهارت وقَـفَت اليهم تحييهم بابتسامة المتواضع والمحب جاؤوا باحضان العِشرة التي لا تهون على الإنسان الإنسان قالوا لها : طالت الغيبة و جابنا الشوق … وكم كانت غِبطتي كبيرة ودهشتي أكبر حين وصل وفد من ولاية الجلفة لزيارتها , وتساءلت لحظتها : ترى هل يدرك الإنسان أنّ الحب فيه روح أبدا لا تكتبها المعاني ؟… وبعد أن حدثتني مديرة اللإنتاج السيدة نسيمة عن الإختلاف الجذري الذي حصل بعد توليها منصب مدير الإذاعة لولاية المدية وعن سَهرها على تسيير العمل بكل نجاح ومحاولاتها سد الثغرات بكل محبة وصبر فقط ليكون للمحطة إسمها وصوتها , أدركت أنّ الجلفة فقدت كنزا كما فقدته محطات قبلها وبعدها وأدركت أن هناك نساء بألف رجل وأدركت أيضا أنّ الأماكن تسكن القلوب كما الأرواح التي تسكنها … فهنيئا لولاية المدية ولإذاعة التيطري هذا المكسب الكَـنز وهنيئا لروح كروح السيدة رشيدة أينما رحلت تركت خلفها عبقا نقيا يرسم ملامحها بماء الذهب..
بقلم : فتيحة عبد الرحمن بَڤـَـه