سعداني يبعث برسالة للزعيم التاريخي آيت احمد يترجاه فيها بالعودة للعمل السياسي و التنسيق معه للخروج بالجزائر إلى بر الآمان، فهو يقر بان الجزائر ليست بخير و نسي انه ممن يجب ذهابهم و رحليهم كي تعود الجزائر لبر الآمان، ثم هل يستجيب رجل مثل الدا حسين لنداء رجل مثل سعداني؟؟
الدا حسين رفض نداء رجال أثقل و أنزه من سعداني و رفاق دربه أذكر منهم بن بلة حينما كان رئيسا و بوضياف حينما كان رئيسا و زروال حينما كان رئيسا.. أجزم بأن الدا حسين يندب حظه بتلقيه هذه المراسلة فقد أفسد عليه سعداني عطلته المفتوحة التي آثر ان يتمها بسويسرا بعد حياة مليئة بالأحداث و المتاعب و نغص عليه هجعته، ليذكره بأن الجبهة التي أسسها رفقة ثلة من الصادقين تحت نير الإستعمار قد أصبح أمينا عاما لها، ليذكره بان الجبهة التي صنعت قوافل الشهداء و فتحت باب الجهاد في الجزائر، قد أصبح أمينا عاما لها و فتح الباب على مصراعيه لقوافل الفاسدين و أرباب المال الوسخ، ليذكره بان الجبهة التي جاءت بالإستقلال و حررت العباد و البلاد، قد أصبح أمينا عاما لها و أضحى يتحدى مؤسسيها من المناضلين الحاليين من أمثال صالح كوجيل و محمد بوخالفة و غيرهم.. تجرأ عمار سعداني و راسل رجل التاريخ و الثوري “حسين آيت أحمد” يترجاه بأن يعود للعمل السياسي لإنقاذ البلد، بعد أن عزم الدا حسين على تطليق السياسة ليفسح المجال أمام إطارات و كفاءات حزبه و ينعم بما تبقى له من أيام-أطال الله في عمره- بشيء من الراحة، و لا أعتقد أن رجلا مثل سي آيت أحمد الذي رفض كل محاولات الإقتراب منذ سنة 1962 مع ثوريين من طينته و ذاقو مرارة السجن معه سيقبلها من سعداني، و بالتالي يكون هذا الأخير قد فشل في أول خطوة قادها باسم الجبهة و باسم الرئيس مغترا و وضع الجبهة في موقف محرج و مخزي .
الدا حسين رفض نداء بن بلة ثم رفض نداء بوضياف و بعدها رفض نداء زروال و هم من هم في تاريخ الجزائر الحديث و كلهم وجهوا نداءاتهم و الجزائر تمر بأحلك أيامها فهل سيقبلها من سعداني و هو من هو؟؟؟ .
خرجة سعداني التي ادعى بأنها بإيعاز من رئيس الجمهورية لا يمكن قراءتها إلا من زاوية واحدة و هي البحث عن شرعية خارج أطر الجبهة و هياكلها التي تأكد سعداني انها لن تلين له بسهولة و ستبقى عصية عليه، سيما فئة المجاهدين و الثوريين من أمثال صالح كوجيل و محمد بوخالفة –عبدالكريم عبادة-غزان فزان- شرشالي.. الذين ناصبوه العداء و طعنوا في شرعيته لدى مجلس الدولة و نحن نتخندق معهم مهما كانت النتائج و الظروف و الضغوط، و لنترك للمناورين و المنافقين و أصحاب نصف الموقف و نصف القرار يغازلون هذا و ذاك علهم يظفرون بفتات من المسؤولية داخل الحزب . كما أراد من خرجته هذه الظهور بسمات رجل الحوار و الجمع و هو العاجز عن محاورة و مناقشة الثوريين ممن أفنو حياتهم داخل الجبهة و بقو متمسكين بها من أيام الثورة إلى غاية اليوم و هم الأولى بالعودة إليهم و بسماع نصائحهم و إرشاداتهم فللسيد آيت احمد حزبه و مرجعيته و إيديولوجيته..
هذه الإرتجالية التي باشر بها سعداني نشاطه و تضارب تصريحاته و خرجاته الإستعراضية لن توصله إلا لباب موصد، و أثبتت سياسة الهروب للأمام أنها لا تجد نفعا داخل الجبهة، كان الأجدر به أن يراسل معارضيه داخل الجبهة كي يحرجهم أمام القواعد بدل البحث عن شرعية لدى آيت احمد و يتوهم أنه من قيمته و قامته و ندا له.. ثم كيف يقوم بعقد إتصالات خارجية مع قيادات أحزاب تعلم أكثر منه أن وجوده على كف عفريت و أن عود الجبهة لن يستقيم له و كان عليه توفير جهوده لخدمة البيت الداخلي و القضاء على الإنقسامات داخله ؟؟.
سعداني الذي بدأ تصريحاته بأنه سيعمل على المصالحة و الوئام داخل الحزب مستنسخا هذه التجربة ليطبقها علينا و كأننا حملة سلاح، ليتوجه بعدها إلى المصالحة مع أحزاب تختلف مرجعيتها عن جبهة التحرير الوطني و يترك أمر المناضلين لسياسة الأمر الواقع و المحتوم، و يزيد على ذلك بأنه سيكمل في انتهاج سياسة بلخادم مستفزا بذلك قواعد الحزب التي لن يجد منها إلا المعارضة و الممانعة مادام عرابه بلخادم و محيط بلخادم..
بقلم: سي الطيب. و