الأستاذ عبد القادر مسكي غني عن الـتَّعريف في الـسَّاحـتـين الأدبيَّـة بجوانبها الجمَّة والأكاديمية من الأدب العربي إلى السياحة والتاريخ.
أحد رواد الشِّعر الجزائري الفصيح والملحون كِلاهُمـا. ومِن قامات الأجناس الـنَّـثريَّة، على رأسها أدب الـرحلات الذي قدم فيه إضافة ثقيلة ولا يزال.
حاورته: بشرى بلمامي
- بداية، عرِّفونـا على مـيـولاتِـكُـم الـمُـتـفـرِّعة فـنِّـيًّـا وأكـاديـمـيًّـا؟
عبد القادر مسكي كاتبا وشاعرا يميل إلى روح الكلمة الصادقة التي تنسجم مع إيقاعات فنية راقية، لترسم جماليتها الأدبية في خضم الزخم المتنوع للأجناس الأدبية.
ومع ذلك فروح النقد لا تخلو من ذلك الجمال الذي يتناغم مع إيقاعات الأدب شعرا ونثرا ولكليهما أشكاله وأنواعه ومع ذلك فقد تطرق إلى معظمها عدا الرواية التي لم تلق نصيبها بعد في كتابات عبد القادر مسكي.
- أبدعتم في الأجناس الأدبية جميعها، نثرا وشِعرا. لكن يبقى للنفس ما تهواه. فإلامَ يميل الأستاذ مسكي في الكتابة ؟
وللنفس حاجاتها الأدبية التي تجد فيها متعتها وراحتها، وعلى الرغم من أن معظم كتابات عبد القادر مسكي شملت الشعر الفصيح والملحون والقصة القصيرة والمسرحية إلا أن أدب الرحلة كان له فضاؤه الأوسع في ولوجه كعالم أدبي متكامل، فكان أول مطبوع يصدر منه عن هذا الجنس الأدبي الماتع، بغية إحيائه وتقريبه إلى المتلقي بطريقة فنية مشوقة.
- إبن بطوطة الجزائري، عُـرِفـتُم بهذا اللقب لميولكم لأدب الرحلات. حدثونا عن هذه التجربة ؟
إبن بطوطة الجزائري لقب أطلقه معظم الأصدقاء على شاب عاش يتيما وانبهر بسحر الجزائر فراحت رجلاه تغزو مدنها مرتحلة دون انقطاع، بين جولات ومغامرات ومخاطر ما كان ليواجهها إلا بإرادة صلبة وعزيمة منقطعة النظير رغم توفر وسائل النقل الحديثة، فتحولت الغاية من جولات استكشافية إلى رحلات تعريفية بسحر قارة غلب سحرها جمال مالا يمكن تصوره، وبهاء ساطع لا يقاوم في سماء الجزائر.
وبعد سنوات طوال لم ترتح فيها الأرجل دون توقف، وجد عبد القادر نفسه ملقبا بابن بطوطة الجزائر أو ابن بطوطة الجزائري تيمنا بالرحالة الشهير ابن بطوطة. وإن اقتصرت رحلات عبد القادر مسكي حاليا على الجزائر باعتبارها فسيفساء قارية لا يضاهى سحرها بأي بلد في العالم.
- بعد “رحلة الواحة الحمراء” ، ماذا سيجد الجمهور بين دفتي “رحلة تيندوف في زمن الكورونا” ؟
بعد رحلة الواحة الحمراء، رحلة تندوف في زمن الكورونا، مولود آخر في زمن اللاسفر، وزمن اللاتجوال، مع ارتفاع نسبة ضحايا الوباء الذي حصد مئات الآلاف من سكان العالم، وبعد نعته بالجنون وجد عبد القادر نفسه يخوض فعلا تجربة جنونية متحديا ذلك كله، وعائدا من الرحلة بنصر يحسبه عظيما.
كان بالإمكان زيارة تندوف في الظرف العادي دون وباء ودون انعدام وسائل النقل، ولكن إرادة التحدي فرضت نفسها لتكون رحلة أكثر من عصيبة حتى أهالي تندوف لا يمكنهم استقباله، وحتى الفنادق مغلقة وحتى النقل منقطع ولا توجد وسيلة للتنقل، ومع ذلك زار تندوف وأقام فيها أياما تعرف على معالمها والتقى ببعض مشايخها ليقدم نصا ليس كسابقه، إذ سيعتمد هذه المرة على مراجع حية تتناول تاريخ تندوف وما قيل عنها وواقع تندوف خلال الحقبة الاستعمارية إذ لم تحتل سوى 28سنة فقط ، ليس كغيرها من مدن الجزائر، والرحلات الجكانية الحجازية التي انطلقت منها.
سيتميز النص عن سابقه بذكر عجائب الرحلة، وأخبار عن تندوف قبلة الصحراويين(سكان الصحراء الغربية) وموقعها الاستراتيجي الهام في خريطة الجزائر على بعدها الكبير عن ولاياتها.
رحلة تندوف في زمن الكورونا، ستكون حتما محطة يتوجب الوقوف عليها لمن أراد الخوض في مجال السفر والترحال.
- شـرَّفتُم الجزائر في عديد المحافل المحليَّة والدُّوليَّة، لو تُعَرِّفون الجمهور على أهمها ؟
الفضل كله لله تعالى أن وفقنا لتشريف الجزائر ووهران في عدة محافل دولية خاصة ما كانت داخل الجزائر، ولعل أهمها مهرجان الشاطيء الشعري بالقل ولاية سكيكدة خلال طبعتي 2011و 2012 حيث شاركت فيه عدة دول عربية ناهيك عن ما يقارب 48ولاية جزائرية مشاركة، وكانت المشاركة فعالة أثبتنا من خلالها رفقة الشعراء الشباب الذين شاركوا معنا أن للجزائر ثروة أدبية عظيمة، وأن لها أدبها الخاص وكتابا مميزين.
أما على الصعيد الوطني فكانت لنا عدة مراتب أولى في الشعر الفصيح والملحون، على الرغم من شدة المنافسات؛ رغم ذلك يبقى عبد القادر مسكي كاتب وشاعر يتعلم ويستفيد من غيره ويسعى دائما لتقديم الأفضل في ظل النزوح إلى الكتابة في أدب الرحلات.
- كيف هي نظرتكُم إلى الأوضاعِ الـرَّاهنة في السَّاحة الأدبـيَّـة وطنيًّـا وعربيًّـا ؟
الأوضاع الأدبية الراهنة تختلف في ظل الصراع القائم بين القدماء والمحدثين، إذ يرى بعضهم أنه بلغ الذروة ويرى الآخر أنه أفضل ممن سبقه فلا يستفيد منهم، وآخرون همهم تقريع جيوب دور الطباعة بما يجعلهم يؤلفون كتبا وفقط أو مجموعات شعرية يسمونها دواوينا، أو خواطر يسمونها شعرا، أو سردا مطلقا يسمونه رواية وهكذا……
الواقع فعلا متذبذب وقلة ناضجة أدبيا لا تحب الظهور خلف الشاشات وتخفي ما لديها من تميز قد يخدم الأمة.
وإن إشكالية عدم التمييز بين الأجناس الأدبية صارت معضلة يصعب حلها في ظل الطبع العشوائي، وركوب أمواج الأدب دون سند معرفي أو حتى إمكانات أدبية، فهذا التطفل على الأدب، والصراع القائم بين القدماء والشباب الواعد، وعدم الإهتمام بمستوى المطبوع، خلق جوا من الفوضى التي لا يمكن أن تنتهي إلا بالإعتراف أن الأدب جوهر وكيان وليس لأي كان أن يلجه، وأنه ينبغي السعي للتوفيق بين القديم والمعاصر لنبلور الحركة الأدبية ونخرج بما ينفع مستقبلنا مستقبل الجيل القادم الذي يحتاج إرثنا لينميه هو الآخر.
فالأدب شعلة من لا شعلة له ولكن أحسن إمساك الشعلة وإلا أحرقتك.
- كلمة ختامية لجمهور جريدة أخبار دزاير الإلكترونية..
جريدة أخبار دزاير الإلكترونية نتمنى لها التوفيق في مساعيها والمضي قدما نحو الأفضل، فالنجاح لا يكلل إلا بتخطي عثرات الطريق، مع خالص التحيات لطاقمها على رأسهم بشرى بلمامي التي نرجو لها مستقبلا زاهرا في فضاء الإعلام والإتصال.
وإلى كل من سيطلع على كلماتي هذه، دمتم للأدب فخرا وللجزائر ذخرا.