يشهد رمضان كل سنة، كثرة المنتوج الإعلامي وتنوّعه بين الدراما والكوميديا إلى جانب الكثير من الإعلانات التسويقية، البرامج والحصص الرمضانية المناسباتية.
من بين أعمال هذا العام مسلسل ” يّما ” التلفزيوني للمخرج التونسي مديح بلعيد و الذي يعتبر أقوى مسلسل درامي يتابعه الجزائريون.
“أخبار دزاير” حاورت كاتب سيناريو المسلسل الفنان و السيناريست سفيان دحماني.
حاوره : فتحي عيادة
في البداية، هل يمكن أن تقدم تعريفا بشخصكم ؟
كل عام و أنتم بخير، رمضان مبارك لكل الشعب الجزائري و الأمة الإسلامية، ” سفيان دحماني” كاتب سيناريو جزائري، خريج مؤسسة التلفزيون الجزائري، لدي حوالي أربعة عشرة عملا بين الدراما و الكوميديا.
كيف كان الطريق إلى الدراما ؟
البداية كانت في الدراما، الكوميديا جاءت صدفة، و بدايتي الأولى كانت كممثل في بعض المسلسلات و الأفلام بأدوار ليست بالكبيرة، و بعد احتكاكي بالنص لكتاب كبار جزائريين أحسست أني أتمتع بعلاقة تجمعني بالسيناريو، أحيانا كنت أساهم في تصحيح الأخطاء و أقدم الملاحظات لكتاب سيناريو جزائريين،حيث اكتشف المخرج عمار شوشان ذلك و شجعني حينها، بعدها كتبت أول فيلم سنة 2006، كانت الإنطلاقة مع بشير بلحاج الذي أعجب بالفيلم و قرر إنتاجه حتى و لو بماله الخاص.
من هو السيناريست، هل هو مجرد كاتب أو محترف له تقنية و أسلوب خاص في الكتابة ؟
السيناريست يجب أن يكون مطلعا على الحياة، “السيناريست” هو الفيلسوف و الطبيب و المجنون و الطفل و الأب، لأنه مثلا في المسلسل سيعمل على شخصيات عدة، كل شخصية و لها ميزاتها.
و السيناريو عمل تقني ينقسم إلى مشاهد، لقطات، حوار ….
خضت تجارب، فهل تعتقد أن الأضواء غالبا ما تظلم “السيناريست” ؟
يحدث في العالم بأكمله، السيناريو مُغيّب عن الدراما أو السينما في العالم، ما عدا في دولة مصر، حيث ترجمت الروايات إلى سيناريوهات، و السبب في رأيي أنه يوجد بعض المخرجين ينسبون النصوص لهم.
كيف ينظر سفيان دحماني للشبكة البرامجية لشهر رمضان 2020 ؟
الشبكة هذا العام كارثة بكل المقاييس، و بلد بحجم قارة ينتج عمل درامي واحد، مقابل دولة سوريا مثلا تعيش الحروب أنتجت أكثر من 20 عمل، هل نحن من المغضوب علينا، في الكوميديا أصبحنا نضحك على الأعمال لا على المحتوى، كوميديا تافهة تقدم للجمهور، و أكثر من عشرين كاميرا خفية تهين الفنان و الصحفي و المواطن البسيط و آدمية الإنسان، أما سلسلة “سيتكوم” للأسف أعمال معادة ما عدا عمل ” طيموشة ” هو العمل المحترم بإحترامه مقاييس الصناعة.
و رأيي أتمنى من الدستور الجديد إضافة مادة لمحاكمة كل من يهين المشاهد و الإستخفاف بذكاء الشعب أو قانون ينظم هذه الصناعة لأننا نعيش في خانة العبث.
من خلال عملكم الأخير، مسلسل ” يَّما”، كيف استقبلت الانتقادات التي تطال المسلسل خاصة عبر مواقع التواصل الإجتماعي ؟ ما الذي أثر فيك و هل أحسست بالفعل أنه يوجد نقص بالمسلسل ؟
ما يقال عبر مواقع التواصل الإجتماعي يعتبر رأي و هذا ليس بنقد، للنقد أهله و هم أناس مختصون و علينا إحترام ملاحظاتهم المقدمة لنتعلم منهم، أما الرأي فعلى الذي يقدمه يجب أن يكون إنسان محترم و مثقف.
من بين أعمالك السابقة عنتر نسيب شداد، هناك من انتقد إختيار البطل الرئيسي للعمل، و نفس الشيء انطبق على مسلسل ” يمّا ” عندما وقع الإختيار على محمد رغيس المعروف عنه عارض أزياء و ليس بممثل محترف، ما رأيك في الخيارات ؟ و هل هي بالفعل تخدم الدراما الجزائرية ؟
بالنسبة لعنتر نسيب شداد، كنت أنا أول من انتقد البطل، و البطل كان من اختيار المنتج، و لكن مع إحترامي للبطل، الدراما شيء و الكوميديا شيء، الهدف من إعطائه دور البطل كان هدفه التسويق مع رفع نسبة للمشاهدة من اليوتيوب إلى التلفزيون، لأن اختيار البطل كان خيارا تجاريا و ليس فنيا.
عكس محمد رغيس، محمد ممثل، يتعب من أجل النجاح حتى يصبح ممثلا، و اختيار محمد رغيس لم يكن بخيار تجاري، شاب وسيم عمل على شخصية المسلسل أصاب في الكثير من المشاهد و أخفق في بعضها، و محمد رغيس بطل مسلسل ” يمّا” و ” يمّا ” مسلسل نجح المعادلة التي حيرت بعض النقاد، حتى أن بعض الزملاء الفنانين و الكتاب من دولة عربية أعجبوا بأداء الممثل ” خالد ” محمد رغيس في مسلسل ” يمّا”.
و هذا النوع من الخيارات خدمت الدراما الجزائرية، لأننا في وقت الاحترافية، و الصناعة يلزمها معايير عالمية، منها النجم التي يساهم في جلب المعلنين.
ما هي الصعوبات التي واجهتك أثناء كتابة حلقات هذا المسلسل ؟
لا توجد لدي صعوبات، الكتابة عند متعة، و لا أكتب تحت الطلب.
فقط أن مسلسل ” يمّا ” توقف تصويره بسبب وباء ” كورونا ” فاضطررت لحذف 30 بالمائة من المشاهد و تقلص بذلك عدد الحلقات و مدة كل حلقة.
هل أثر ذلك على محتوى المسلسل ؟
أكيد، خاصة على حياة شخصية خالد.
كيف أثرت الإختلافات بين ما هو مكتوب في السيناريو، و الإضافات التي أعطاها المخرج للمسلسل ؟ و كيف تعاملتم مع ذلك ؟
أبدأ من قاعدة ” ليس كل سيناريو يصور “، لأن السيناريو إذا أردت رؤيته أنت كسيناريست مثلما هو مكتوب فتوجه للرواية أحسن، و الصناعة عمل متكامل بوجود المحترفين.
هل يدفعك حرصك على تبليغ رسالتك إلى التدخل في الإخراج و التمثيل ؟
أبدا لم أتدخل في عمل المخرج و أي مخرج تعاملت معه لم أتدخل في عمله أثناء التصوير، بل انتقدته بعد خروج العمل، أما التمثيل أتدخل منذ بداية “الكاستيغ” لأن كاتب السيناريو هو عين ما كتب، فأقترح و لا أفرض ممثلا.
عرفت الدراما الجزائرية في السنوات الأخيرة الإستعانة بمخرجين أجانب كيف تقيم هذه التجربة الفريدة ؟ و ما رأيك في من ينتقد هذا التوجه ؟
أنا مع هذا التوجه، فالتجربة هدفها التعلم، و ليس لدينا مخرجين متيقنين من عملهم.
فالمخرج الجزائري أول شيء يطلبه راتبه، أما المخرج الأجنبي يطلب النص، فالأجر يأتي بعد الموافقة على النص، فقد تجد أحيانا مخرجين لا يعلمون باسم كاتب سيناريو و لا ببطل القصة و لا شيء آخر و أول شيء يطلبه المال و بهذا لا يمكننا بناء دراما ناجحة.
إذا كان لدينا أزمة مخرجين، هل الإستعانة بالأجانب هو الحل ؟
نأتي بأجانب و ننجح أعمالنا و نترك بصمة في الصناعة أو نواصل خدمة المهازل أو نوقف الدراما نهائيا و ليس لدينا حل رابع.
ما الذي تعلمه سفيان دحماني من تجربته مع التونسيين ؟
لديهم نفس عمل المدرسة الأمريكية، يركزون على التفاصيل الصغيرة و يعملون عليها في الكتابة و السيناريو، هذا ما يمنح الأهمية و الإضافة للعمل و يؤثر في ذهنية المشاهد.
الإنتاج و تحويل النصوص إلى أعمال تلفزية هل يعتبر محفزا ماديا و أدبيا لا غنى عنه بالنسبة إلى كاتب سيناريو ؟
كاتب سيناريو قبل تفكيره في الجوانب التحفيزية و المادية، يكتب لحياته و تجاربه.
و مع مرور الوقت لما كاتب السيناريو يصل و يحترف الكتابة يصبح الأجر من حقوقه.
كيف يمكن للدراما أن تساهم في التحسيس و التوعية بقضايا المجتمع ؟
يجب أن نكون أكثر جرأة في تبليغ الرسالة، و الكاتب الجزائري يجب أن يكتب للواقع.
في الأخير رسالة يوجهها إلى الشباب الموهوب في كتابة السيناريو ؟
الموهبة وحدها لا تكفي، عليكم بالتعلم و الدراسة و التدرب، عليكم بالمغامرة و ضعوا الثقة في أنفسكم.
حاوره لأخبار دزاير : فتحي عيادة