مـع حلـول القـرن الواحد والعشـرين، شهـد العالـم قـفـزة نـوعية فـي مجـال الـتكـنولوجـيا، فـواكـب الإنـسان هـذه التَّـطورات وقـطع مـرحلة الـدِّقـة بـأكـملها. وانـتـقـل إلى المجتمع الرَّقـمي حيث تـستحوذ الخوارزمـيات وتُطـبَّـقُ الـفلـسـفة الـرَّقـمية عـلى كلِّ المجالات.
يقوم هذا المجتـمع عـلى العـلة والـنتيجة، ” الـذَّكـاء الاصطنـاعي والروبوتات “. حيث سـخَّر الإنسـان ذكـاءه الـبـشـري فـي خلق” إنـسـالـة ” هـي ولـيدة الـخوارزميات وتـقنيات الإعلام الآلـي، لتوجيهها لـلقـيام بـالأعمال التي تـتطلَّـب من الجهد والدِّقـة مـا يفـوق قـدرات الإنسان.
هذا الروبوت الذي طوَّعـته التـكنولوجيا لِـيُـفكِّر ويحاكي تصرفات الـبَشـر، بـات يزاحـم حـياة الإنسان ويـنافس القـدرات البشريَّـة التي أوجـدته. فـبمـا أنَّـه يـتمـتَّـع بالـذكاء الاصطناعـي فهـو يـتميز عن باقـي الاختراعـات الـتكنولوجية، حيـث يمكنه العمل لساعات متواصلة – وبِدقَّة جد عالية- دون كـللٍ أو مـلل، يقوم بالوظـائف الخطيرة كالبحث عن الألـغـام والـتَّخلـص من النفايات المُشـعَّة …، لا يـحتاج من ربِّ العـمل إلـى مرتـب شهري أو إجـازة أو عـلاوة ولا يـتسـبَّـبُ في الـمشـاكل التي تـؤرق أرباب العمل، كالشكاوى وطـلب رفع الأجور أو تكوين نقـابات عمَّـالـيَّة.
هُــنــا تُــصاغ اعـتِبارات جـديدة، فـإنَّه وحـسب مؤتمر الأمم المتحدة للاقتصاد والتنمية، الإنسان الآلي قادر على القيام بـثُـلُثيِّ ( 3/2) الوظـائف في الدُّول النَّـامية وهـذا لـكون التكنولوجـيا الرَّقميَّة توسَّعت حتَّى على الخارطة الوظيفية العالميَّة، ما يفرض تغيرات مرتقبة في الهيكلة الوظيفيَّة في السنوات المُقبِلـة. كذلك وحسب إحصائيات رسميَّة صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإنَّه من المتوقع أن يتسبَّب الروبوت في فقدان سبعة ملايين وظيفة للبشر حول العالم بحلول عام 2020 فما فوق. هذه التوقعات لم تلبث في حلتها كثيـرا إنَّـما غـدت حقيـقة تُلمَس في الوقت الرَّاهـن، فالسيَّـارات أصبحـت ذاتيَّـة الـقيادة، ما يؤثِّـر على وظيفـة سائـق الأجـرة.
الطَّـيَّار الآلي الذي لجِئ إلـيه لضمان الدقَّـة والسَّـلامة للرُّكـاب أصبح يهدد مستقبل الطيَّـار البشريِّ ومن المتوقع خلال السَّنوات القادمة أن يسيطر هذا الـنِّظام على كامل أنظمة الطائرة دون الحاجة إلى البشـر.
ساعي البريد مهمته في طريقها إلى الاندثار فنحـن في عصر تكنولوجيا الاتصال أين تجد من النادر أن يستخدم البشـر البريد العادي، لكن وبتدخل الروبوت الذي قد يحل محل موظف الخدمة البريدية ستزداد الأمور تعقيدا. عـمَّال الفنادق، إذ أنه وخلال عام 2015 كانت هناك تجربة لتوظيف الروبوت متعدد المهام يقوم باستقبال النزلاء وإرشادهم إلى غرفهم وإطلاعهم على الفواتير كما يقوم بمهمة الدليل السياحي لهم ويتم الآن تطويره لـيـوظَّـف في السنوات القادمة.
الروبوت الطَّباخ والنادل اللذيـن تمَّ إحلالهما محل بعض الطهاة في الصين في مقاطعة شانشي. وفي ألـمـانـيـا أوضح إتحاد الـروبوتات الألماني أنَّ مـؤسـسات صناعة الأجهـزة الإلكـتـرونـيَّـة والكهربائـيـة في طريقها إلى توظيف الروبوت بنسبة 52% .
المحامي والذي قد يـفـقـد وظيفتـه في غضون الخمسة عشر سنـة المـقبـلة نـظـرًا لـلتوقعات التي ترمي إلى احتمالية تسخيـر روبوتـات لحـل قضـايا الاستشارات الـقانونيَّـة. كذلك الصحفي مذيع الأخبار، حيث أنَّه وبالفعل قـام الروبوت باقتـحام ميدان الإعلام في السنوات القليلة الماضية حيث سجَّل بداياتـه في اليابان أين قام المخترع “هيروشي إشيغورو” بتقديم “إيـريـكـا” كـأوَّل روبوت مذيعـة. وحذت حذوها قناة العربية التي ضمَّـت هي الأخرى الروبوت “تـمارا” إلى طاقمهـا الصحفي.
لـيـبـقى الـسُّـؤال، من الـذي سيُسـخّْـرُ الآخـر، الإنسـان أم الـروبـوت؟.
بقلم: بشرى بلمامي