إن ولاية الجلفة تزخر بالعديد من المناطق الطبيعية الخلابة منها الأثرية ومنها السياحية ومنها العلاجية، و تعتبر منطقة الريان ( المعروفة بالنبكة) احدي هاته المناطق الأكثر غرابة و الأكثر سحرا و جمالا، حيث أن منطقة الريان و التي تقع في دائرة دار الشيوخ إقليميا التابعة لبلدية سيدي بايزيد، يحدها السبخة (منطقة ملحية)غربا وبلديتي سيدي بايزيد و امجدل جنوبا ومنطقة صدارة شرقا و تقدر مساحتها ب 61000 كلم2، وتمتاز هذه المنطقة الرملية بكثرة و قرب مياهها الجوفية و كذا بطبيعتها الفلاحية و الرعوية و ذات أرضية صالحة للزراعة كالخضر بكل أنواعها و كذا تعتبر المصدر الأول لإنتاج الدلاع و البطيخ في المنطقة و تعد مزارا للسياحة العلاجية في الصيف الذي يكثر فيه زوار المنطقة من اجل التداوي، حيث تعرف طريقة في التداوي و التي تسمى بالمل أي أن يغطى الشخص من رأس إلى أخمص قدميه بالرمال في فترة الزوال التي تعرف بالحرارة الشديدة لرمالها و التي تعرف على انها تداوي كل الأمراض الجلدية إضافة إلى الروماتيزم.
و قد أنشأت المنطقة على يد الولى الصالح الشيخ عبد الرحمان النعاس بإنجاز زاوية له سنة 1884 كمنارة للعلم و الدين بمنطقة خلة الربيق كنقطة وصل و همزة ربط بين مناطق الولاية آنذاك، و قد كان الولي الصالح على دراية باختيار تلك المنطقة، فقد كانت نقطة عبور للتجار بين الشرق و الغرب و بين شمال و جنوب الولاية، حيث كانت تعتبر مزارا لعابري السبيل و كذا دار الطلبة العلم و الدين .
و يقطن هاته المنطقة غالبية ممن امتهنوا الرعي أو الفلاحة كوسيلة عيش و هم غالبية من أولاد بوعبدالله و يوجد في منطقة النبكة من أقدم النخلات المغروسة في الولاية، حيث غرسها الولى الصالح الشيخ عبدالرحمان بن سليمان نعاس في حوالي 1889 م و التي كانت كمنارة يهتدي به المشاة و عابري السبيل وكذا التجار و حتى المجاهدين إبان الثورة المجيدة .
و بعد تخرج الشيخ و إجازته على يد الشيخ زاوية بسكرة بسيدي خالد و بعدها مباشرة أنشأ زاويته الخالدة إلى يومنا هذا والتي لازالت مزارا لكثير من سكان الولاية لزيارة البذرة الأولى للعلم و الدين في المنطقة، ويعرف لدى سكان المنطقة أن النخلة التي غرسها الشيخ بيديه الطاهرتين لازالت تؤتي أكلها الى يومنا هذا، فهي تنتج عراجين سنويا من البلح و تعتبر هاته النخلة الشامخة رمزا لفخر أولاد بوعبد الله، إذ انه في كل سنة تقام وعدة الشيخ عبد الرحمان النعاس التي تعرف إقبالا كبيرا و كذا قد حفر بئرا محاذية لمقر الزاوية و التي لا يتعدى بها عمق المياه 1.5 متر و حلاوة مياهها الجوفية والتي لازالت صدقة جارية إلى يومنا هذا .
و بعدها انتقل الشيخ إلى منطقة المحاقن (دار الشيوخ حاليا) من أجل إرساء قواعد الزاوية التي لا زالت عامرة الى يومنا هذا بالذكر و الترتيل و كانت النواة الأولى لإنشاء مدينة دار الشيوخ
و تعرف المنطقة بعبور الحملة أو المياه السطحية سنويا في ظاهرة تعتبر الأغرب في المنطقة من واد قعيقع إلى السبخة، حيث تعتبر هاته المياه المزود الرئيسي للمياه الجوفية لكل المنطقة بدءا من قعيقع و النبكة و كذا زاقز و حاسي العش و سد ام الدروع، ففي هاته الفترة من السنة تعرف المياه الجوفية ارتفاعا ملحوظا لكون منطقة النبكة تعرف بمياهها الجوفية القريبة مما يؤدى إلى إشباع كل الأودية الجوفية بالمنطقة .
و حسب أخر الدراسات التي قام بها مكتب دراسات من الجزائر العاصمة لرمال منطقة النبكة فإن رمالها تصلح لكي تكون المادة الأولية و الخام لصنع الزجاج لما تكتسيه من رمالها من مواد و مكونات جزيئية تتيح بأن تستغل لإضافة مورد رزق و باب استثمار لساكنه هاته المنطقة.
فهل من التفاتة إلى هاته الثروة الكامنة في ربوع المنطقة و هل من سبل لتطوير ثقافة السياحة العلاجية بالمنطق ؟؟؟
أخبار الجلفة: نعاس عمر إدريس
تصوير: أخبار الجلفة