كيف يمكننا أن نغرس القيم في نفوس أبنائنا و نبني شخصيتهم بناءا سليما .دعونا بداية نعرف مفهوم البناء.
البناء معناه العام معروف وهو رص مجموعة من المواد لتكون لنا هيكلا سليما صالحا إما للسكن أو للعمل أو للقيام بأي نشاط ينفعنا ..و بناء الشخصية يتكون من رص مجموعة من القيم و المبادئ وغرسها لتكون لنا شخصية سوية سليمة .
ولكن لكل بناء أساس و من دونه لا يمكن للبناء أن يتماسك و يستمر في الصمود كذلك بناء الشخصية تحتاج لأساس صلب و قوي و صحيح .لكن الذي يختلف في بناء الشخصية انه هذا النوع من البناء غير ملموس .بمعنى أننا لا نراه و لا تظهر نتائجه إلا بعد مدة من السنين و هذا ما يجعله نوعا ما صعب لأننا لا نرى نتائجه مباشرة .إذا مهمة المربي أصعب .
وبناء الشخصية يكون بغرس القيم و المعتقدات الصحيحة التي تجعل من شخصية الطفل شخصية قوية .لان الطفل هو البذرة و البذرة الصالحة تنمو وتكون لنا ثمارا أيضا صالحة .
و من اجل ذلك يجب أن تتوفر لدينا مجموعة من الوسائل و الأدوات أو المعينات التي تساهم في غرس تلك القيم و بنائها و أهم وسيلة هي الأسرة .
الأسرة هي البيئة الأولى للطفل هي المكان الأول الذي ينمو فيه و يكبر و يترعرع و الأم أول مسؤول عن هذه المهمة نظرا للمكانة التي تعتليها اتجاه تربية الأبناء بعدها يأت الأب مباشرة .
البيئة الثانية هي المدرسة ..قلي كيف هو واقع مدرسة ابنك اقل لك من يكون .أول احتكاك خارجي للطفل مع المجتمع هي الروضة أو المدرسة أو حتى المسجد و كلما كان اختيارنا للمكان الصح كلما ساعدنا أبنائنا على تحضير بيئة سليمة تتوافق و القيم و المبادئ التي نريد أن نزرعها في أطفالنا .
البيئة الثالثة هي وسائل التواصل و الإعلام و القنوات بما فيها قنوات السوشل ميديا و هذا مايمكن للطفل أن يجده في الهاتف في الحاسوب في البيت و عند الأصدقاء أو حتى الأقارب و نحن نعلم مدى خطورة ترك الأطفال مع مجموعة من المدمرات ليس فقط للقيم و المبادئ بل حتى للمعتقد الديني..كيف لا و نحن نرى قنوات مثلا تشجع بطريقة غير مباشرة للمثلية الجنسية على بعض القنوات .
كيف يمكنني أن أغرس تلك القيم؟
بعد أن تعرفنا على أهم ثلاث بيئات التي لها دور كبير في غرس القيم .نتعرف على بعض الطرق التي تساعدنا على ذلك .و أول خطوة هو المربي أن يكون هو القدوة و لكن قدوة فعالة لأنه الطفل أول قدوة بالنسبة له هو الأم و الأب .و القدوة تكون بالفعل و القول ليس بالفعل فقط بمعنى يجب علي أن اشرح له بأسلوب سهل قيمة العمل أو النشاط أو الخير الذي أنا بصدد القيام به و أن اجعله يشاركني في جميع الأعمال التي أرى أنها تساعدني على غرس القيم ..و دعونا نركز بداية على غرس القيم التي تقوي شخصية الطفل كاتخاذ القرارات بإعطائه فرصة للإختيار . سؤاله و أخذ رأيه في أمور .استشارته في أمور تخصه أو تخص المنزل و لو كانت بسيطة.
كذلك من المهم جدا أن نبدأ مع الطفل في الصغر أليس التعليم في الصغر كالنقش على الحجر فالطفل الصغير تكون القابلية و يكون له الاستعداد أكثر لتقبل كل ما يطرح عليه .
الترغيب و الترهيب أسلوب معروف في غرس القيم لا اقصد بالترهيب العنف اللفظي أو حتى الجسدي .و لكن من خلال التوجيه و المراقبة و التشجيع .
القصص أيضا تعتبر من بين أهم الوسائل التي تساعدنا على غرس القيم فكلما أردنا غرس قيمة معينة اخترنا القصص التي تتناسب و القيمة بشرط أن تكون القصة مناسبة لسن الطفل أي تتوافق و خصائص النمو الخاصة به .
إعطاء مساحة للمحاولة و الخطأ ليس شرطا أو ضروريا أن أرى نتيجة مجهودي مباشرة فالطفل لا يزال علقه غير ناضج و يقوم أحيانا بعكس ما طلبت و لذلك لا نتسرع و يمكننا أن نعطي له دائما مساحة للمحاولة و إذا اخطأ اعلمه كيف يصحح خطاه و يعتذر و أنا بذلك اغرس فيه قيمة الإصلاح و قيمة الاعتذار عند الخطأ
شجرة الخيرزان من أكثر الأشجار التي تتطلب وقتا طويلا لتنمو .فكلما الزراع سقاها لا يراها تنمو إلا بعد سنوات و بعد ذلك تبدأ بالخروج و النمو كل يوم و بقوة و بطول فارع ..هكذا نشبه التربية و بناء الشخصية و غرس القيم قد لا ترى نتيجة كل ذلك مباشرة و لكن فجأة ستجد نفسك قد جنيت ما زرعت .
بقلم: نبيلة بن سالم
مكونة دولية في منهج منتسوي
استشارية تربوية