تقرير: رفيدة .ح
البقاء في عش الزوجية، رغم الخلافات، مدمراً لأنه يقتل كل جميل في داخل المرأة ويسلبها القدرة على تحقيق ذاتها . وقد يتردد البعض مرات ومرات قبل الإقدام على خطوة الطلاق تخوفا من مضعفاته ، ولكن مع ذلك يختار بعض النساء عدم الاستسلام بعد تجارب زواجٍ فاشلة.
الطلاق بداية حياتي
“كنت أعتقد أن طلاقي من زوجي الأول سيكون نهاية الحياة”،فأعدت الزواج مرة ثانية فلم يحالفنى الحظ في الزواج فطلقت هذا ما تقوله فيفي ، صاحبة صالون للحلاقة ، وتضيف : “اكتشفت أن الطلاق كان بداية حياة جديدة حافلة بالاعتماد على الذات والإحساس بالمسئولية”، وتتحدث بفخر: “بعد عشرة أعوام على الطلاق، أجد نفسي حققتُ كل ما خططتُ له، فبناتى يدرسن في الطورين المتوسط و الثانوى و متفوقات في مسارهن الدراسي . لم يساهم معي أحد في تربيتهن أو دفع تكاليف دراستهم. أشعر بمدى فخر بناتي وبأنفسهن”
الطلاق جعلني أُعيد اكتشاف ذاتي
دنيا ، عمرها الآن يتجاوز 40 عاماً، انفصلت عن زوجها في سن 22. عندما عادت بذاكرتها إلى الوراء، قالت: “عشتُ تجربة زواجٍ دامتْ ثلاث سنوات، وأثمرتْ بنتاً، وخلال حياتي كنتُ امرأة اعتمادية”، وتتابع: “كانتْ صدمتي قوية بعد الطلاق، وخصوصاً أنني وجدتُ نفسي مسئولة عن ابنتي التي تركها والدها لي، ولم أجد أبي إلى جانبي إذ توفي قبل زواجي بأكثر من عشرة أعوام ؛ لكني لم أتوقف كثيراً، وقررتُ أن أتحمل المسئولية بشجاعة، فحصلتُ على وظيفة، وتمكنتُ من تعليم ابنتي واليوم أحظى بمكانة اجتماعية ومادية جيدة، وأستطيع القول إنّ الطلاق جعلني أُعيد اكتشاف ذاتي”. فضيلة ، مديرة ثانوية ، لم يدم زواجها أكثر من شهرين ، وكانت حصيلته طفلة مازالت تعيش معها، وتتمسك بشدة بها، إذ تراها كل حياتها، تحدثتْ إلينا بثقة وتفاؤل: “بعد انفصالي عن زوجي وجدتُ نفسي أمام هواجس وأفكار سلبية كانت تراودني على مدار الساعة؛ ليس أولها نظرة المجتمع، وليس آخرها هذه الطفلة ومستقبلها ؛ لكني قررتُ بعد مخاضٍ عسير أن أستجمع قوتي وأستمر في التدريس ؛ فإذا لم يكن من أجلي ، فمن أجل هذه الطفلة التي لا ذنب لها”، وتضيف: “الحمد لله أنا اليوم مديرة ثانوية و مربية ناجحة، و ابنتى طبيبة أسنان وأشعر بثقة عالية في نفسي مما جعل كل من حولي يثق بي ويعتبر نجاحي إلهاماً له”.
ظلم مزدوج: الطليق و المجتمع
“المجتمع لا يرحم المطلقات ، فمن الصعب أن تتمكن المرأة المطلقة من الاحتفاظ بمكانتها كإمرة في المجتمع الجزائري ، وأحياناً تُحرم حتى من ابسط متطلبات الحياة ، هذا ما تقوله نوال ، امرأة مطلقة ، تحدثتْ إلينا: “عند طلاقي لم يكن عُمر ابنتي الصغيرة يتجاوز سنتين، إلا أن طليقى لم يحتمل مصاريفها . وتؤكد أن هذا السلوك من قبل زوجها السابق دمر حياتها: “تحولتْ حياتي إلى كومة من الأحزان والآلام ؛ فأنا محرومة من كل شيء حتى من نفقة ابنتى ، كما أنني لم أتمكن من الزواج مرة أخرى، ولا أستطيع العمل بسبب الضغوط الأسرية التي تنظر إلى خروج المرأة المطلقة من البيت كعيب”.
ذكورية المجتمع الجزائري
“يصف المجتمع الجزائري المرأة القوية والمتعلمة والناجحة بأنها مسترجلة وشاذة عن المألوف”، هكذا ترى خيرة ، مطلقة وأستاذة في كلية الحقوق ، وتؤكد: “كانتْ هذه النظرة الذكورية هي ما دمر حياتي الزوجية وتسبب في طلاقي، فلم يتحمل زوجي رؤيتي وأنا أنافسه على النجاح، وأسعى للاستقلال المادي”.
الموت أو التمرد:
ترى الدكتورة منى ، أستاذة مدخل في العلوم القانونية بجامعة قسنطينة ، أن “النساء المطلقات في الجزائر يعشن تحديات صعبة ويمتلكن فرصاً محددة، فالطلاق في المجتمع الجزائري تتحمله المرأة وحدها”. وتشير منى، من جهة أخرى، إلى أن “طلاق المرأة قد يحررها من التبعية ويجعلها قادرة على تحديد مسار حياتها”. غير أنّ الدكتورة منى، تعود وتستدرك: “هذا يتم فقط إذا كانت أسرة المطلقة متفهمة لوضعها الجديد، أما إذا كانت الأسرة متخلفة، فالمطلقة تعود إلى سجن مظلم لا يخرجها منه إلا زواج جديد أو الموت”.
استطلاع: رفيدة . ح