يرى الباحث “دحموح طاهر” في دراسة له بعنوان “الأمن الوطني الجزائري بين الامتداد المغاربي وعمق الساحل الإفريقي” على أنّ الأهمية الاستراتيجية للمغرب العربي تتجلى بموقعه الذي يتوسط العالم وفي الوقت ذاته يشكل همزة وصل بين القارات الثلاث أوروبا، آسيا، إفريقيا، كما تعدّ المنطقة كمحور تلاقي أربعة دوائر جيوسياسية: الدائرة الشرق أوسطية (MENA)، الدائرة الإفريقية، الدائرة الأوروبية (الشراكة الأورو متوسطية) والدائرة الأطلسية (الحوار مع الحلف الأطلسي)، كما تتوفر المنطقة على أهم معبر للملاحة البحرية الدولية متمثلا في مضيق طارق وكذا الشريط الساحلي الجامع بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.
فهذا التميّز يقابله التحوّلات الراهنة التي تشهدها منطقتا المغرب العربي والساحل الإفريقي التي يصاحبهما تنامي تهديدات ذات طبيعة معقدة ومتشابكة فيما بينها مما أفرز مضاعفات خطيرة على أمن المنطقة والجزائر في مجالها البري بحكم موقعها الاستراتيجي كنقطة ارتكاز وتقاطع بين الدول المغاربية من جهة والساحل الإفريقي من جهة أخرى…
ويوضح الدكتور “دحمون طاهر” في دراسته على أنّ الخصائص الجيوسياسية للمنطقة المغاربية بامتياز على المستوى الدولي يجعلها تدخل ضمن جدول أعمال استراتيجيات القوى الدولية، فالأحداث المتسارعة والتغيّرات التي تشهدها المنطقة المغاربية الساحلية جعلت الأمن الوطني الجزائري منكشف على أكثر من صعيد من خلال هشاشة دول الجوار، فتونس مازالت لم تخرج من مخاض التحول الديمقراطي، وليبيا انتقلت من دولة فاشلة إلى دولة منهارة، في حين دولة المالي ضحية الحركات الانفصالية والتدخل العسكري الفرنسي، أما النيجر وموريتانيا فهما دولتان تعانيان ضعفا وعجزا في العديد من المستويات والقطاعات، منبها إلى أنّ المغرب الأقصى يمثل في المعادلة السابقة موقف المزاوج بين العداوة والمنافسة بسبب الحدود وقضية الصحراء الغربية، مما ولد بيئة ملائمة لتنامي الجماعات الإرهابية وبناء علاقات تعاونية مع تجار الأسلحة والمنظمات الإجرامية.
ومن هنا، يُجمع عدد من الأكاديميين والإعلاميين الجزائريين في تصريحات لأخبار دزاير على أهمية إعادة بعث تكتل إتحاد المغرب العربي من جديد باعتباره هدفا استراتيجيا في ظل التحديات القائمة، خاصة بعد الإنعكاسات السلبية لانتشار جائحة كورونا على اقتصاديات دول العالم، مع تأكيد هؤلاء على ضرورة إنضمام الجمهورية العربية الصحراوية إلى هذا التكتل، والتي تفرضها عدة معطيات موضوعية وواقعية، خصوصا بعد أن توجهت المملكة المغربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهي التي شكلت المعرقل الأساسي لتجسيد الإتحاد في مرحلة سابقة.
البروفيسور عيسى معيزة :
نظام المخزن اختار التطبيع والدول المغاربية مدعوة للإتحاد بما فيها الصحراء الغربية
إن دعوة رئيس البرلمان التونسي بتأسيس مغرب عربي بين الجزائر وتونس وليبيا بفتح الحدود وتبني عملة واحدة ودمج الاقتصاد لشعوب البلدان الثلاثة فكرة ممتازة وقابلة للتجسيد ميدانيا على غرار الاتحاد الأوربي بشكل مصغر، بل أدعو إلى توسيعها لتشمل موريتانيا التي أظنها سقطت سهوا من تصريح الغنوشي وكذا الصحراء الغربية التي تعتبر عضوا مؤسسا للإتحاد الافريقي ولا يمكن استثناؤها بأي حال من الأحوال من الإتحاد المغاربي..
واظن أن المغرب باعتباره العنصر المثبط لتفعيل الاتحاد المغاربي خصوصا بعد عقده لاتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني – وهو الأمر المرفوض بل والمدان رسميا وشعبيا من دول وشعوب المغرب العربي- وكذا استمراره في سياسته التوسعية الاستعمارية بزرعه لقنصليات غير شرعية في الأراضي الصحراوية المحتلة.
وهذا المشروع من وجهة نظري سهل التنفيذ وفي أقرب الآجال بسبب القرب الجغرافي والحدود المشتركة وكذلك توافق السياسي بين هذخ الدول ووجود فعلا تبادل تجاري يتزايد دوريا خصوصا مع فتح وتعبيد الطريق الرابط بين الجزائر وموريطانيا مؤخرا والرفع من التبادل التجاري والمقايضة بشكل فعال بين البلدين وكذا بين الجزائر وليبيا الذي لم يغلق حتى في أصعب الظروف التي مرت بها الشقيقة ليبيا.
وندين مرة أخرى ما أقدم عليه نظام المخزن من طعن شعوب المغرب العربي وخيانة لتاريخهم بوضع قدم للكيان الصهيوني وحتى إعطائهم موطئ قدم لثكنات تجسس على حدود الجزائر كما أوردته عدة مواقع أمنية وهذا ما لن تنساه الشعوب المغاربية لهذه المواقف المخزية لنظام المخزن.
كما إن إقامة مغرب عربي بدون أحد الأطراف ليس سابقة، ونذكر هنا تأسيس الاتحاد الاوربي الذي كانت انطلاقته بالتحالف بين فرنسا وألمانيا قبل أن تلتحق به الدول الأخرى تباعا.. والباب يبقى مفتوحا أمام المغرب في حال تراجعه عن التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتذار للشعوب المغاربية.
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أمين بلعمري:
علينا أن نكون جديين في تجسيد هذا التكتل المغاربي
بما أن الصحراء الغربية عضو مؤسس في الإتحاد الإفريقي، فلا أرى أي مانع من انضمامها إلى الإتحاد المغاربي أو اتحاد المغرب العربي وتأسيس هذا الاتحاد بمن حضر، لأنه لا يمكن بأي حال أن تتواصل عرقلة هذا الاندماج الجهوي المغاربي من خلال تحجج المملكة المغربية في كل مرة بالنزاع الصحراوي.
وأود أن أضيف أن الجميع يعلم أن هذا النزاع كان موجودا قبل الإعلان عن تأسيس الاتحاد سنة 1989، في حين أن اندلعت الحرب الصحراوية سنة 1975، حيث اتفق القادة المغاربة آنذاك على ترك النزاع الصحراوي في إطاره الطبيعي وتركه للأمم المتحدة للفصل فيه، مع التأكيد أن اتحاد المغرب العربي هو مسار آخر لا علاقة له بهذا النزاع .. ولكن في كل مرة كان المغرب يبحث عن حجج لعرقلة هذا المسار وربط مواقفه بالنزاع الصحراوي.
وهنا، أعود إلى سنة 1994، فالكل يتذكر حينها من عرقل وجمّد مؤسسات إتحاد المغرب العربي، فقد كان ذلك بقرار من الملك الحسن الثاني على خلفية اعتاء مراكش، عندما اتهمت المملكة المغربية الجزائر بالضلوع في ذلك زورا وبهتانا.
أعتقد أن التاريخ يحمل حالات الإندماج والتكامل على غرار الاتحاد الأوروبي لأن النواة الأولى بدأت بثلاث دول، وبالتالي أتصور أنه بالإمكان أن نقيم هذا الاتحاد في انتظار أن يتم الفصل في النزاع الصحراوي، مع إنضمام الجمهورية العربية الصحراوية لتكون هي الأخرى عضوا مؤسسا في إتحاد المغرب العربي على غرار تأسيسها للاتحاد الافريقي..
وحسب رأيي، فالآن علينا أن نربح الوقت ونكون جديين أكثر للمضي في تجسيد هذا التكتل وعدم الانتظار.
وبالمناسبة لا يعني إنضمام دولة الصحراء الغربية إلى هذا الاتحاد أنها أخذت مقعد المملكة المغربية، بل إن المملكة يُمكنها إن أرادت تجديد الانضمام إلى هذاالتكتل مثلما فعلت مع الإتحاد الإفريقي، وتفعيل المؤسسات المغاربية والمضي في هذا المسار التكاملي الجهوي.
البروفيسورة نبيلة بن يوسف :
يجب تفعيل الإتحاد المغاربي بمشاركة الصحراء الغربية
اعترفت الأمم المتحدة وعديد المنظمات الإقليمية بجبهة التحرير الوطني عهد الاستعمار الفرنسي أشرس المستعمرين في العالم، وكان لممثلي الجبهة جهودا حثيثة، ببراهين منطقية قاطعة، أثرت على الرأي العام العالمي، في وقت لم تكن تملك وسائل متطورة لتصوير ما يحدث من تعذيب وقهر للشعب إلا أنها ثابرت.. أثرت … ونجحت.
وهو حال جبهة البوليساريو اليوم قادرة على إيصال صوتها عبر المنظمات العالمية والإقليمية الحكومية وغير الحكومية، وبالتالي يكون لها وقعا كبيرا في عملية التأثير وكسب التأييد العالمي، … وتفعيل الاتحاد المغاربي يحق للصحراء الغربية عن طريق ممثليها إبداء الرأي وطرح القضايا والمشاريع المختلفة.
واليوم في عصر تكنولوجيا الاتصالات الحديثة يمكن لممثلين عرض قضيتهم بالأدلة والبراهين (صوت وصورة) عن ما يحدث من قسر وقهر للصحراويين وعن حالات التعذيب والخطف والاغتيال وكل أشكال الظلم المسلطة عليهم من طرف النظام المغربي، ولا أحد يمكن له أن يخفي الحقائق حتى ذلك الذي يسعى الى تجميل صورته دوما أمام الرأي العام العالمي، وشراء أصوات الأنظمة الإفريقية والأوروبية وأمريكا وأنظمة امريكا اللاتينية.
حان الوقت لهندسة جديدة للإتحاد المغاربي بما يضمن إشراك الطرف الصحراوي كفاعل دافع
في ظل البيئة الإقليمية المضطربة ومع حجم التحديات الجيوستراتيجية العميقة التي تفرضها سياسات الدول الكبرى تجاه الدول المغاربية تتجلى الأهمية البالغة لإعادة مراجعة كبرى للتصورات الاستراتيجية التي حكمت البناء المغاربي خلال العقود الماضية… فبالإضافة لتعقيدات عملية الانتقال الديمقراطي في دول هذه المنطقة خاصة بعد 2011 تقف الرؤية السياسية للنظام المغربي عاملا معيقا لخلق توازن مغاربي مغاربي حتى لا نقول اتحادا مغاربيا خاصة ما تعلق بالرهانات الجديدة للقضية الصحراوية او حتى اتجاهات التطبيع المغربي مع الكيان الاسرائيلي… لذلك يبدو الوضع متاحا لقادة هذه الدول من أجل هندسة جديدة لهذا الكيان المغاربي بما يضمن إشراك الطرف الصحراوي كفاعل دافع ضمن مسار هذا البناء بما يحرك مسارات الحل الأممي لقضية الصحراء الغربية من جهة وبالشكل الذي ينتج مخرجات جديدة تعيد وضع القضية الصحراوية في سياقها السليم كقضبة تقرير مصير بعيدا عن المقاربة المغربيةالتي تقفز عن هذه الوضعية وتصر على تحييد القضية خارج الأطر السياسية والقانونية
مع هذه الهندسة الجديدة يمكن أن نجد أرضية صلبة لإعادة تفكيك مسارات التكامل المغاربي اما دون ذلك فستظل للأسف دول المنطقة أدوات لتمرير سياسات الدول الكبرى خاصة مع حالة الانفتاح المغربي للكيان الاسرائيلي.
الدكتور إدريس عطية:
إعادة بعث المغرب العربي بضم الصحراء الغربية تفرضه التحديات الراهنة
شخصيا أؤيد فكرة مغرب عربي يضم الصحراء الغربية، كونها دولة مؤسس للاتحاد الإفريقي، وتعد دولة نواة لهذا التجمع القاري الهام الذي أكد على التصور الجديد في التعاطي مع التحديات التي تعاني منها القارة الإفريقية.
وبالتالي، ففكرة إعادة إنشاء إتحاد المغرب العربي يضع في اعتباره الصحراء الغربية كدولة مؤسسة ودولة قادرة على لعب دور إيجابي في تفعيل هذه التجربة التكاملية هو أمر هام وهام جدا.
وينبغي التنبيه إلى أن هذه المبادرة كان قد طرحها رئيس حركة النهضة والبرلمان التونسي راشد الغنوشي أي مغرب عربي بدون المغرب، على أساس أن المغرب قام بمقاربة فردية وقطرية لا تتعلق بوحدة المغرب العربي وأهداف دوله، وهذا من خلال توجهه نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وبرأيي، فهذا يعود إلى التفكير القطري الذي لا يرتبط بالتجربة التكاملية المغاربية، بل بتفكير ضيق يتعلق بأمن المغرب ومصالحه مع هذا الكيان وللأسف هذا التطبيع جاء على حساب قضية مهمة جدا وهي القضية الصحراوية، كونها قضية تصفية استعمار وآخر مستعمرة في إفريقيا.
كما أن هذا الطرح تبنته العديد من وجهات النظر خاصة في الفضاء المغاربي، لكن الأبرز تبنته ليبيا من خلال الأفكار المطروحة من أجل الذهاب إلى مصالحة ليبية ليبية بهدف الوصول إلى استحقاق دستوري انتخابي نهاية السنة، وبالتالي الأطراف الليبية تطمح إلى تسوية مشاكلها داخليا وتفعيل تعاونها في إطار مغاربي، خاصة أن الرئيس الليبي صرح بشكل واضح أنه لا يريد الارتماء لا في حضن الشرق ولا في حضن أطراف أخرى، وإنما البعد المغاربي هو البعد الهام، بل أكدت الأطراف الليبية عن رفضها لتواجد الكيان الصهيوني في كامل منطقة المغرب العربي.
وقد لقيت هذه الأطروحات ترحيبا واسعا من العديد من الفاعليين الجمعويين والسياسيين في الجزائر ، رغم أن الجزائر لم تبد موقفها بعد، إلا أن الجزائر لها نظرة غير إقصائية ونظرة شاملة وعقلانية تنظر للأمور بشكل وازن.
وتهدف إلى تسوية قضية الصحراء الغربية وحلها بالطرق السليمة، وهو ما دعا إليه رئيس الجمهروية في اجتماع مجلس السلم والأمن الافريقي مؤخرا، وهي نفس النظرة التي تتبناها الجزائر من أجل إيجاد حل نهائي للملف الليبية القيام بمصالحة ليبية ليبية، للتوجه إلى ليبيا الجديدة وبعدها يمكن التوافق حول أي إطار أو أي هيكل تنظيمي ينظم الدول المغاربية، سواء بدون مغرب الذي رحّب بالتطبيع وقبل به واعتبره حلا أو أيضا من خلال إنشاء هياكل مهمة تجمع هذه الدول مع بعضها البعض مع إدماج الجمهورية الصحراء الغربية، لأنها ترتبط بالبعد المغاربي إلى جانب موريتانيا التي تريد أن تكون موجودة بقوة في الفضاء المغاربي وأن تُعرّف بنفسها وإمكانياتها، وبالتالي هي رؤية متوازنة يمكن أن ترى النور في المستقبل وفق توجه تكاملي وتعاوني بين الدول الخمسة أي الجزائر، موريتانيا، الصحراء الغربية، تونس وليبيا، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام عن علاقة المغرب بالكيان الصهيوني، إذ قد نشهد تحركات مغربية تحيي الضمير المغربي وتنهض أصوات العقل لتنصف هذه القضايا.
الإعلامي محمد لجرب :
المملكة المغربية سبب أساسي في عرقلة الإتحاد المغاربي
إن قيام اتحاد المغرب العربي الموحد و المجسد على أرض الواقع يجب أولا أن يتجاوز المعوقات السابقة والتي أعتقد بل وأجزم أنها تكمن في المملكة المغربية وذلك لعدة أسباب اهمها تبعيته للخارج وتنفيذ أجندات كيانات تقف ضد أي وحدة مغاربية وليست خطوته الأخيرة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني إلا دليل على ذلك، كما أن نظرته التوسعية منذ القدم ساهمت في ذلك.
فهنا لن نقول إقصاء المغرب هو الضامن لقيام اتحاد مغاربي حقيقي، لأن المملكة المغربية لم تطمع يوما لقيام هذا الاتحاد بل عرقلت جميع خطواته باختلاق المشاكل مع دول الاتحاد.
واليوم أرى من الضروري قيام هذا الاتحاد المتكون من خمس دول هي ليبيا وتونس والجزائر والصحراء الغربية وموريتانيا ، فما يجمعها من أواصل كثير، كما أنه لا توجد أية مشاكل بينها.
فدولة الصحراء الغربية هي عضو مؤسس فالاتحاد الافريقي وتربط شعبها علاقات قوية مع معظم شعوب العالم قائمة على الاحترام المتبادل ، كما أنها تجمع من المقومات الاقتصادية ما سيساهم في تقوية هذا الاتحاد من كل الجوانب.
الدكتور علي لكحل:
الجزائر ليست طرفا في النزاع وإنما طرف في الحل
من حيث المبدأ:
دعمت الجزائر جنوب إفريقيا ضد نظام الميز العنصري وانتهى الصراع لصالح اصحاب الأرض رغم طول المعاناة.
دعمت الجزائر القضية الفلسطينية وعلى أرضها أعلنت الدولة الفلسطينية عام 1988، وتستمر في دعمها للشعب الفلسطيني مهما طال الزمن لأن تجربتها التي دامت 132عام في مواجهة الاحتلال الاستيطاني، أكدت أن زوال الاحتلال مسألة وقت فقط.
وتدعم الجزائر قضية الصحراء الغربية وهي تدرك أن أصحاب الأرض لامحالة قادرون على استرجاعها، مهما طال الزمن.
والواقع أن النزاعات والصراعات لا تقاد فقط بالعناصر المادية وإن كانت مطلوبة، ولكن تدار أيضا بالمبادئ والمواقف وارادة الشعوب، أما الشروط المادية فقد علمتنا الحياة ودروس التاريخ أنها قابلة للتغير والتحول، فضعيف اليوم قوي الغد، وقوي اليوم ضعيف الغد.
من حيث المبدأ أيضا: النزاع ليس بين الشعب المغربي والشعب الصحراوي او الشعب الجزائري انما هو صراع استراتيجيات قوى استعمارية دولية تحاول فرض منطق استعماري في المنطقة، منطق يقوم على محاولة فرض الرضوخ والتطبيع والوصاية. ولذلك فشعوب المنطقة برمتها في صراع مع هذا المنطق الاستعماري وكل من يضع نفسه في خدمة هذا المشروع.
من حيث المبدأ أيضا: الجزائر ليست طرفا في النزاع الصحراوي المغربي انما هي مدخل للحل اختار ان يكون لجانب الشعوب المستضعفة في تقرير مصيرها. فهي داعمة لمبدأ تقرير المصير لكافة الشعوب التي واجهت وتواجه الاحتلال وليس موقفا خاصا بالصحراء الغربية لوحدها.
من حيث التوقيت :
يأتي السلوك المغربي بمنطقة الكركرات اخلالا بالاتفاق العسكري بين المغرب وجبهة البوليزاريو وبالضمانات الأممية، متزامنا مع جملة ازمات اقتصادية واجتماعية مغربية داخلية وخاصة بعد جائحة الكوفيد وبالتالي فهي محاولة للفت أنظار الشعب المغربي لبعض الانتصارات الوهمية. كما يأتي الموقف المغربي كعربون يتماهى فيه المغرب مع استراتيجيات قوى استعمارية ترى في المواقف الجزائرية عوامل تعطيل لما بدأته في مالي وليبيا. أو اتجاه تصاعدي للتطبيع والذي اعتبرته الجزائر هرولة غير مرحب بها في المنطقة العربية.
وهنا تضع القوى الاستعمارية المغرب كرأس حربة للإضرار بالموقف الجزائري، وبالتالي فإن المغرب لا ينطلق من مصلحة وطنية أو مصالح شعوب المنطقة، ولكنه مدفوع نحو هكذا سلوك اندفاعا وراء مصالح معادية لمصالح شعوب المنطقة واستقرارها.
من حيث الموقع:
لا أحد ينكر أن المغرب والجزائر يتنازلان حول الموقع الريادي المؤثر في المنطقة وأن كليهما يسعى لاكتساب عوامل القوة التي تجعل الدولة الأكثر تأثيرا في اقليمها.
وقد بدا أن الجزائر تستأثر في السنوات الأخيرة ببعض عناصر التفوق من مصادر ذاتية داخلية، اتجه المغرب لكسب بعض عناصر القوة من مصادر خارجية منها فرنسا والإمارات وإسرائيل.
التوجه الجزائري نحو إحداث توازن عسكري يتجاوز المنافسة مع المغرب لردع أي أطماع استعمارية بفضل نوعية الأسلحة التي تحصل عليها الجيش خلال العشرية الأخيرة، دفع بتلك القوى لتشجيع المغرب و دعمه في الإقدام على خطوات استفزازية في المنطقة معتقدة أن ذلك كفيل بالضرر بصورة الجيش الجزائري من خلال إصرار المغرب على إقحام الجزائر في نزاع ليست طرفا فيه. تلك القوى لايهمها سوى تأجيج الصراعات للترويج للتدخل، وبالتالي ليس للشعب المغربي أية مصلحة فيما يدور فيه كواليس المخزن.
من حيث المبدأ: الشعبان الجزائري والشعب المغربي شعب واحد جمعته يد الرحمان وتحاول يد الشيطان أن تفرق الموحد لنؤكد ان مصلحة شعوبه في التنمية والاستقرار وعدم الانصياع للقوى الاستعمارية.
ومن حيث المصلحة فلا مصلحة لشعوب المنطقة في المزيد من التصدع وانما المصلحة تكمن في المزيد من التواصل والحوار.
ومن حيث الموقع ندعم رؤية توجه وحدوي تكون فيه دولتي الجزائر والمغرب قاطرة الاتحاد المغاربي ، على طريقة التنافس الألماني الفرنسي الذي انتهى بصيغ اندماجية تخدم مصالح اوروبا وشعوبها.
بناء المغرب العربي يحتاج لقوى سياسية واجتماعية وثقافية في مواجهة المشروع الصهيوني وليس لجعله أداة لاختراق المنظومة المغاربية.
لقد شكل العدو الصهيوني دوما خنجرا في خاصرة الوحدة العربية، ولم يقدم التطبيع في المشرق العربي أية مزايا إضافية لدول الطوق، ولذلك فإنه لن يقدم شيئا للمغرب العربي، بل سيظل دافعا لتراجع أية خطوات وحدوية وهو أيضا لن يقدم سوى المزيد من للتقدم للمشروع الصهيوني التفتيتي.
وملف الصحراء الغربية هو أحد ملفات الامم المتحدة، وجرى التوافق منذ زمن بين الأطراف المباشرة للنزاع للتوجه نحو الشعب الصحراوي فهو وحده القادر على تقرير مصيره، وبالتالي بمكن أن يكون التوجه نحو الشعب بداية لثقافة تحترم الشعوب التي بإمكانها صناعة الغد الأفضل.
أخبار دزاير: كريم يحيى / بوبكر سكيني