عقود من الزمن تمر على النظام المخزني، تميز ببيع الأوهام وشراء المساحيق لتلميع صورته الخارجية بأنه النظام الوحيد في شمال إفريقيا وحتى في العالم العربي الذي ينعم بالأمن والاستقرار، الشيء الذي يرشحه أن يكون وجهة مفضلة للاستثمارات الأجنبية.
أما إذا ماتحدثنا عن الديمقراطية والمساواة وحقوق الانسان، فإنه أيضا هو المرشح أن يكون النموذج الذي يقتدى به حسب زعمه.
طبعا كل هذه ادعاءات لايمكن أن يصدقها حتى الغبي الأبله من الناس، فالدول الغربية التي يبيع لها النظام أكاذيبه، تعرف جيدا اكثر من غيرها أن كل ذلك مجرد اكاذيب لاتنطلي على احد.
إن هذه الدول لايهمها غير الاسثمارات والأرباح التى تجنيها على حساب الشعب المغربي المغلوب على أمره، أما سوى ذلك فيسوق النظام ماطاب له من أوهام.
سأحاول في هذه الدراسة المتواضعة أنأابين قدر المستطاع، مايمر به النظام المغربي من أزمات سياسية، اجتماعية واقتصادية، غير قابلة للترقيعات ولالبيع الأوهام، بل إنه أي النظام مقبل على انفجار بركاني سيؤدي به إلى التفكك والانهيار.
فعلى المستوى السياسي:
1ـ طغمة فاسدة اعتادت تعبيد طريق الفساد بامر من آمرها وناهيها حتى عشعش الفساد بكل أنواعه وألوانه في دواليب الدولة وأصبحت الثروة في أيدي قلة قليلة لاتتعدى أربعة عشر فردا على رأسهم الملك.
2ـ ضباط نافذون فاسدون ترك لهم الملك الحبل على الغارب ليكونوا هم الآخرون طغمة فاسدة من الدرجة الثانية، تتحكم في تجارة المخدرات وكل الممنوعات، مشغولة بالحرب كي لاتنعم بلحظة تفكير لإنقاذ البلاد مما آلت إليه من سوء الاوضاع المتردية وعلى كل المستويات.
على المستوى الدبلوماسي:
فشل وتخبط ومراواغات، وبيع الذمم وشراؤها هي أهم السمات التى تميزت بها الدبلوماسية المغربية على مر عقود من الزمن، لم تستطع أن تجني منها إلا الهزائم تلو الاخرى. فحاولت أن تجعل من تغريدة ترامب الرئيس الامريكي الذي طلقته الانتخابات الرئاسية وإلى غير رجعة “انتصارا” واللجوء إلى فتح قنصليات وهمية ليس لها من المحتوى إلا اللوحات الجدارية الملصقة على أبوابها، مع خيانة القضية الفلسطينية وخيانة القدس الشريف فويل لهما من”رئيس لجنة تحرير القدس”.
أما القضية الصحراوية العادلة، فلازالت قضية تصفية استعمار مدرجة في أجندة الأمم المتحدة، وما الرفض الأخير لمجلس الأمن الدولي لتغريدة ترامب إلا أكبر دليل على فشل دبلوماسية المخزن، كما أن الاتحاد الإفريقي وخلال كل قممه المتتالية لازال متمسكا بحق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال، يضاف إلى كل هذه الهزائم تقارير منظمات حقوق الانسان التى أدانت وتدين بأشد العبارات الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة من طرف النظام المغربي المتهاوي.
على المستوى الاجتماعي:
إن المتتبعين للشأن المغربي، من باحثين وأكاديميين في كل أنحاء العالم من بينهم باحثين مغاربة، مجمعون على أن الأوضاع الاجتماعية في المغرب بلغت درجة من التأزم والتفاقم، يصعب معها تعايش الطبقة المعوزة التى هي الأكثر عددا والأكثر بؤسا وشقاء.
هناك أنظمة استبداد وتسلط في العالم من بينها النظام المغربي، لكن بعض هذه الأنظمة توفر أحيانا لشعوبها أدنى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية مما يجعل هذه الشعوب تتحمل تبعات هذا الاستبداد وذاك التسلط الذي يوفر لها على الأقل الخبز.
على المستوى الاقتصادي:
أصبح معروف وغني عن البيان أن النظام المغربي قد أثقلت كاهله الديون والقروض من البنوك الأجنبية، حيث اقترض في شهر ماي من السنة المنصرمة، مايفوق اقتراضه سنويا الشيء الذي يوحي بأن الأزمة الاقتصادية عمقتها ثغرات أخرى لم يكن النظام يتوقعها. فأزمة جائحة كورونا، وأزمة السياحة، وعائدات العملة الصعبة من المغاربة في الخارج، والجفاف، زيادة على الحرب الثانية التى اندلعت شرارتها يوم 13 نوفمبر 2020.
إن هذه العوامل الخمسة مجتمعة لاينفع معها بيع الأوهام ولا البحث عن المساحيق.
إن 94 % من الناتج المحلي للمغرب سيذهب لتسديد الديون الخارجية والداخلية، مع مايترتب على هذه الديون من نسب للفوائد، مما يفرض على الحكومة مجبرة ومكرهة، القيام بعملية تقويم وتصحيح وتلكم الطامة الكبرى، لأن أي عملية تقويم ستفرض حتما زيادة في الضرائب ونقصا في الأجور، وهي إملاءات البنوك صاحبة السندات، زد على ذلك التضخم الذي فاق كل التوقعات.
أما الحديث عن الاقتصاد المهيكل الذي كان يوفر للدولة دخلا ولو نسبيا من الضرائب، أصبح غالبية التجار المغاربة في هذا القطاع يلجؤون إلى الاقتصاد غير المهيكل، نظرا لتملصه من الجباية، ولسهولة حصول القائمين عليه على قوتهم اليومي بدون عناء ولاتكلفة تذكر.
إن هذه الصورة القاتمة للاقتصاد المغربي، ستتعمق يوما بعد يوم لأن بها جروحا تنزف، هياكل صحية وتعليمية قليلة وعتيقة، تحتاج إلى الزيادة والترميم تغلبت عليها الخصخصة في هذين القطاعين، وأصبحت لاتلبي أدنى الحاجيات للمواطنين المعوزين الذين يشكلون السواد الأعظم في القرى والمداشر، ناهيك عن معاناة جمة في الريف وغياب الماء الصالح للشرب وانعدام أبسط شروط الحياة.
ويستخلص مما تقدم على أنه يصعب على النظام المغربي أن يخرج من عنق الزجاجة، فالمستقبل القريب ينذر بانفجار اجتماعي قد يخرج عن السيطرة، خاصة أن الحرب هي الأخرى أصبحت أكثر استنزافا من غيرها لاقتصاد هش مما يتطلب من هذا النظام تخصيص النصيب الأكبر من الدعم لهذه الحرب التي فرضت نفسها.
والسؤال الذي يطرح نفسه من أين للنظام المغربي كل هذا الدعم ؟؟؟.
بقلم الكاتب الصحراوي : دحان عبد الفتاح عالي