يبقى التوتر قائما بين طرفي النزاع في “الصحراء الغربية” منذ تنفيذ القوّات المغربية عملية عسكرية بحر الأسبوع الماضي والذي كان الهدف من ورائها فتح معبر “الكركرات” الذي يفصل الجبهة الصحراوية عن دولة موريطانيا، مما عمق الصراع القائم بين البلدين منذ سنوات تُنيّف عن نصف قرن من عدم استقرار المنطقة بسبب توسع الاحتلال المغربي لثمانين بالمائة (80%) من تراب الصحراء الغربية بعد بدأ النزاع فعليا ابتداءً من سنة 1975.
وقد أكدّت الأمم المتحدة مؤخرا عن وقوع تبادل لإطلاق النار بين القوات المغربية وقوات “البوليزاريو” (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووداي الذهب)، حيث أثار هذا التصعيد مخاوفا حقيقية من اندلاع موجة جديدة في الصراع بشأن الصحراء الغربية لا سيما بعد تأكيد الجبهة إنهاء التزامها باتفاق وقف إطلاق النار الموقع برعاية الأمم المتحدة عام 1991 وإعلانها الدخول في حرب مع قوات الاحتلال المغربية.
و يعتبر الدكتور “مهدي بوكعومة” (باحث في الدراسات الإقليمية) على أن تقييم الوضعية الحالية التي آلت إليها قضية الصحراء الغربية – في اعتباره – والقضية الفلسطينية أنّهما من القضايا التي تؤثر في المستقل الأمني على المنطقة العربية، و لهذا يمكن ربط ما يحدث اليوم مع القضية الفلسطينية من حالات تطبيع الدول العربية مع الكيان الصهيوني، حيث نجد نفس الدول التي دخلت في تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني اليوم تدعم المغرب في احتلال الصحراء الغربية، داعيا إلى وجوب ربط ما يحدث اليوم بالتحولات الجيوسياسية التي بدأت عام 2011 بما يسمى الربيع العربي وسقوط الأنظمة العربية التي كانت تدعم القضية الفلسطينية والصحراء الغربية، فاليوم الدول التي أصبحت فاعلة في المنطقة العربية خاصة دول الخليج هي اليوم تدعم المغرب و أبرز دليل فتح قنصلية للإمارات العربية المتحدة في العيون المحتلة.
وأضاف الدكتور مهدي بوكعومة ” وعلى اعتبار أنّ التوتر الواقع حاليا بمنطقة “الكركرات” جراء خرق إطلاق النار الوارد من المغرب بحجة غلق المعبر مردّه إلى ما يعيشه من أزمة اقتصادية حادة نتيجة جائحة كورونا وزيادة على ذلك الصراعات داخل القصر الملكي حول الخلافة”، موضحا أنّه تاريخيا أُثبت أنّ المغرب كل ما كان في أزمة سياسية أو اقتصادية يلجأ إلى انتهاكات في الأراضي المحتلة للصحراء الغربية لتلهية الشعب المغربي من أجل الحفاظ على الاستقرار الداخلي، في حين يرى أنّ التوتر في منطقة “الكركرات” ليس لأوّل مرة يقوم المغرب بمثل هذه الخروقات اتجاه الشعب الصحراوي فهناك يوميا اعتداءات وإصرار على حرمانهم من حقوقهم.
وحول انعكاسات الأزمة على المنطقة، يرى الدكتور مهدي بوكعومة أنّ نزاع الصحراء الغربية يعتبر الرهان الرئيسي للمستقبل الأمني للمنطقة المغاربية، حيث أن اندلاع حرب بين الصحراء الغربية والمغرب قد يؤدي إلى تدهور أمني في المنطقة المغاربية نتيجة تداعياتها وأول دولة تكون متضررة من الحرب هي الجزائر على اعتبار أنّها تجمعها حدود مع المغرب والصحراء الغربية، وقد يؤدي إلى تفاقم التهديدات الأمنية كالهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والإرهاب لأنّ حالة الفوضى توفر البيئة لتنامي التهديدات، كما يعد مؤشرا أكثر خطورة في ظهور دول جديدة كفاعلين أساسيين في النزاع وهي دول الخليج والتي نعرف ما قامت به في ليبيا وسوريا وحتى فلسطين، حيث أين تدخلت أدت إلى تعقيد الوضع وهو ما يؤثر سلبا على المستقبل الأمني للمنطقة المغاربية.
أخبار دزاير: بوبكر سكيني