لا تزال أصداء الإستعراض العسكري الضخم للجيش الوطني الشعبي بمناسبة ستينية الاستقلال تصنع الحدث، حيث شكلت أساس نقاشات الجزائريين، الذين أبانوا فرحة عارمة بمستوى التطور والتنظيم الذي بلغه أبناء الشعب بالمؤسسة العسكرية، وأكدوا أن الاستعراض الأخير جسد واقعيا رابطة جيش أمة من خلال الصور التي صنعها تلاحم الجزائريين مع شعبهم، والشعارات المدوية التي رافقت سير مختلف الوحدات العسكرية المشاركة ” جيش شعب خاوة خاوة “.
تخطيط احترافي .. تنظيم محكم .. دقة .. ونسور الجو وأسود القوات الخاصة يصنعون التميّز
سهرت قيادة الجيش الوطني الشعبي على التحضير النوعي للاستعراض العسكري الأضخم، الذي تم تداوله على نطاق واسع بوسائل الإعلام الوطنية والدولية، خصوصا بعد أن تم إقحام أسلحة متطورة ذات طابع دفاعي في أغلبها، ومن بينها منظومة الدفاع الجوي س 300، والعربات القتالية المضادة للطائرات بانتزير، أو المزودة بمنظومة صواريخ أرض ـ جو متوسطة المدى ” بوك “، إلى جانب قاذف اللهب طوس 220 مم، ومدفعية صاروخية سمارش بم 30 وغيرها.
وتميّز الاستعراض العسكري الذي حظيت ” أخبار دزاير ” بمتابعته عن قرب من المنصة الرسمية بالتخطيط الاحترافي، التنظيم المحكم، الدقة، الإنضباط، الإنسجام التام، التنسيق والقيادة الاستراتيجية، فكل حركة مدروسة بعناية فائقة، وفي الزمن المتوقع.
وشارك في الاستعراض العسكري الأضخم 100 مربع، شمل مختلف التشكيلات العسكرية للقوات البرية، الجوية والبحرية، إلى جانب مربع المجاهدين الذي كانت له رمزية كبيرة في هذا الاستعراض، والذي تبعه مربع أشبال الأمة في رسالة واضحة على الوفاء لرسالة المجاهدين والشهداء، ليسير الجميع بالطريق الوطني رقم 11 قرب جامع الجزائر بالمحمدية، لتتعدد بذلك الرسائل التي كانت في تأثيرها مشابهة للأسلحة النوعية المشاركة.
وعرف الاستعراض العسكري تحكما فريدا لنسور القوات الجوية في عمليات التزود بالوقود المعقدة، والتي تعد حكرا على بعض الجيوش دون غيرها، فتنوعت عمليات التزود بالوقود لطائرتي سوخوي 30 م ك إ من طرف طائرة إليوشن 78 مع مرافقة طائرتي سوخوي 30 م ك إ، ثم لطائرتي سوخوي 24 م ر من طرف طائرة إليوشن 78 مع مرافقة 4 طائرات سوخوي 27 م ك، إضافة إلى عملية التزود بالوقود جوا لطائرتي سوخوي 24 ـ م ك مع مرافقة طائرتي سوخوي 30 ـ م ك إ.
كما كان لأسياد البحر الأبيض المتوسط أيضا حضورقوي، من خلال الغواصتين الونشريس و جرجرة، الفرقاطة الرادع ، الغرّابان متعددي المهام ” الظافر ” و ” الفاتح “، السفينة المضادة للغواصات ” الرايس قورصو “، السفينة المضادة للغواصات الغرّاب قاذف الصواريخ، والسفينتين كاسحة الألغام كاسح 1 وكاسح 2 وغيرهما.
وشهد الاستعراض العسكري تفاعلا كبيرا مع كل المربعات المشاركة، إلا أن مربع أسود القوات الخاصة بقيادة العقيد دهان محمد لمين صنع الاستثناء، إذ غطى زئيرهم عن المكان في تناسق تام، مما جعل رئيس الجمهورية والفريق أول السعيد شنقريحة وكل الحضور بالمنصات يقفون مصفقين على أداء أسود الجزائر الإحترافي، والذين لا مكان للمستحيل لديهم إذا تعلق الأمر بالدفاع عن الوطن.
ظهور إسماعيل هنية المفاجئ يصدم الجميع والعلامة الكاملة للمصالح الأمنية المختصة
اعترف جميع المتتبعين بقوة الاستعراض العسكري النوعي الذي شهدته المحمدية في ستينية الاستقلال، والذي لم تقتصر قوته على الجانب التنظيمي والرسائل التي تضمنها، بل بالإجراءات الأمنية النوعية التي رافقته، فبحر الجزائر وأرضها وجوّها تحت المراقبة الدقيقة بمشاركة قوات الدفاع الجوي عن الإقليم ومختلف المصالح الأمنية، فلا مجال لأي اختراق مهما كان بسيطا ولا يمكن السماح بأي محاولة مهما كانت لإفساد عرس الجزائر وهي تحتفي بالذكرى الستين لاستقلالها.
ولم تتوقف الجهود الأمنية عند حدود تأمين الاستعراض العسكري، بل استيقظ المتتبعون والإعلاميون على وقع المفاجأة، حين علموا متأخرين أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قد دعا إلى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفدا عن حركة حماس بقيادة رئيس مكتبها إسماعيل هنية، في الوقت الذي كان الإعلام العالمي يتحدث عن حضور كل من رئيس تونس قيس سعيد، رئيس فلسطين محمود عباس، رئيسة إثيوبيا ساهلي وورك زودي، رئيس النيجر محمد بازوم، رئيس الكونغو دونيس ساسو نغيسو، رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الأمين العام لجبهة البوليساريو إبراهيم غالي، رئيسة مجلس الشيوخ الايطالي ماريا اليزابيتا ألبيرتي كازيلاتي، وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش ووزير التسامح الإماراتي نهيان بن مبارك آل نهيان.
وقد كانت المفاجأة كبيرة، حين أعلنت الرئاسة أن ” رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون يجمع في لقاء تاريخي على هامش احتفالات ستينية الاستقلال بالجزائر بين الإخوة الفلسطينيين رئيس دولة فلسطين محمود عباس والوفد المرافق له ووفد حركة حماس بقيادة رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية، وذلك بعد سنوات طويلة، لم يجتمعا فيها حول طاولة واحدة.”
واعتبر المتتبعون والإعلاميون أن ظهور رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في آخر لحظة ودون أي تسريبات مسبقة يعد نجاحا يحسب للمصالح الأمنية الجزائرية، التي وفرت كافة الظروف الملائمة كي تكون ستينية الاستقلاق استثنائية من خلال العرض العسكري الأضخم، ونوعية الحضور، والرسائل المشفرة التي بعثتها الجزائر في هذا اليوم التاريخي.
رعب في المخزن وصفعة قوية للعملاء وخونة الخارج
أربك الإستعراض العسكري الأضخم في الجزائر قيادة المخزن العسكرية، بعد أن تم تداول صورسوداوية عن مشاركة جنود الجيش المغربي في مناورات الأسد الإفريقي، والذين اكتفوا بملإ الأكياس بالتراب، وحمل أسلحة خفيفة دون ذخيرة، مع الاستمتاع بأخذ صور لطائرات الأباتشي الأمريكية.
وأدت هذه الوضعية إلى إسداء المخزن لأوامر للإعلام المغربي لشنّ حملات تضليل قصد التقليل من قوة الاستعراض العسكري الجزائري، بإقحام خبراء أمنيين ” وهميين “، قلّلوا من القدرات الفتاكة للأسلحة المشاركة في الاستعراض العسكري، فيما أشار آخرون إلى تخلي الجزائر عن الدبلوماسية التي عرفت بها لسنين طويلة بعد هذا الاستعراض.
وأخلط الاستعراض العسكري حسابات القيادة العسكرية المغربية التي تعيش دوامة حقيقية مؤخرا بفعل طول غياب الملك محمد السادس جراء حالتة الصحية المتدهورة جدا، حيث اختار باريس منذ أزيد من شهرين لتلقي العلاج، لتشتد الصراعات بالبلاط الملكي لخلافته.
ومن جهة أخرى، صدمت الصور والفيديوهات التي تم تداولها بمواقع التواصل الاجتماعي لتلاحم الجزائريين مع جيشهم عملاء الخارج على غرار أعضاء التنظيمين الإرهابيين لرشاد والماك كمحمد زيطوط، أمير بوخرص، يحيى مخيوبة، هشام عبود، أنور مالك وغيرهم، والذين أصيبوا بالجنون بعد أن أدرك الشعب الجزائري زيف وكذب المعلومات التي يبثونها يوميا بغرض الاستفادة من مداخيل ” الباي بال “.
وركن الإرهابي محمد زيطوط السائق السابق في سفارة الجزائر بليبيا إلى الدفاع بعد تلك الصور والفيديوهات التي فضحت ما يروجه من أكاذيب، وقال أنه لا يبيع الأوهام، فيما حرّكت المخابرات المغربية العميلين هشام عبود وأنور مالك لمهاجمة الاستعراض، حيث اعتبر هؤلاء أن الأسلحة التي تم إقحامها في الاستعراض مجرد ” خردة “، وهو الوصف الذي لقي سخرية كبيرة من طرف المختصين في مجال السلاح، فيما رد الجزائريون أن نوعية الأسلحة المشاركة فضحت خونة وعملاء المخزن ونشرت الرعب لدى القيادة العسكرية المغربية، فيما تحول الإرهابي أمير بوخرص المدعو أمير ديزاد إلى أضحوكة وهو يتحدث عن تحكم روسيا في الطائرات المقاتلة التي اقتنتها الجزائر.
وعلّق عدد من الجزائريين أن الخونة والعملاء أصيبوا بحالة ” كَلًب ” بعد النجاح الباهر الذي حققه الاستعراض العسكري والتحام الشعب بجيشه في صور وفيديوهات انتشرت بقوة في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وأوضحوا أن الإستعراض العسكري وجّه صفعة مؤلمة لكل خائن وعميل.
والخلاصة :
إستعراض الجيش الوطني الشعبي الأضخم في تاريخ الجزائر لا يمكن وصف دقائقه، ولا التعبير عن تلك الأحاسيس الوطنية الجارفة بالإعتزاز أثناء مشاهدة صور القوة والعزيمة والإصرار والتحكم في الأسلحة الأكثر تطورا لدى كل فرد من أفراد جيشنا الوطني الشعبي، والتي امتزجت برمزية المكان واستعداد قواتنا الباسلة للتضحية في كل لحظة من أجل الجزائر وشعبها وفاء لرسالة الشهداء ..
أخبار دزاير : كريم يحيى