أبهر الاستعراض العسكري للجيش الوطني الشعبي يوم أمس بمناسبة ستينية الاستقلال كل متابعيه في الداخل والخارج، نتيجة التحكم في التفاصيل والجزئيات، إذ سارت العروض العسكرية لمختلف التشكيلات بدقة وتنظيم جد محكم لمدة ساعتين، كما أبرزت مختلف التشكيلات المشاركة انضباطا كبيرا وتحكما تاما وسيطرة تفاعل معها الحضور بالمنصة الشرفية و بالشاشات الكبيرة والتلفزيونات بالتصفيق والزغاريد.
ووصلت الدقة في التحكم في تفاصيل الاستعراض العسكري أن يقدم المشرف على التنشيط اسم تشكيل الطائرات المشارك لتظهر في ثوان قليلة جدا في السماء بالمسار المخصص لها، حتى أن عمليات تزويد المقاتلات بالوقود تتم بحرفية وتنسيق وبسلاسة تامة، كما أن إقحام عدد معتبر من الطائرات بشتى الأنواع ووفق تنظيم دقيق زاد من درجة الإبهار.
قيادة الجيش ترفع سقف التحدي عاليا وجاهزية قصوى برا وبحرا جوا ضد أي تهديد
يقر المتتبعون أن قيادة الجيش الوطني الشعبي رفعت من مستوى التحدي كثيرا حين اختارت مناسبة 5 جويلية الجاري وأعلنت عنها مسبقا لتنظيم هذا الاستعراض العسكري الباهر، وسط تجاذبات إقليمية صعبة، ومرحلة ميزها تطبيع البلد الجار المغرب مع الكيان الصهيوني وتوقيع اتفاقية تعاون عسكري معه، إلى جانب علاقة متوترة مع إسبانيا، بعد قرار الجزائر تعليق معاهدة الصداقة والتعاون ردا على قرارتها المنافية للشرعية الدولية بشأن قضية الصحراء الغربية.
و تزامن هذا الرهان الكبير مع رفع الجزائر لتحد آخر وهو ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران وما رافقها من جهود كبيرة تنظيميا وأمنيا لحمايتها من أي اختراق، خاصة مع سعي المخزن لإفساد هذا العرس الرياضي الدولي، الأمر الذي جعل كل الأنظار تتوجه إلى مدى قدرة الجزائر على تنظيم استعراض عسكري بعد مرور 33 سنة من آخر استعراض عرفته بلاد الشهداء.
من هنا، كان التحدي كبيرا لتنظيم استعراض عسكري تم الإعلان عن مكانه بالطريق الوطني رقم 11 الذي يمر أمام جامع الجزائر وزمانه أيضا في رمزية مدروسة، وهو برأي المتتبعين تأكيد آخر من طرف قيادة الجيش على ثقة وجهوزية تامة وعن تفكير استراتيجي أخذ كافة التفاصيل بالحسبان، وبالأخص الأمنية منها، إذ أعطيت الأوامر لتأمين موقع الاحتفال برا وبحرا وجوا.
وفي هذا السياق، أُسديت أوامر بمنع التحليق الجوي العام والذي يشمل الطيران الوطني والدولي في الفترة الممتدة من 20 جوان إلى غاية 5 جويلية، لتتحول قوات الدفاع الجوي عن الإقليم إلى درجة الجاهزية القصوى خلال هذه الفترة، فيما كانت المصالح الأمنية المختلفة هي الأخرى في حالة استعداد تام على الأرض لإفشال أي اختراق مهما كان نوعه لسير هذا الاستعراض العسكري والذي أكد أن أسياد السماء والأرض والبحر في جاهزية تامة لحماية أرض الشهداء وشعبها من أي تهديد ومن أي مصدر كان.
وإن كانت بعض الدول تجد صعوبة كبيرة في تنظيم تظاهرة رياضية دولية، فإن الجزائر لم تكتف بالنجاح المحقق في ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران وعلى جميع الأصعدة، بل نظمت استعراضا عسكريا ضخما وكشفت قيادة الجيش مسبقا عن مكانه وتوقيته بما يشكلان من رمزية، ومع نجاح الاستعراض كان إعلانا عن القضاء نهائيا عن الإرهاب وعن قوة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني وامتلاكه أحدث الأسلحة، حيث تم أزالة الغطاء عن عن عينة منها على غرار : منظومة الدفاع الجوي بعيدة المدى أس 300، العربات القتالية م/ط المزودة بمنظومة صواريخ أرض جو متوسطة المدة ” بوك “، عربات قتالية مضادة للطائرات ” بانتزير “، عربات ذاتية الحركة مضادة للطائرات ” شيلكا “، محطات رادار متعددة المهام، دبابات تي 90 س ك،دبابات 62 و72 معصرنة، مدفعية صاروخية ” سمارش ب م 30 “، مدفعية صاروخية س ر5″، طائرات سوخوي 30، الغواصتان ” الونشريس ” وجرجرة”، سفينة القيادة ونشر القوات ” قلعة بني عباس “، الفرقاطة ” الرادع “، الغرابان متعددي المهام ” الظافر ” و ” الفاتح “، السفينة المضادة للغواصات ” الرايس قورصو “، السفينة المضادة للغواصات الغراب قاذف الصواريخ ” الرايس بربيار “، السفينتان كاسحة الألغام ” كاسح 1 ” وكاسح ” 2 “.
مديرية الإعلام والاتصال : إشراف عام على الاستعراض العسكري ميدانيا ومواجهات افتراضية ضد المخططات المعادية
وفّرت مديرية الإعلام والاتصال بأركان الجيش الوطني الشعبي كافة الإمكانيات والوسائل لنقل الاستعراض الباهر للجيش إلى الجزائريين بمهنية واحترافية عالية، حيث أشرفت على كافة التفاصيل لضمان تغطية وطنية ودولية تليق بمستوى هذا الاستعراض العسكري الضخم، فكانت الكلمات القوية للمشرف على التنشيط تصدح عاليا شارحة للوحات المختلفة للتشكيلات العسكرية المشاركة، كما كانت تنبض حسا وطنيا وتعبر بصدق عن الوفاء لرسالة الشهداء..
ولم تكتف مديرية الإعلام والاتصال بالتواجد الميداني لضمان نقل الاستعراض العسكري الباهر في أحسن صورة وبإشراف شخصي من اللواء مبروك سابع، بل كثّفت من جهودها بالعالم الافتراضي في إطار دفاعها عن السيادة الرقمية للجزائر، ووضع حد لأي تشويش خارجي عن الاستعراض العسكري بحرفية، من خلال متابعة والتعامل مع أي أخبار مغلوطة أو شائعات، خصوصا وأن بعض الأجهزة الخارجية ومنها المغربية لم تجد أمام النجاح الباهر للاستعراض العسكري ميدانيا إلا اللجوء إلى العالم الافتراضي غير أنها فشلت مرة ثانية نتيجة الجهود الكبيرة لمنتسبي المديرية العامة للإعلام والاتصال والذين قادوا معارك رقمية طاحنة وأفشلوا مخططات معادية سعت للتشويش على قوة ونجاح العرض العسكري الباهر الذي شكل المادة الأهم في النقاشات الداخلية والخارجية.
وقد تم تداول صور صفحة وزارة الدفاع الوطني بالفيسبوك التي نشرت مباشرة بعد نهاية الاستعراض العسكري و تميزت بدقة عالية على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي شكل نجاحا آخر للاستعراض.
وبرأي المتتبعين، فإن الاستعراض العسكري الباهر حمل عدة رسائل، أولاها قوة الجيش الوطني الشعبي وجاهزيته، وارتباطه بشعبه من خلال المشاهد التي رسمها الجزائريون في التحامهم بجيشهم، وترديدهم لشعار ” جيش شعب خاوة خاوة “، إلى جانب التأكيد على التضحية من أجل الوفاء لرسالة الشهداء والمجاهدين من خلال اختيار المربع الأول من الاستعراض الذي تقدم باقي المربعات.
وأضاف المتتبعون أن الرسالة الأخرى للاستعراض العسكري ترتكز على أن قرارات الجزائر الدبلوماسية والاقتصادية تستمدة قوتها من قوة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني المتلاحم مع شعبه في شتى المناسبات والظروف.
وبالمختصر، فقد أثبت أبناء الجيش الوطني الشعبي في هذا الاستعراض الأضخم والأكثر تقديما والأكبر تحديا يوم أمس أنهم أسياد الأرض، البحر والسماء .. .
أخبار دزاير: كريم يحيى