أحدثت زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى فيدرالية روسيا بدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين ضجة كبيرة، بعد أن شكل هذا الحدث أهم مادة لوسائل الإعلام الدولية بالنظر للاستقبال النوعي الذي حظي به الرئيس، والاتفاقيات التي عكست الشراكة الاستراتيجية الثنائية، والتصريحات القوية لقادة البلدين.
ومن هذا المنطلق، يرى الباحث والخبير في العلاقات الدولية الدكتور شاكر محفوظي في تصريح لـ ” أخبار دزاير ” أنه “لا يختلف اثنان في أهمية الزيارة الأخيرة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون التي قادته إلى روسيا ولقائه التاريخي بالرئيس فلاديمير بوتين، وما تمخض عنها من نتائج واتفاقيات عززت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وعمقت أكثر الروابط التاريخية، وأكدت أن الجزائر استعادت عافيتها وباتت تتموقع إلى جانب الكبار في الساحة الدولية.. وهو الامر الذي عكسه الحيز الكبير من الاهتمام الذي حظيت به هذه الزيارة على المستوى الدولي، حيث كانت الحدث الأسبوعي الأبرز الذي تناقلته مختلف وسائل الإعلام العالمية، التي وثقت الاستقبال المتميز الذي حظي به رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون والاحتفاء الخاص به وكذا التصريحات التي تخللت الزيارة من الجانبين”.
وأكد الدكتور شاكر محفوظي في رده عن اختيار هذا التوقيت بالذات لهذه الزيارة التي وصفت بـ ” بالتاريخية ” ودلالاتها أن ” السياق الذي جاءت فيه هذه الزيارة هو سياق دولي مضطرب سياسيا وعسكريا واقتصاديا على وقع اشتداد الحرب الروسية الأوكرانية واحتدام الصراع بين روسيا والغرب، وما ترتب عنه من آثار اقتصادية وخيمة أصابت الجميع ولم تستثن أحدا، علاوة على انها جاءت بعد تأجيل أو إلغاء لزيارة كانت مرتقبة من الرئيس الجزائري إلى فرنسا التي ما تزال علاقاتها بالجزائر تعرف المزيد من التشنجات وزيارة أخرى سبقتها قادت الرئيس تبون إلى البرتغال وهي دولة عضو في حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية، وفي ذلك رسالة واضحة عن حرص الجزائر على إظهار الحيادية والتوازن في علاقاتها الخارجية.. ”
وأضاف ” أما دلالات هذه الزيارة فهي عميقة ومتعددة على أكثر من صعيد، ولعل الدلالة الأولى للزيارة تأكيد العقيدة الجزائرية الراسخة بأن الجزائر تظل وفية دائما في دبلوماسيتها للدول التي دعمت كفاحها التحرري، وأنها تتمتع بالاستقلالية المطلقة في قراراتها، وتنأى بنفسها عن التموقع مع أي طرف ضد الآخر، وفي الوقت ذاته ترفض أي شكل من أشكال الإملاءات أو التدخل في قراراتها السيادية وتوجهات سياستها الخارجية.”
وشدد الباحث والخير في العلاقات الدولية الدكتور شاكر محفوزي في تصريحه أن مخرجات هذه الزيارة وما تخللها من تصريحات هامة لقائدي البلدين، وكذا الاتفاقيات التي تم توقيعها وفي مقدمتها الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين روسيا والجزائر ” تعكس المكانة المتميزة التي تحظى بها الجزائر لدى الشريك الروسي كدولة محورية ورائدة في المنطقة العربية وإفريقيا تملك أوراق عدة تؤهلها للعب دور الوسيط الموثوق به، وهو ما أدركته روسيا وجعلها تقبل وساطتها في الازمة الروسية الأوكرانية، وبأن للجزائر كذلك ثقلها وأوراقها في منقطة الساحل وإفريقيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي وكذا على الصعيد الأمني بحكم تجربتها الرائدة في مكافحة الإرهاب وجاهزية قواتها المسلحة …ناهيك عن علاقاتها وصداقاتها المتعدّدة مع العديد من الدول بما فيها الدول الكبرى.. ..خاصة وأنها على بعد أشهر من مزاولة عهدتها كعضو غير دائم بمجلس الامن الدولي “.
وردا على سؤال يتعلق بالأبعاد الاقتصادية لزيارة رئيس الجمهورية إلى فيدرالية روسيا، ذكر الدكتور شاكر محفوظي أن ” البعد الاقتصادي شغل الحيز الأكبر من الزيارة وبدا ذلك واضحا من تشكيلة الوفد المرافق للسيد رئيس الجمهورية، وكذا من برنامج الزيارة الذي غلب عليه الجانب الاقتصادي، في تأكيد لنية الجزائر وتوجهها الرامي لتنويع محاور نشاطها الاقتصادي وولوج فضاءات أخرى عبر بوابة البريكس التي تعتبر أحد أهم التجمعات السياسية والاقتصادية الراهنة، وتحصين نفسها لتكون بمنأى عن تقلبات السوق العالمية والضغوط التي تمارسها الدول الكبرى، حيث تعول على الدعم الروسي لتسريع انضمامها لفضاء البريكس الحيوي، وتعزيز موقعها في سوق الغاز والنفط من خلال من التنسيق مع روسيا في إطار أوبك بلاس.”
وشدد الباحث والخبير في العلاقات الدولية أن ” انعكاسات القمة الثنائية الروسية الجزائرية لن تقتصر على الجزائر وروسيا فحسب، وإنما ستمتد إلى إفريقيا والعالم العربي عبر بوابة الجزائر التي أكدت ريادتها وزعامتها وبأنه سيكون لها كلمة الفصل في أبرز القضايا المطروحة بالمنطقة….الأمر الذي يعزز من مكانة الجزائر الدولية خاصة في ظل الإرهاصات الواضحة لنظام دولي جديد هو الآن في طور التشكل، يبحث الجميع فيه عن تحالفات جديدة ودور مؤثر، وتبرز فيه مجموعة البريكس كفضاء مؤهل ليصبح فاعلا أساسيا ومحوريا في المرحلة المقبلة “.
أخبار دزاير: كريم يحي