أوضح خبير التسيير الاستراتيجي الدكتور سيد أحمد أولحسن أن العالم يواجه تحديات حقيقية لتحقيق الأمن الغذائي وتوفير المواد الأولية للصناعة الغذائية، وهو الملف الأهم بالنسبة لقادة العالم في الوقت الراهن.
وقال الدكتور سيد أحمد أولحسن في تصريح لـ ” أخبار دزاير ” أن ” المستقبل القريب سيعرف صراعات وحسابات سياسية معقدة يعتبر فيها ملف بيع الغذاء بين الدول مثل ملف بيع السلاح بل و سيكون فوق طاولة المفاوضات السياسية، وسيشكل أهم هاجس في الخطط الأمنية وعامل رئيسي يحدد مستقبل الشعوب “.
أسعار المواد الأولية والمصنعة ارتفعت بنسبة من 30 إلى 100%
ذكر خبير التسيير الاستراتيجي أنه ” من خلال أزمة كوفيد ـ 19 و خلال سنتي 2020-2022 تعرض الإقتصاد العالمي إلى انكماش في الإنتاج بسبب تقلص النشاط التجاري و بالمقابل كان هناك ارتفاع في نسبة الاستهلاك و بطريقة مضاعفة، و نظرا لعوامل عديدة منها التضخم التسلسلي المتمثل في اختلال بين العرض و الطلب بسبب نقص في الإنتاج و اختلال في التوزيع بشكل عام و الذي تعرضت له معظم الدول سواء المتقدمة او دول العالم الثالث، كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع في الأسعار بنسبة تتراوح من 30 إلى 100% في مختلف المواد سواء الأولية أو المصنعة خاصةً عمليات التبادل التجاري بين الدول”.
وفي رده عن سؤال يتعلق بالسبب الرئيسي الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار، ذكر الدكتور سيد أحمد أولحسن أن ذلك يعود إلى ” ارتفاع تكاليف الشحن و ارتفاع تكاليف النقل البحري و تضارب أسعار البورصة العالمية خاصة المواد الخاضعة لنظام البورصة و عندما يتجاوز الطلب العرض، فإن الأسعار ترتفع مما خلق أزمة التضخم التسلسلي “.
إرتدادات الأزمات الاقتصادية ستعصف بدول مجاورة وبالأخص المغرب
تحدث خبير التسيير الاستراتيجي الدكتور سيد أحمد أولحسن في تصريحه لـ ” أخبار دزاير ” عن ارتدادات قوية للأزمات الاقتصادية الراهنة، مشيرا إلى ” أن هذه الارتدادات أثرت بشكل متفاوت على العديد من الدول الإفريقية، من أزمة توفير و توزيع الغذاء، أزمة بطالة و كذلك ارتفاع نسبة فائدة الدين الخارجي لصالح صندوق النقد الدولي و بالأخص دول مجاورة إقليمياً و التي تحاول بشتى الطرق تشتيت تركيز شعوبها نحو صراعات سياسية و وربط علاقات مع دول معادية ظنا من هذه الدول أن ذلك سينقذها من ارتدادات الأزمة العالمية، لكن الواقع يؤكد حصول العكس و ما خفي قد يكون أعظم .”.
وشدّد الدكتور سيد أحمد أولحسن أن المغرب سيتأثر بشكل كبير بارتدادات هذه الأزمات الاقتصادية، خاصة ازمة انهيار العملة المحلية و توفير الغاز الطبيعي، وهو ما زاد من تأزم الوضع الاجتماعي الذي ينذر بالإنفجار في أية لحظة.
وتوقع خبير التسيير الاستراتيجي ” أنه من أجل تغطية الفشل و الضعف في تسيير الشؤون الاقتصادية و حتى الاجتماعية نظراً لأزمة البطالة و ارتفاع نسبة الفقر بشكل عنيف، فستكون هذه الشعوب المجاورة ضحية هذه الصراعات”، معربا عن أمله في ” أن تستفيق هذه الشعوب من هذا التنويم العميق الذي تتعرض له و أن تكون قادرة على أخذ زمام المبادرة و تحمل مسؤولية مستقبلها”.
الجزائر أمام فرصة حاسمة لتكون دولة رائدة زراعيا
كشف الدكتور سيد أحمد أولحسن أن ” الأوان قد حان لتنتهز الجزائر هذه المرحلة الحساسة و العصيبة الذي يعيشها العالم، ذلك أنها أمام فرصة عظيمة علينا استغلالها سواء كدولة سيادية في قرارتها أو كموقع جيوإستراتيجي أو بما تزدخر به بلادنا من موارد طبيعية سواء مساحات شاسعة صالحة للزراعة أو طبيعة، المناخ المعتدل سنوياً أو تجدد في الطبيعة الجوفية للأنهار المتقطعة و حتى من ناحية توفير الإمكانية التقنية و الكفاءة البشرية الهائلة”.
وأردف خبير التسيير الاستراتيجي أن ” كل هذه عوامل ستساهم في رفع الإنتاج السنوي من أجل الإستحواذ على الغذاء إقليميًا و كسب مكانة عالمياً “، مضيفا أنه ” و من أجل أن تصبح الجزائر دولة رائدة زراعياً يجب توفر شرطين أساسيين وهما : تفعيل الإدارة المحلية في تسهيل و تسريع الإجراءات الادارية من أجل مرافقة المتعاملين الاقتصاديين ميدانياً و منحهم كل التسهيلات بصفة قانونية، و الشرط الثاني هو تعيين أصحاب الكفاءة الميدانية في جميع المستويات في مسايرة و متابعة المشاريع الزراعية الكبرى .”
واختتم خبير التسيير الاستراتيجي الدكتور سيد أحمد أولحسن تصريحه أن ” المرحلة حساسة جداً و مصيرية و من أجل مجابهة التحديات العالمية و مسايرة التحولات المستقبلية، فإن الجزائر عليها التموقع من منطلق القوة و السيادة في نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب .”
أخبار دزاير: كريم يحيى