يحاولُ بعضُ الصُحفيين ممن جفّت مصادر معلوماتهم، إلصاق ترخيص اجتماعات الأرندي والأفلان، بإستراتيجية مزعومة لرئيس الجمهورية، ترمي للاستعانة بهما كأدوات للحكم، إيهاما للجزائريين بأن منظومة بوتفليقة لا تزال ماكثة ومتجذرة.
جلي أيضا بأن هذه الهرطقة الناجمة عن الإفلاس الإعلامي، تندرج ضمن الحملة المجنونة، ضد كل المجهودات العمومية المبذولة لحد الآن، إزاء السيطرة على الأزمة وإحراز نقاط تقدم محسوس.
بشيء من المنطق تتضح الرؤية..أولا، تم الترخيص للحزبين لأنه لا يوجد في القانون ما يمنع الترخيص لهما. ثانيا تم منح الترخيص مع التشديد على ضرورة احترام التباعد الاجتماعي، وإن كان لم يُحترم، فهذا نقاش آخر لا علاقة للرئيس به بل بمن يراقبه على الميدان.. ثالثا، لم تمنع الإدارة أي طلب لحزب آخر يتضمن عقد اجتماع من النوع الذي طلبه الأرندي والأفلان..ورابعا، تم إرجاء اجتماعات الأفلان والأرندي بسبب كورونا في مناسبتين سابقتين، قبل الترخيص لهما هذه المرة، استنادا لاستقرار معطيات الوباء.
ماذا كان سيقول “الخبارجية”، لو منعت الإدارة الترخيص لهم؟ كان بإمكان أي مرتزق إعلامي أو ذبابهم الأزرق أن يقول مثلا “أهذه ديمقراطية تبون التي تمنع الأحزاب من تسوية وضعيتها السياسية والقانونية” أو تقول : ” لماذا منعوهم؟ ألا يقول الرئيس بأن الشعب هو من سيقرر أين يضع ثقته في الانتخابات لماذا يحجر على اختيار الناس مسبقا؟”
بمعنى، في كلتا الحالتين كان أصحاب البصيرة العمياء، سيتهمون الرئيس بانحرافه عن “المنطق السياسي”. الحقيقة، هذا العواء يريد الدفع برئيس أصبح رئيس كل الجزائريين، دونما سند قانوني، إلى أن يسلك طريق الانتقام من الأرندي والأفلان لاتحادهما ضده في الرئاسيات السابقة.
يريد البعض أيضا أن ينصب فخا للرئيس في حله الحزبين، بمبرر أنهما صنعا مأساة الجزائريين، لكن هذا الحل إن كان سيُرضي طرفا فإنه يقينا لا يرضي أطرافا أخرى، فيكون الرئيس قد ابتلع الطعم..لا هو أرضى من يريد حل الأرندي والأفلان لأنهم سيخرجون بمطالب أخرى وأجندات جديدة، ولا هو أرضى من سينتفضون بسبب قرار الحل .
ثم لماذا أصلا يعتمد الرئيس تبون على الأفلان والأرندي وقاعدته الشعبية التي انتخبته أضعاف مضاعفة مقارنة بقواعدهما؟ وهل عليه أن يكتب معلقة على عمود من أعمدة مقام الشهيد، يدعوهم فيها لعدم مساندته حتى يرضى من يريد أن يرضى !!
لا للتطرف السياسي.. الأعقل والأرجح والأنسب للرئيس، أن يحذر الفاسدين من تلك الأحزاب، على أن يوكل لها مجددا مهاما رسمية لإدارة شؤون الجزائريين، وألا يظلم الإطارات النزيهة فيها ممن لم تنل فرصتها، وورثت مجانا إرث العصابة والسيء من سمعتها، فرهن ذلك مستقبل عشرات الإطارات الجزائريين، ذنبهم الوحيد أنهم انضموا يوما ما لحزب لم يستشرهم مسؤولوه في خيانة الجزائر والجزائريين.
كلي ثقة أن يضرب الرئيس في هذا الموقف ضربة معلم سياسي محنك، وألا يسمع للأصوات الناعقة بالتطرف وبث التفرقة، وتسويق الأجندات التي تكلفنا خسارة بلد.
سيقول الذين في قلوبهم مرض من الرئيس كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: ..بسم الله الرحمن الرحيم “.. يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً”.. هنا يبدو الإثبات لهكذا فئات العبث بعينه، فهل يتم الاحتكام إلى ما تبقى من الآية الكريمة ..” فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ”..
أعتقد أن الجمهورية الجديدة تؤمن بأن هؤلاء جزائريون ولكن ليسوا من بني إسرائيل وإنما ينفذون من حيث لا يعلمون أو يعلمون أجندات خارجية بالوكالة، تسابق الريح لجمع جزيئات الغبار لتصنع منها الزوابع في الجزائر، لعل وعسى تنتهي إحداها بالجزائر إلى ما قبل 12 ديسمبر 2019..
أخبار دزاير: مروان شيباني