تعتبر وزارة العدل أول وزارة تم تعريبها في الجزائر وقد حرص الدكتور بوعلام بن حمودة وزير العدل على تعريب وزارته بطلب من الرئيس هواري بومدين سنة 1971 (قبل هذا التاريخ كانت تتم المرافعات والتقاضي بالفرنسية ) ،لكن كل هذا تم ضمن اللجنة الوطنية للتعريب التي أنشأها الرئيس والتي ضمت فئات مختلفة من بين أعضائها : الدكتور طالب الإبراهيمي وزير الثقافة والإعلام، الدكتور بوعلام بن حمودة وزير العدل، الأستاذ عبد الله فاضل وزير الشباب والرياضة، الأستاذ السعيد آيت مسعودان وزير البريد والمواصلات، الأستاذ مولود قاسم وزير الشؤون الدينية، الأستاذ عبد الحميد مهري الأمين العام لوزارة التربية .
بالنسبة للتربية كان انطلاق مسار التعريب ابتداء مما يعرف بأمرية 76 التي دشنت التعليم الأساسي ،لكن التعريب جرى مرحليا خلال نفس السنة إلى أن ظهر الوزير الجديد الذي بدأ يعيد للفرنسية مجدها ونقصد هنا عبد الكريم بن محمود وكان وجود هذا الأخير من جهة ووجود عبد الحميد مهري ومحمد الصالح يحياوي من جهة مقابلة يعكس مفارقة كبيرة ويشي بمعارك مختفية تجري بين خصوم كبار بعضهم تبنى التوجه التعريبي الجديد والبعض الآخر ينافح بشراسة لبقاء اللغة الفرنسية ، ويبدو أن آثار معركة كسر العظام ممتدة الى اليوم .
وسارت مسألة التعريب بخطى متشنجة حتى بعد أن أنشأ الشاذلي بن جديد المجلس الأعلى للغة العربية وترأسه هو وكان مهري نائبا لرئيس المجلس ، غير أن هذه الهيئة لم تقدم جديدا خصوصا وأنه بعد سنوات قليلة تم تجميد التعريب رسميا في الإدارة إلى غاية سنة 1991 حيث تم نفث الروح قليلا في هذا القانون بعد طرحه في المجلس الشعبي من طرف جماعة بلخادم ،وتلته أحداث سياسية كبيرة جعلت أولوية التعريب تتقهقر مع بروز مطالب اجتماعية وسياسية وحقوقية تبلورت كلها بعد أحداث أكتوبر وانتهت بإقالة الشاذلي ،والدخول الجماعي في النفق المظلم..
بين سطور التاريخ هناك غالبا أسباب مترابطة يندر الانتباه إليها إلا من خلال النظر للصورة الشاملة خارج الأحداث..داحس والغبراء لم تكن لأجل فرسين لعبس وذبيان بل كانت لأجل مرارة خديعة حمل بن بدر……ودمتم طيبين.
بقلم عيسى قارف / كاتب وشاعر
لهذا الملخص مراجع ومصادر .