يَشهدُ موضوع السيادة الوطنية في تشعباته الأمنية المختلفة تحوّلات عميقة تمسُّ صلب مُحدّداته ومُهدّداته، وذلك بسبب الانعكاسات التي تطال الساحة الدولية في الآونة الأخيرة – ناهيك عن تلك الوطنية الإقليمية-، بحيث يرى المراقبون أنَ أنماط وأشكال التحدّيات تغيرت جذريا عن تلك الفواعل التقليدية على الدول، فلم تعد مُهدّدات الأمن تلك الاعتداءات الخارجية والانتهاكات لسيادتها الإقليمية، بل امتدت إلى فواعل غيرت وجهها، كسوريا، ليبيا، اليمن، لبنان، السودان وغيرها، فلم يبق مجالها أيضا محددا بحدود الدولة الوطنية الجغرافية بل تعدّاها في ذلك إلى ما وراء حدودها كما هو ممارس في الجبهات السيبيرانية وما إلى ذلك من فواعل حداثية…
وقد أثرت هذه التحوّلات الراهنة على دول جوار الإقليم بتأثر فضائها الجيوسياسي مما خلق لها تحديات أمنية تعدّدت أساسا في تنامي التهديدات، كتلك المرتبطة بالإرهاب، الجريمة المنظمة، المخدرات، انتشار الاتجار بالأسلحة والبشر، فضلا عن المخلفات الناتجة عن الاستعمار التاريخي كاستمرار الاحتلال المغربي للصحراء الغربية وتنامي التواجد العسكري الأجنبي في منطقة الساحل الإفريقي ومنطقة الأرخبيل،وهي أوضاع متأزمة جعلت من المؤسسة العسكرية الجزائرية على انتمائها العضوي في إطارها كهيئة دستورية سيادية يقع على عاتقها مهام تتعدّد في مجالات حماية السيادة الوطنية ووحدة ترابها وفضائها الرقمي، وكذا في الذود عن سلامة المجالات الحيّة للوطن من كل عداءٍ، كل ذلك في إطار العقيدة الدفاعية عن الجزائر، حيث اتخذت استراتيجية خاصة بها من أجل تحقيق مشروع الاحترافية والعمل على تطوير الجيش الجزائري تماشياً والمتطلبات الدولية في راهنها، خاصة أن جيوشاً على المستوى العالمي أصبحت تتشكل من وحدات قتالية محترفة، و ضمن العمل المحترف، والمهنية بهدف الوصول إلى نوعية في مستوى الأداء والتواجد الإقليمي.
الدكتورة ليندة بوسيف : “مواكبة المؤسسة العسكرية للتحديثات والتحديات أحد أهم آليات بناء السلام والحكم الراشد…”
ترى الأكاديمية والباحثة الدكتورة ” ليندة بوسيف ” أنّ دور المؤسسة العسكرية ينطلق من المنظور الدولي الإقليمي والوطني، على اعتبار أن المؤسسة العسكرية تعمل جاهدةً من أجل الحفاظ على سلامة حدود الجزائر وأراضيها من خلال: حماية الأمن القومي، وتحقيق نمط حياة ديمقراطي في إطار حكم مدني، وفي الحفاظ على قيم وثقافة وكيان الشعب الجزائري في الدائرة الإقليمية والدولية، معتبرة أنّ دور المؤسسة العسكرية يبرز في العمل بعقيدة قتالية جوهرها الدفاع الإيجابي النشط في إطار الشرعية وقرارات المنظمات الإقليمية والدولية، وبهذا فإنها كانت ولازالت تساهم بشكل فعال في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد، لاسيما بما يتعلق بالبنى التحتية.
وتضيف الباحثة ليندة بوسيف أن ” المقاربة الجزائرية فيما تعلق بمواجهة التهديدات متعددة الجهات والأنماط تتجسد من خلال تفعيل مجموعة من الآليات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية إلى جنب تلك الأمنية والعسكرية، ففي ذات الموضوع توضح الأكاديمية ” ليندة بوسيف” أنّ توفير الأمن والاستقرار داخل الدولة حق سيادي للشعب، إلى جانب مواكبة المؤسسة العسكرية للتحديثات والتحديات التي يشهدها عالم اليوم، وهو ما يعني التأكيد على دورها الأساسي في حماية حدود البلاد وهذا ما تقوم به من أجل الحفاظ على هيبة الدولة وسيادتها من أي مخاطر تحيط بها، معتبرة ذلك أحد أهم آليات بناء السلام والحكم الراشد، خاصة وأن الجزائر اليوم تواجه تهديدات بأشكال جديدة، فالمؤسسة العسكرية تسعى جاهدة إلى مواكبة كل تطور من شأنه أن يعزّز أدوارها، فالتطوير المتواصل من أهم عناصر خططها الاستراتيجية.
“موقع الجزائر كنقطة ارتكاز وتقاطع بين الدول المغاربية والساحل الإفريقي يجعلها مرتبطة أمنيا بعدة دوائر إقليمية غير مستقرة…”
على اعتبار أن الجزائر ترتبط بمنطقتين استراتيجيتين (منطقة الساحل والبحر الأبيض المتوسط) تدخل ضمن مجالها الأمني الحيوي وفي نفس الوقت ترقى بهما خصائصهما الجيوسياسية إلى مناطق جيوستراتيجية بامتياز على المستوى الدولي مما يجعلها تدخل ضمن جدول أعمال استراتيجيات القوى الدولية، فالأحداث المتسارعة والتغيرات التي تشهدها المنطقة جعلت قضية الأمن الوطني الجزائري منكشف على أكثر من صعيد من خلال هشاشة دول الجوار أمنيا وسياسيا واقتصاديا، ناهيك عن المزاوجة بين العداوة والمنافسة في التعامل مع الجزائر من قبل بعض الدول الجارة، هذا ما يضاعف من مهمة المؤسسة العسكرية الجزائرية في مواجهة التحديات الإقليمية المشار إليها، حيث ترى في ذلك الدكتورية “ليندة بوسيف” أنّ الجزائر بحكم موقعها الاستراتيجي كنقطة ارتكاز وتقاطع بين الدول المغاربية من جهة وامتداد للساحل الإفريقي من جهة أخرى وجدت نفسها مرتبطة أمنيا بعدة دوائر إقليمية غير مستقرة، وهذا ما يعني إمكانية تعرضها لعدة مخاطر من شأنها أن تهدد استقرارها وأمنها الوطني، موضحة أن معظم الوثائق الدستورية التي مرت على الجزائر نصت على أن المؤسسة العسكرية مكلفة بالحفاظ على وحدة الدولة وسلامة سيادتها وترابه.
هذا ما جعل الدولة الجزائرية شامخة برغم من كل الظروف التي عاشتها، فحنكة وفطنة المؤسسة ساعد على توفير الأمن واستقرار الوطن والمحافظة على أمنه وسيادته، ودليل على هذا احترافيتها وتفانيها في تأدية مهامها على التعامل مع الأوضاع الأمنية المعقدة وكذا الأزمات الإقليمية التي استطاعت تأطيرها كوسيط أو كطرف محافظ فيها على صورة وأمن الجزائر…
“مديرية الإعلام في وزارة الدفاع الوطني : جبهة ميدانية للتصدي الحملات التي تطال الفضاء الرقمي الجزائري ”
إن صمود الجزائر وحماية جدار أمنها الرقمي من مختلف التهديدات القادمة من خارج فضائها الافتراضي دليل على قدرة ونجاعة وكفاءة الاستراتيجية الأمنية المنتهجة من قبل المؤسسة العسكرية ممثلة في مديرية الإعلام بوزارة الدفاع الوطني، حيث مكّنت الاستراتيجية المنتهجة الجزائر من صياغة سياسة أمنية في الخصوص ذات أبعاد استباقية ووقائية، مما زاد ذلك على توسيع دائرة احتواء التهديدات الأمنية بالفعل بدلاً من رد الفعل.
وترى الباحثة “بوسيف ليندة” أنّ مديرية الإعلام بوزارة الدفاع الوطني تتبنى استراتيجيات اتصالية حديثة وفعالة تأتي في مستوى المهام والإنجازات التي يحقّقها الجيش الشعبي الوطني في التصدي لكل الحملات الشرسة التي تُشنّ على الجزائر من أجل تشويه صورتها في المحافل الدولية والإقليمية، كما تؤدي دورا مهما في تفنيد كل الأخبار الكاذبة والشائعات التي ينشرها تجار الفتن وتعمل مخابر معادية على صناعتها، فهي اذن تشكل عنصراً فعالا للتصدي لكل هذه الحملات العدائية والدعائية التي تستهدف أمن و استقرار الدولة بمختلف مؤسساتها السيادية، والتي تزايدت مؤخرا مع توقيع المخزن اتفاقية عسكرية وأمنية مع الكيان الصهيوني ، لتشكل بذلك نديرية الإعلام جبهة ميدانية في التصدي ومجابهة الحملات التي تطال الفضاء الرقمي الجزائري، فيما تتواصل جهود المؤسسة العسكرية في كل المواقع حماية لأمن الجزائر واستقرارها، بعد أن رسمت أروع الصور في تلاحم الجيش مع شعبه في مختلف المحن والأزمات.
أخبار دزاير : بوبكر سكيني