كان كل الصدى الذي صاحب تغريدة ترامب حول الصحراء الغربية خلال ساعات ولايته الأخيرة بسبب مخالفتها للقانون الدولي الإنساني، ومناقضتها لديمقراطية أمريكا نفسها ومبدأ تقرير المصير كحق عالمي بُنيت أمريكا العظمى على أساسه.
واشرأبت الأعناق حين تولي بايدن رئاسة أمريكا تطلعا لمصير التغريدة المُنكرة، وقرارات ترامبية أخرى غير موفقة؛ منها إلغاء الإتفاق النووي الأمريكي الإيراني، والقوانين المجحفة حول الهجرة.. خاصة بعد المخاض العسير الذي خاضه مصير الرئاسة الأمريكية،قبل أن ينسل بصعوبة من بين مخالب ترامب المعتوه، وكلنا يعرف أحداث الكونغرس ودعوة ترامب أنصاره للعنف رفضا لنتيجة الانتخابات المدوية بسقوطه.
وكان بايدن قد تنصل منذ يومه الأول بالبيت الأبيض من كل التزامات سلفه غير الملتزم رغم كل توقيعاته الطويلة الكاريكاتورية المُذيلة للعديد منها، لكن مصير تغريدته حول مغربية الصحراء الغربية التي لم تناقش بمجلس الشيوخ ولم تكتب بوثيقة تحمل توقيعه المضحك، نالت حصة الأسد من أسئلة الصحافة وتحليل المحللين السياسيين وكل متابعي الصراع المغربي الصحراوي.
حذفت الإدارة الأمريكية الجديدة إعلان ترامب غير القانوني من بين ما حذفت من أرشيفه، ومع ذلك ظلت التغريدة إياها والمرتبطة بالتطبيع المغربي الاسرائيلي كثمن لها بقيت عالقة، وكلما سئل مسؤول بالخارجية الأمريكية عن مصيرها أجاب : لا تحديث.
وأجمع جل المتابعين للقضية الصحراوية على أن إدارة بايدن ستجمد مضمون التغريدة دون التصريح بإلغاء فحواها أو حتى الحديث عنه، وهذا ما ظهر فعلا خلال أول جلسة لمجلس الأمن تحضرها الإدارة الأمريكية الجديدة، ومن خلال رفض الكونغرس لصفقة الطائرات المسيرة الموجهة للمغرب، وكذلك وقف مشاريع ترامب الاقتصادية بالصحراء الغربية وأيضا من خلال التصريحات المتتالية المؤكدة على إلتزام أمريكا بقرارات الأمم المتحدة ودعمها للمخططات الأممية حول الصحراء الغربية.
لقد دفع المغرب لقاء تغريدة ترامب ثمنا باهظا، ورغم تأكد نظام المخزن من سقوطه في وحل التطبيع دون مقابل، استمر في الغرق فيه أكثر فأكثر، فشرعت الرحلات الجوية المباشرة بين المغرب وفلسطين المحتلة ” اسرائيل “، واستتبت مكاتب القنصليات والبعثات الدبلوماسية بينهما، ويجري حديث دائم عن زيارات وزارية رفيعة المستوى متبادلة بين نظامي الاحتلال، كل هذا سعيا لتثبيت تغريدة زائلة.
اليوم، وبما أن نظام الاحتلال المغربي يصر على الاحتفاء بتغريدة ترامب واعتبارها إعلانا لا رجعة فيه، يأتي بايدن في تغريدة جديدة ناسخة لتلك الترامبية المقدسة لدى المخزن، تغريدة على التويتر حول وباء كوفيد وانتشار الدعم الأمريكي عالميا لمكافحته، وأرفقت التغريدة بخارطة العالم، وبها تظهر الصحراء الغربية بحدودها المعترف بها دوليا والمملكة المغربية بحجمها المعترف به كذلك.
هل أراد بايدن قطع الحلم المغربي التوسعي بضم الصحراء الغربية عنوة المعلق بتغريدة ترامبية بأخرى منه، والإجابة عن سؤال المغاربة المكرر حول اعلان ترامب البائد ومدى تثبيته من قبل بايدن ؟؟؟ قد لا تكون الإجابة بنعم صريحة، لكن النفي غير وارد أيضا، ذلك أن النتيجة ثابتة لا تقبل التحول؛ تغريدة بايدن نسخت تغريدة ترامب، وعلى المخزن ونظام احتلاله الصحراء الغربية التوقف عن اجترار البهتان والبكاء بصمت على تطبيع صهيوني عاشوه سرا لعقود وأخرجته تغريدة معتوه للعلن دون مقابل.
بقلم: النانة لبات الرشيد
مستشارة الرئيس الصحراوي، مكلفة بملف الوطن العربي