يبدو حزب جبهة التحرير الوطني “متقدما” على الجميع في الأيام الثلاثة الأولى من عمر الحملة الانتخابية الخاصة بالاستفتاء على تعديل الدستور ، فهو يخوض حملة انتخابية بمنتهى الجدية والانضباط، على عكس غيره من الأحزاب التي تبدو في نشاطات متقطعة، ليس يجمع بينها إلا صور قادتها وهي تظهر في قاعات شبه فارغة تستجدي المواطنين للتصويت بنعم على مشروع تعديل الدستور..
ووفق المتابعين للمشهد السياسي، فإن الأفلان شكل الاختلاف عن غيره عن ، فبعد أن نشط أمينه العام بعجي أبو الفضل تجمعا شعبيا تحضيريا للحملة الانتخابية بمدينة وهران الأسبوع الماضي، واعتبر شهادة “عودة” للنشاط السياسي المفتوح، قادذ أبو الفضل بعجي “دورية نحو الشرق” في حملة الاستفتاء على الدستور الجديد، بعد افتتاح كان ناجحا في مدينة القليعة بولاية تيبازة.
بعجي الذي نزل إلى شلغوم العيد بولاية ميلة، يوم الخميس، ومنها إلى قسنطينة ثم سكيكدة في يوم الجمعة، أصبح يغرد خارج سرب الطبقة السياسية المهترئة والمتعثرة، والتي تبدو متأخرة كثيرا عن قطار الإصلاحات الذي أطلقه الرئيس عبد المجيد تبون، لكن الأفلان أحسن “استغلال” فرصة الحملة الانتخابية التي تبدو كأنها “نزلت عليه من السماء” ليتصالح مع نفسه ومع المناضلين ويقترب من الشعب أكثر بخطاب أكثر وضوحا وإقناعا يقوم على التبرؤ من السياسات السابقة وإدانة تغلغل المال الفاسد في دواليب الحزب، والتعهد بالتصدي لهذه الانحرافات وإعادة السلوك السياسي في الحزب إلى أسسه الأخلاقية، وهو الخطاب الذي يحسنه بعجي ويتفاعل معه إطارات الحزب في الولايات الذين وجدوا أنفسهم خارج الإطار بعد أن أصبح مصير الحزب بيد القوى غير الدستورية في السنوات الأخيرة..!!
وقد أظهرت حملة الاستفتاء على الدستور أن الأفلان يعرف ماذا يفعل جيدا في هذه المرحلة الحساسة، ولعل الانتصار الكبير الذي حققه الأفلان بقيادة أبو الفضل بعجي هو أنه أصبح منتجا لخطاب جديد قوامه أخلقة الممارسات، وهو ما أفشل رهانات خصوم الحزب (في مختلف المواقع) ـ حسب المتتبعين ـ بعد أن خابت آمالهم في أن يقوم المواطنون بإفشال تجمعات الحزب في الولايات، بل بالعكس فقد أظهرت كاميرات الصحافة أن أبو الفضل بعجي يتم استقباله بكثير من الحفاوة أينما حل وارتحل..
لقد كان أكبر المتفائلين من قيادات الحزب العتيد ينتظر أن يكون ظهور الحزب في الحملة الانتخابية خفيفا ولا يثير الانتباه من أجل تلافي الهجمات والمواجهة مع الشعب، لكن الذي تحقق كان أكبر من كل هذه التوقعات، فالحزب استعاد حيويته، ورمم علاقته مع الشعب، وأثبت أنه أصلح خطابه السياسي ورؤيته للأحداث..
والأكثر من ذلك أنه أثبت (لمختلف الأطراف) أنه مايزال رقما محوريا في المعادلة السياسية بل إنه سيكون أقوى من ذي قبل باستمرار عملية الإصلاح الداخلي التي يقوم بها أبو الفضل بعجي..
أخبار دزاير: عيسى. ض